Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/06/2010 G Issue 13779
الأحد 08 رجب 1431   العدد  13779
 
رجل.. كان (يُقبِّل) رءوس (رجال المرور)..؟!!
حمّاد بن حامد السالمي

 

قضيت عدة أيام في العاصمة الرياض قبل أسبوعين، وسعدت فيها بزيارة مركز الأمير سلمان الاجتماعي، ولقاء معالي الشيخ (عبدالله النعيم) وجمع من زملائه، وحظيت كذلك، بزيارة ورؤية أصدقاء كثر في العاصمة، إلا أني .....

....حملت معي إلى الطائف، هذه الرسالة الأدبية، التي أوجهها بدوري إلى المديرية العامة للمرور، وإلى رجال المرور كافة؛ فلعل لديهم ما يقولونه عما ورد فيها.

- كاتب هذه الرسالة هو الأديب والصديق الأستاذ (منصور بن عبدالله العمرو) الذي يقول فيها: أتمنى لك إقامة «سعيدة» في الرياض، وليتك تنتظر بعض الوقت، لترى كيف هي هذه المدينة الحبيبة في وسط هذا الشهر الميلادي «يونيو» وفي آخره. عموماً أيها الصديق.. أرجو أن تسمح لي أن أطارحك شجناً قد يصل إلى أن يكون «غصة» في حلوق الكثيرين.

- هل تذكر يا (أبا أكرم)، يوم كان جهاز «المرور» في «الميدان»، يمارس دوره المنوط به، والذي أنشئ لأجله؟ حيث كان يؤدي المطلوب منه، وفق المهام المحددة له في تطبيق النظام، ومتابعة تطبيقه وتنفيذ تعليماته.

-كان المرور يطلب رخصة القيادة ورخصة سير المركبة - الاستمارة - ويطلب من السائق الضغط على المنبه، فإذا وجده مزعجاً، يقوم بفكه وإتلافه، وإذا كانت اللوحات عليها أية ملاحظة، يتم تنبيه السائق، وربما يتم الإصلاح بشكل فوري، وإذا حدث أن قطع سائق إشارة، أو وقف في مكان ممنوع، فإنه إذا كان ولا بد، يعطى قسيمة مخالفة، ويؤخذ توقيعه بالاستلام، ويكون التسديد متاحاً دون التقييد بفترة محددة بشكل ضيق، ودون أن يكون هناك تلهف لمضاعفتها.

- أذكر يا (أبا أكرم).. أنه أثناء عودتي من الطائف إلى الرياض، لحقت بي إحدى سيارات المرور في مكان صحراوي في الطريق، وطلبت مني التوقف. عندما توقفت ونزلت، كان الجندي قد سبقني بالنزول من سيارته ومعه كشاف، واتجه إلى أحد إطارات السيارة يتفحصه، وسلمت عليه وانتظرت ماذا يفعل؟ فإذا هو يفاجئني بعد تبادل السلام والتحيات، بطلب مفتاح العجل، ساعتها لا أخفيك، داخلني بعض الخوف، وهمست لإحدى بناتي بأن تهاتف بالجوال، وكان هذا في بداية خدمة الجوال، يوم كانت شريحته بعشرة آلاف ريال! وأن تخبر أحد الأقارب بالخبر، وتبقي الخط مفتوحاً وتدردش معه، وكانت الدقيقة بريال ونصف على ما أذكر، وأخذت المفاتيح، وفتحت شنطة السيارة، وأخرجت مفتاح العجل وقلت له: خير.. هذا مفتاح العجل.. فقال وهو يتناوله مني وأنا أبتعد عنه: دقيقة لو سمحت، وفوجئت به يتجه إلى ذلك الإطار، ويقوم بشد مساميره، وكان هناك مسماران احتاجا إلى جهد واضح لكي يقوم بشدهما، وبعد أن ناولني المفتاح، قام بتحسس الإطار من الداخل والخارج، وسألني: ألم تلاحظ اهتزاز السيارة وأنت تسوق عند سرعة 120 أو حولها؟ فضحكت وقلت: أنا لا أصل إلى هذه السرعة، وبعض زملائي ينطلقون بعدي من الطائف ويصلون قبلي إلى الرياض..!

- قال لي: لاحظت أثناء سيرك أن الإطار يهتز بشكل خفيف، وأنت معك عائلة، ورأيت من واجبي أن أتأكد من السبب. الحمد لله الإطار ليس به انتفاخات أو تشققات، ولعل السبب هو عدم ربط المسامير بشكل جيد. على كل حال؛ أنت توكل على الله ولا تتجاوز السرعة المحددة، وإن لاحظت أن السيارة تهتز، أو «دركسونها» كذلك عند سرعة معينة، فإنه (لازم تروح لأقرب ورشة، وأنا بمشي وراك شوية. الله يستر عليك)، في تلك اللحظة، لم أتمالك نفسي، بأن أطبق على أذنيه بكلتا يديّ وأنا أصر على أن أقبل رأسه وهو يمانع، ولكني تمكنت من ذلك، ورفعت يدي بالدعاء له بما أرجو من الله قبوله، وودعني وهو يدعو لي: (الله يستر عليك).

- هذا حين كان «المرور» يحس أنه للمواطن ومع المواطن ومن أجل المواطن، لكن.. ما الذي حدث لكي «تختل» هذه المعادلة، وتبدو الأمور وكأن المرور صار ضد «المواطن»..! لماذا صار في المرور وحدات «سرية» وكأنه تحول إلى جهاز استخباراتي..؟!

- إن المرور جهاز واضح المهمات والمسؤوليات، ونظام المرور واضح في المواد واللوائح، فهو يقنن الأنظمة والتعليمات، ثم يتابع تطبيقها في الميادين بشكل علني وواضح، وليس من مسؤوليته أن يتساهل في الظهور العلني، ويترك الناس ليقعوا في المخالفات ثم يتصيدها عليهم، وأن يتخلى عن المتابعة، ولا يقوم بمهامه الميدانية، ويترك «الدرعا ترعى»، إلى درجة تجعل بعض الناس يستخف بالأنظمة المرورية أو يتناساها أو يتجاهلها، أو حتى يتعمد ذلك، فإن ذلك مسؤولية المرور نفسه، وهي لا تبرر له أن يتربص بهم بشكل سري؛ فهذا عين الخطأ، ومن حق المواطن أن يكون له حقه في الاعتراض عندئذ.

- يكفي أن أشير إلى أنه عندما يكون عند الإشارة أو التقاطع جندي مرور؛ فإن الانضباط يكون عندئذ موجوداً، ولا تكون هناك تجاوزات.

- حين يكون «المرور» واضحاً وعلنياً وفعالاً، فمن حقه حين يرصد استهتاراً بالأنظمة، أو تجاوزاً لها، أو اعتداء على حقوق الآخرين في الطريق العام.. من حقه أن يضرب وبيد من حديد، وسيكون معه كل الحق.

- وإذا كان علينا أن نقبل مرغمين بهذه «السرية» في عمل المرور، فلماذا «الاعتساف» الذي يرغمنا على القبول بأخطاء التطبيق أيضاً؟ ادفع خلال مدة معينة، وإلا سوف تتضاعف الغرامة..! وبمجرد تسجيل المخالفة، يتم إيقاف إنهاء إجراءات أية معاملة مرورية أخرى للمواطن حتى تسدد الغرامة.. ألا يعتبر هذا «اعتسافاً» لا مبرر له من جهة حكومية تجاه المواطنين..؟ ونقطة سلبية تحرم المواطن من حقه في إيضاح وجهة نظره وتظلمه..؟

- إن هذا هو ما يجعل البعض يتندر بالقول: إن المرور أصبح جهاز «جباية»، بل إن أحدهم اقترح أن يتم إلحاق «المرور» ب»مصلحة الزكاة والدخل»..!

- عندما بدأت الاستعدادات لنظام «ساهر»، توالت عليّ رسائل الجوال بضرورة تحديث بياناتي؛ فاتصلت بالمرور، وسألت عن المطلوب في تحديث البيانات؛ فقيل لي المطلوب رقم الجوال فقط فقلت: إن رقم جوالي لم يتغير، وإنه هو المكتوب في أوراق الرخصة وأوراق رخص سير سياراتي، وجاءني الرد واضحاً لا لبس فيه: (خلاص.. أبيض عليك).. في هذه الحالة لا تحتاج تحديث بيانات.

- وقد فوجئت بوجود مخالفة «سرعة» عليّ عن طريق الصدفة فضحكت وقلت: تأكدوا يا جماعة، أنا لست آخر واحد يسرع، أنا الذي بعده، لكنهم أكدوا لي المخالفة، وأنها على السيارة الفلانية، وتبين أنها السيارة التي يقودها السائق، وحين اعترضت على أنه لم يصلني عن أمر المخالفة شيء، أملوا عليّ الرقم الذي قالوا إن الرسالة أرسلت إليه، فتبين أنه رقم كبرى بناتي.

- وحين خانقت ابنتي على عدم إخباري، فوجئت بها وهي في ثياب الصلاة تقسم على المصحف، بأنه لم يصلها شيء، وذكرتني بأنها تطلعني على العديد من الرسائل، حتى الرسائل البذيئة، حيث أقوم بالذهاب إلى أحد الأصدقاء في المكتب القريب من شركة الاتصالات، وأطلعه على الرسالة، وأقدم الشكوى، ويتولى هو إتمامها.

- ولم أجد بداً من مراجعة أحد المسئولين الكبار في المرور، فوجد أنها ليست مخالفة واحدة وإنما اثنتان، وأن الإشعار بحدوثها أرسل إلى نفس الرقم، وحين اتصلت بابنتي من عنده، أقسمت أيضاً بأن الإشعار الثاني لم يصل أيضاً.

- وبعد بعض الوقت، أوضح لي المسئول نفسه، أن نظام «ساهر» أفادهم بأنه تم إرسال رسالة بكل المخالفات إلى ذات الرقم، وأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً! وأن عليّ أن أراجع شركة الاتصالات لعدم إرسالها الرسالة!

-تصور يا (أبا أكرم)، أن نظام «ساهر»، ومن خلال لوحة سيارة فقط، استطاع أن يحصل على كافة المعلومات «البرنت»، وأن يسجل المخالفة عليّ، وتجاهل تماماً رقم جوالي الموجود في «البرنت»، ولم يرسل بيان المخالفة إليّ، واختار أن يرسل الرسالة إلى جوال آخر لي كما يزعم! وقال زوراً وبهتاناً: أنه أرسل الرسالة بالمخالفتين إلي! أيحدث هذا في دول أخرى تحترم مواطنيها..؟!

- وحين اتصلت بأصدقاء في شركة الاتصالات وأخبرتهم، بأن سعادة «مسئول المرور»، رمى الكرة في ملعبهم، وطلب مني مراجعتهم بهذا الشأن قالوا: هذا استهتار بك أيها الشيخ المتقاعد، الذي تتوكأ على عصاك..!

- قالوا لي: جرّب وأرسل رسالة من أي جوال إلى الجوال المستهدف، فإذا لم تصل؛ فسيكون لكل حادث حديث. فعلت وأرسلت، ووصلت الرسائل بشكل فوري، وجاءني الرد عندئذ ثم قيل لي: (سلم لنا عليهم)..!

- فلمن أشكو حالي بعد الله..؟ دلني يا (أبا أكرم) جزاك الله خيراً، إلى مَن ينصفني في هذه المسألة، واسلم لأخيك.

- ختاماً.. تسألني (أبا عبدالله)، وأنا بدوري أسألك: هل ما زلت عند عادتك (القديمة) في تقبيل رءوس رجال المرور..؟!!

- ثم إذا فعلت وقبّلت من جديد، ألا تخشى ضبطية (نوعية) من (ساهر)، تسقطك وعصاك أرضاً، وربما تسقط البقية الباقة من شعر رأسك..؟!



assahm@maktoob.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد