أيام لا تُنسى محفورة في ذاكرتي من أيام ريعان الصبا من ذكرى الملك الصالح -رحمه الله تعالى- صاحب الذكر الطيب حياً وميتاً... كانت أياماً من أسعد أيام الصبا حيث كنت أرافق فيها والدي (محمد بن حمد الدوخي) الذي عهد إليه الملك خالد -رحمه الله تعالى- مسؤولية بعض المهام في رحلاته البرية والمقناص والثمامة.
لقد كان لي الحظ أن تشرفت بالسلام على الملك خالد -رحمه الله- عدداً من المرات خلال ثلاث السنوات الأخيرة من حكمه، وكان حقاً مَلِكاً في تواضعه الجمّ وملكاً في قمة بساطته في التعامل مع الكبير والصغير، وكانت تلك عناوين محبة الناس لهذا الملك الصالح. كان رحمه الله كثيراً ما يداعبني، وبحكم أنني توأم مع أخي كان أول سؤال منه -رحمه الله- لي: هل أنت من التوأم؟ فقد ولدت بحي الرويس بجدة حيث كان منزلنا بجوار قصر الملك خالد -رحمه الله- وكنت أحرص على مرافقة والدي في معظم رحلات البر والمقناص ورحلات الثمامة الأسبوعية، وكنت أنتظر يوم الأربعاء بشوق كبير وأعد الساعات حتى ينتهي دوام المدرسة لمرافقة والدي للذهاب إلى الثمامة والعودة يوم الجمعة عصراً.
وفي الطائف كان لنا مع الملك الصالح ذكريات لا تمحوها سنوات الزمن، فقد كنت أحرص على صلاة التراويح في مسجد الملك خالد داخل قصره بالخالدية خلال شهر رمضان، وأحضر للصلاة مبكراً وأجلس بمكان قريب لأتمكن من رؤية الملك خالد -رحمه الله- لأن الإنسان لا يشبع من النظر إلى مثله مهما أطال النظر في محياه الطيب وابتسامته التي كانت لا تفارقه.
إلا أن سنة الله في خلقه ماضية (عاش الملك الصالح مات الملك الصالح)، بهذا العنوان المؤثر خرجت الصحيفة في صبيحة ذلك اليوم الحزين على الوطن تنعى لنا هذا الملك الصالح.. لقد بكيت كثيراً على وفاته لأنني لن أتمكن من رؤيته مرة ثانية.
خيراً صنع أبناء الملك الصالح في إحياء ذاكره لسنوات أظلت وطننا كانت سنوات خير وبركة عاشتها أمتنا في ظل حكمه -رحمه الله- فشكر الله جهودهم لمختلف الفعاليات التي تبرز سنوات حكمه، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.