Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/06/2010 G Issue 13779
الأحد 08 رجب 1431   العدد  13779
 
كل المدارس فاشلة!
شاكر بن صالح السليم

 

حينما يذكر التعليم العام، يتبادر للذهن وضع الصناعات والكوادر البشرية وكل المشاكل البشرية، ولا يخلو استعراض وضع التعليم مع ما ذكرت من تهجم على التعليم، وسلب إنجازاته.

هل التعليم مسؤول عن الإبداع؟!

التعليم مسؤول عن الإبداع ولكن إلى حد ما، أما مواصلة الإبداع وإنجاز الإبداع واستمراره وقطف ثماره فليس التعليم ميدانه.

حينما يذكر التعليم والإبداع.. يغيب الإبداع التربوي والتعليمي، بسبب التركيز على ضرورة دعم الإبداع، ونسيان إبداع المعلم وإبداع الميدان.

«الإبداع التربوي والتعليمي» شأن وكيان مستقل عن الإبداع الخاص أو العام أو المحدد في مجال ما، حينما يبدع الطالب في تركيب الروبوت «robot» على سبيل المثال، فلا يمكن أن يصنع إبداعه داخل الميدان التربوي، بل يحتاج إلى مؤسسات خاصة وجهات راعية، وهذا ما يحدث بالضبط.. ولم أسمع أن تركيب الروبوت «robot» تم في مدرسة ما.

لا يجوز بحال فصل إبداع الطالب عن المدرسة، فهي من صنعت هذا المبدع أو من شاركت في صناعته وتقديمه، ولكن الوضع يتطلب ربطه بمؤسسات أخرى من أجل استمرار إبداعه.

اكتشاف الموهوبين والمبدعين يتم عبر قنوات متعددة وأهمها المدرسة، إذاً هذا هو آخر دور للمدرسة، تقديم المبدعين واكتشاف الموهوبين، وليس في المدارس مقررات وأنشطة داعمة للمبدعين ولا يجوز أن يثقل كاهل المدرسة بكل ما يحتاجه المبدع، وأقول بكل ما يحتاجه المبدع، ولا يعني ذلك حرمان المبدع من بعض حقوقه داخل المدارس، بل من وسط ميدان التعليم العام إلى حاضنات للإبداع والتميز، ومن ثم الصناعة.

كُتَّاب من معشر أساتذة الجامعات يشعرون المجتمع بأن المدارس فاشلة كل الفشل، عبر كتاباتهم الدورية، ولا ينظرون لما أفرزته المدارس من مبدعين ومميزين، وكأنهم يريدون تحويل كل الطلاب إلى مبدعين ومميزين، وهم بذلك يعارضون السنن الإلهية والفروق الفردية، ويتكاثرون وجود مبدع في مدرسة ما، أو يعظمون ذلك، ولكنهم يتباكون لعدم وجود أمثاله في كل المدارس، وهذا اسمه «خرط فاضي» فالمبدع لا يمكن أن يوجد في كل مكان، والعذر متاح للمدارس التي لا يوجد فيها مبدع، فهذا قدرها، ولكنها لا تعذر إن وجد مبدع فلم تقدمه للجهات المسؤولة عنه.

مثل أولئك الأكاديميين كما أحب تسميتهم، يرحب بهم في صحفنا ويظل بعضهم يجلد في المعلمين.. وهم لم يقدموا الفرق في صناعة المعلم السعودي!

أتمنى أن تشعر وزارة التربية والتعليم بالفرق بين وجود المبدعين وتقديم إبداعهم ومخترعاتهم وإنتاجهم، وبين تقديمهم للمصانع ومن يتبنى ابتكاراتهم، أو بالفرق بين التوقف عن تقديم ابتكاراتهم وبين المطالبة بتصنيع ما ابتكروه، وليس بالضرورة أن تقوم بكل الأدوار، ولكنها مطالبة بتقديم الأفكار أو المشاركة في ذلك.

يفترض أن تتجاوز وزارة التربية والتعليم معارض الابتكار إلى معارض المصانع، وإذا كان لدينا معرض ابتكار 2009 و2010، فالمطلوب أن تعمل وزارة التربية والتعليم مع أرامكو من أجل تقديم العمل على الكلام.

الابتكارات الطلابية قديمة ولم توجد في عام 2009 ولا في 2010م، وآن الأوان أن نسمع عن معرض صناعة الابتكار 2011م، وحاضنات للطلاب والطالبات ورعاية تامة وكاملة، وأقترح أن يكون عنوان المعرض القادم: «معرض صناعة الابتكار 2011 م الأول».

شركة أرامكو والتي تعمل مع وزارة التربية والتعليم في معرض ابتكار، عملت على إنجاز ما هو أهم من المعرض، وهو تقديم ابتكارات موظفيها، فأين ابتكارات المعلمين والمعلمات؟! وأين أفكارهم الخلابة؟!

في عام 2002م بدأت أرامكو بحصاد ما عملت من أجله، فحصر الابتكارات والأفكار ليس هو المنجز النهائي لدى أرامكو، وليس هو وليد اللحظة أو لم يكن ناتجاً في معرض الابتكار الأول عام 2009، بل إن عمل أرامكو قديم، حيث أنشأت إدارة مستقلة تُعنى بالابتكار قبل عام 2002 م، فهل لدى وزارة التربية والتعليم إدارة تُعنى بالابتكار التربوي؟!

بل إن شركة أرامكو حصلت على أكثر من ملياري ريال سعودي، كعائد من الابتكارات التي جمعتها عبر إدارة الابتكار، والتي تعمل بنظام إدارة الأفكار.

فمتى نسمع عن نظام إدارة الأفكار عبر إدارة تُعنى بالابتكار التربوي، ليشارك في ذلك المعلم والمسؤول والجميع، وبطرق وقوانين تحفظ للمبتكرين والمبدعين حقوقهم وبخاصة المعلمين؟!

إذا استطاعت وزارة التربية والتعليم محاكاة أرامكو وتقديم ابتكارات المعلمين والمعلمات.. فالبشرى خير إن شاء الله، وإذا فشلت فمعنى ذلك أنها ستبقى رهينة لشراكة أرامكو في معارض ابتكار القادمة.

ستظل أرامكو تفاخر بموظفيها وبما يمكن أن تحصده من استثمارات، بل إنها حققت اقتصاد المعرفة بسهولة وعبر شراكة ضخمة، وربما استقطبت طلاب وطالبات التعليم العام لمصانعها وبراءات الاختراعات عن طريق بواباتها الإدارية المحترفة وتركت أساتذة الجامعات، يغنون على ليلاهم «كل المدارس فاشلة».



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد