Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/06/2010 G Issue 13783
الخميس 12 رجب 1431   العدد  13783
 

أيها الراحل عبدالله الهريش: كم فجعنا برحيلك السريع
حمد بن عبد الله القاضي

 

(تقدرون وتضحك الأقدار!).

ما كنت أعلم أنني عندما التقيت به قبل أيام من رحيله ووعدته باللقاء خلال الأيام القادمة، أنني بدلاً من ألتقي به يأتيني خبر فراقه للدنيا قبل اللقاء به.

لقد امتزج تهدج صوت صديقي وصديقه أ. سليمان بن محمد المقبل وهو ينقل إلي خبر انتقال الرجل الفاضل عبدالله بن عمر الهريش (أبو سامي) إلى رحمة الله.. ولم أكن لأصدق لولا إيماني بالله ويقيني أن الموت حق {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (سورة الأنبياء آية 34) صدق الله العظيم.

هذا الرجل الراحل من النادرين: وفاء وأدباً وإحساناً وتواضعاً.. لقد جمع أجمل الشمائل وأنبل الأخلاق وأفضل الشيم.. كلّ من عرفه أو عاشره أو سافر معه -رحمه الله- يدرك ذلك فلا يملك إلا أن يحبه، لقد كان بشوشاً عند اللقاء، كريماً في العطاء، متسامحاً عند التقصير.

لقد أكرمه الله بالدنيا بسعة الرزق، فكان يبذل بصمت.. ويحنو على المحتاجين دون أن يعرف أقرب المقربين إليه.

وقد كان متذوقاً للكلمة الجميلة محباً للشعر المضيء، وطالما كانت بيني وبينه -رحمه الله- أحاديث مخضبة بالشعر سواء عند المهاتفة بيننا أو عند اللقاءات المتباعدة التي تجمعنا.

لقد حزّ في نفسي أنني كنت أنوي زيارته في جلسته الأسبوعية وفي كل مرة يشغلني أمر أو يحبسني حابس عن ذلك وكلما التقيته لا أجده -رحمه الله- يعتب أو يلوم بل يكرر دعوته المؤطرة ب(ابتسامته) المشرقة على محيّاه البهي والتي أسأل الله أن تكون هذه الابتسامة رفيقته في جنة المأوى.

يا أيها الراحل العزيز بشراك كما قال الشاعر رشدان:

بشراك غرس لا يغيب غمامه

ودعا يتامى هدّهم تسهيد

أبا سامي: كلنا راحلون، فقط أنت سبق موعد رحلتك موعد رحلتنا.. وإلا فإن ذات المحطة التي سافرت إليها السفرة الأخيرة هي ذات المحطة التي سنلقاك فيها: رحاب المولى في دار نعيم لا فراق ولا سقم ولا أحزان فيها.. وإن عزاء أبنائك وبناتك وحرمك وكافة محبيك أنك رحلت بذكر عاطر في الدنيا وأجر موفور ستجده -بحول الله- أمامك في الآخرة.

وما أصدق الحكيم الذي قال:

وما الموت إلا رحلة غير أنها

من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي

أيها الراحل الغالي أبو سامي الهريش: لكم نشعر بالشجن على رحيلك.. وكم تبْهت الدنيا عندما يغادرها الأخيار من أمثالك.. لكن حسبنا بالإيمان باعثاً للسكينة في قلوب كل من أحبوك.. إننا ندرك أنه لا بد للقرناء أن يتفرقوا.. وقد صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما وصف لنا (بلسماً) يجعل الأحزان تتقلّص في جوانحنا عندما نفتقد الأعزاء علينا.. ذلك البلسم هو قوله (أحبب حبيبك هوناً ما فإنك مفارقه).

اللهم ارحم الغالي الأستاذ عبدالله الهريش.. اللهم أبدله داراً خيراً من داره، اللهم وأفسح له في قبره، واجعل مآله الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم ووفق أبناءه وبناته على البر به بعد رحيله بإحياء ذكره بالدعاء الصادق والسير على نهجه بأعمال البر ومساعدة الثكالى واليتامى والمحتاجين، اللهم واجمعنا به في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد