Al Jazirah NewsPaper Friday  25/06/2010 G Issue 13784
الجمعة 13 رجب 1431   العدد  13784
 
استعراض لكتاب عن الطّلاق بوصفه مشكلة اجتماعية
د. محمد بن سعد الشويعر

 

من الكتب التي تعالج أموراً اجتماعية هذا الكتاب، الذي شارك في إعداده أصحاب الاختصاص من الجنسين رجالاً ونساء، وعلى درجة من الدراية والوعي،

والعلم في المجال النافع، الخاص لكل حالة، وعلماء الشّريعة منحهم الله من الفَهْم والوعي لعلومها، وفق كتاب الله وسُنّة رسوله.

وفي المجال الأسري نساء لهن فَهْم وإدراك بالوضع الاجتماعي للأسرة السعودية لمعالجة الأمور الطارئة بين الزوجين بما تتقارب به الأذهان؛ لأن الله وهب بعض الناس ذكاء وقدرة على الشؤون الأسرية وفهمها، دراسة ومتابعة؛ لإدراك ما يجول في الأذهان والتعرف على مبعث المشكلات؛ إذ ما من مشكلة إلا ولها حل، وقد جعل الله لكل شيء سبباً.

فالكتاب المعني هو: الجزء الرابع من سلسلة دليل الإرشاد الأسري: مشكلة الطلاق، وكيف يتعامل معها المرشد الأسري من إعداد نخبة من المختصين والمختصات، وصدر بتاريخ 1431هـ 2010م بالإشراف العام علمياً وتحريرياً للدكتور عبدالله بن ناصر السدحان.

يقع هذا الكتاب بحجمه المتميز وطابعه الموحد بأجزائه الأربعة في 392 صفحة مع الفهارس.

بدأ الكتاب، وقبل البسملة، بأسماء من شارك في الإعداد، وعددهم من الجنسين ستة عشر مساهماً ومساهمة، مرتبة أسماؤهم أبجدياً، وهم 4 نساء، و12 رجلا، وراجعه اثنان هما: أ.د. محمد بن مسفر القرني عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى رئيس قسم الخدمة الاجتماعية فيها سابقاً، والآخر هو أ.د. صالح بن محمد الصغير أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود المستشار بوحدة الإرشاد الاجتماعي سابقاً.

وجميع الحقوق محفوظة لكل من طُبع الكتاب على نفقته وهما: مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج، ومؤسسة آل الجميح الخيرية، وقد جُعل شعاراهما على جنبات الغلاف الأول من الخارج، ومن باب الحيطة والاحتراز جاء تحت البسملة في ص3 عبارة: جميع الأفكار الواردة في هذا الدليل تعبر عن وجهة نظر كاتبها.

وفي المدخل أبان المشرف على هذا الدليل الآثار الواضحة الطيبة المؤثرة، بعد صدور الجزء الأول من سلسلة الإرشاد الأسري في عام 1425هـ، الذي كان بعنوان «الإرشاد بالهاتف» لدى المختصين على الساحة الإرشادية، فأتبعوه بالجزء الثاني بعنوان (الإرشاد بالمقابلة)، فلقي اهتماماً كبيراً والرضا من المتلقين، فكان إصدار الجزء الثالث الذي استعرض أبرز المشكلات الأسرية، وكيف يتعامل معها المرشد، وكانت أبرز المشكلات الأسرية الشائعة بحسب انتشارها: الطلاق الذي أُفرد له هذا الجزء الرابع، وكان التناول فيه لمشكلات الطلاق وكيف يتعامل معها المرشد الأسري. وجاء في هذا التنويه بالمشاركين والمشاركات وتخصصاتهم، وما يتميز به من له مشاركة مناسبة من المختصين من داخل المملكة، إضافة إلى مشاركات ثلاث من الكويت والإمارات العربية وقطر (ص5-7).

تبع ذلك سؤال: لماذا مشكلة الطلاق؟ وتقع الإجابة في ست صفحات كتبها د. عبدالله السدحان ود. خالد الحليبي، ثم أعقب هذا مبرر جاء في هامش الصفحة بأن حالات الطلاق في مناطق المملكة مسجَّلة رسمياً، وفي تلك الإجابة ناقشا الفارق في المعالجة لدور المرشد والمفتي؛ إذ لكل دوره، فليس للمرشد الحق في الفتوى الشرعية التي تحدد وقوع الطلاق من عدمه، كما أنه ليس للقاضي الشرعي القدرة التي يمتلكها المختص في تحليل المشكلة اجتماعياً ونفسياً، وربما كان تدخل أحدهما في شأن الآخر من أسباب تعقيد القضية، ووصولها إلى الطلاق البائن (ص9-14).

وفي الفصل الأول: الطلاق، الذي جاءت فيه كلمات الشيخين د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيش، وسعد بن عبدالعزيز الحقباني، مبينة الجوانب الشرعية: الأول بعنوان «الطلاق أهم أحكامه.. ضوابط تدخل المرشد الأسري» (17-38). والثاني بعنوان «المطلق وحقوق المطلّقة» (39-62). وفصَّلا في مقاليهما بالحق للمطلقة، وبالدور للمطلّق، وفق الواقع الشرعي من كتاب الله وسُنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وآراء علماء المسلمين المعتبرين.

وفي الفصل الثاني عنوان «حجم مشكلة الطلاق في المجتمع السعودي وخصائصها والنظريات المفسرة لها» من إعداد د. سليمان بن عبدالله العقيل. بدأ حديثه بمقدمة ثم دخل في موضوع العنوان وحجم القضية، وتفسيراتها، وما يرى لها من حلول.. وقد رأى أن في المؤسسة الزوجية، عندما يمارس الفرد الحياة الزوجية، ويسعى لها، 10 اعتبارات وأمور، إن تحققت استقامت الحياة الزوجية، أما إذا عجزت المؤسسة الزوجية عن تحقيق هذه الأمور أو بعضها بقرار أحد الزوجين أو كليهما فسيكون إنهاء الزواج، وستنفض بذلك العُرى بينهما (ص77).

لأنَّ هذا النظام الأسري لا يقوم بوظائفه بمعزل عن النظم الرئيسية الأخرى، كالدينية والاقتصادية والسياسية والتربوية غيرها، بل هو يعمل معها ومن خلالها (ص65-84).

وفي الفصل الثالث: إن الزواج قد جعله الله سبحانه آية من آياته، تعرَّضت له ببحثها د. أسماء بنت عبدالعزيز الحسين، وهي أخصائية أسرية؛ لتقول: إن الزواج قد جعله الله آية من آياته، لما فيه من الفوائد الإنسانية العظيمة، وعلى رأسها عمارة الأرض واستمرارية الحياة الإنسانية، إلا أن استهانة كثير من الناس بالطلاق، بحيث يكون لأتفه الأسباب، حيث إن الطلاق في دول الخليج في ارتفاع مستمر، ويبيّن ذلك الارتفاع ما جاء من النسب: قطر 38 %، الكويت 35 %، البحرين 34 %، الإمارات 46 %، من إجمالي حالات الزواج مؤخراً، وفي المملكة العربية السعودية من وزارة العدل عام 1422هـ يصل المعدل السنوي للطلاق إلى (3000) حالة، مع ما يحدثه الطلاق من أضرار وآثار نفسية واجتماعية رصدت منها 9 حالات (ص88). ثم عدَّدت المساوئ للطلاق بالنسبة إلى الزوجة والزوج، والآثار على الأولاد والمجتمع في موضوعها (ص85-105).

والفصل الرابع: (الآثار الاجتماعية الناتجة عن الطلاق) إعداد د. عبدالعزيز بن علي الغريب، وقد أورد في بحثه هذا ست حالات، أشارت بعض الدراسات إلى أن هذه من آثار الطلاق (ص110-111). وفي تحليله تحدث عن الآثار على الزوج، والآثار على الزوجة، وعلى الأولاد والمجتمع (112-123).

وفي الفصل الخامس تحدَّث البحث عن الآثار النفسية الناتجة عن الطلاق على الزوج والزوجة والأولاد من إعداد د. عبدالحميد بن أحمد النعيم، ويُعتبر توضيحاً وتقليلاً من الآثار التي وردت في الفصل الرابع قبله، إلا أنه جاء بزيادات توضيحية منه (127-152).

ويأتي الفصل السادس (أسس التعامل مع حالات الطلاق وتهيئة الزوجين لتحقيق الطلاق العلاجي) الذي شارك في إعداده خمسة من المختصين هم 4 رجال وامرأة، منها: أسس التعامل مع المسترشدين في حالات الطلاق، وتهيئة الزوجين لتحقيق التسريح بإحسان، مع توجيه الكلام للمرشد والمرشدة بما يحقق المصلحة (187-209).

وهكذا نجد حرص هؤلاء المختصين والمختصات فيما قدموا من جهود ودراسة وإرشادات في محاولة لتضييق نطاق الطلاق تفادياً لمساوئه، وخاصة على الأولاد، وانعكاسه على المجتمع، وكل منهم مجتهد لما ينفع الأسرة، ويعود على المجتمع بالاستقرار. فالموضوع مهم ونافع، ولعله بنشره في المجتمع يُحدث آثاراً على الأسرة بالتلاحم بدلا من الخصام بين الزوجين، وبالهدوء والتسامح بدلا من الهيجان والغضب، الذي ما إن تهدأ فورته حتى يحصل الندم ولات ساعة ندم، بعد أن حرص الزوجان على إرضاء الشيطان بالخصام ثم الانفصام، والتفكك الأسري، وارتكاب أبغض الحلال عند الله سبحانه، وما وراء ذلك من مساوئ.

وآخر خبر قرأته في عكاظ يوم 14-5-1431هـ عن دراسة علمية سعودية حديثة أن نسبة 98.3 % من الأزواج الذين خضعوا لبرنامج التأهيل قبل الزواج يستمتعون بحياة أسرية مستقرة، وأن نسبة الطلاق بين الشريحة نفسها لا تتعدى 1.7 %.

جاء ذلك ضمن دراسة استطلاعية أعدها الدكتور علي بن محمد آل درعان رئيس قسم الدراسات والتطوير في مركز المودّة الاجتماعي بعنوان «فاعلية برنامج التأهيل الأسري في مركز المودة الاجتماعي للإصلاح والتوجيه الأسري».

وجرت الدراسة على عيّنات كشفت نتائجها على أن 87 % من أفراد العينة يرون أن زواجهم ناجح بكل المقاييس، مقابل 10 % يرونه مستقراً، فيما يرى 3 % أن مستوى استقرار زواجهم ضعيف (عكاظ يوم الاثنين 14-5-1431هـ). وبالوعي والمتابعة تحصل النتائج المُرضية، وينتشر الزواج السعيد في هدوء أسري واجتماعي.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد