Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/06/2010 G Issue 13786
الأحد 15 رجب 1431   العدد  13786
 
شيء من
الغناء والمرجفون
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

الشيخ عادل الكلباني قال رأيه في الغناء فرأى فيه الحل. ورأي الشيخ عادل ليس جديداً، فهناك من رأى هذا الرأي من علماء السلف وعلماء الخلف، وحفظ لهم مخالفوهم من العلماء قيمتهم، ولم يُشنعوا عليهم، ويمسوا مقامهم، ويتهموا نواياهم.

وهذا هو الفرق بين السلف المتشددين والخلف المتشددين.

الحركيون المتشددون هم أكثر من شنَّع على الشيخ، وشكَّك في مكانته؛ بل إن أحد (الدكاترة) الحركيين ممن عُرفَ بالتسرع، والاندفاع، قال إن الشيخ الكلباني لا تُؤخذ منه الفتوى (كذا!)، ونسي هذا (المندفع العجول) أن الرجال يُعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، وقول العالم يُستدل له ولا يُستدل به، ولا (كهنوتية) في الإسلام حتى نعرف الحق بأقوال الرجال كما هو الوضع عند من يُقدسون (كهانهم)؛ ثم هل يحتاج المجتهد لأن يبصمَ على فتواه (الولي الفقيه) كما في جمهورية الملالي؟.. ولو تمعّنَ هذا الرجل الذي قال في الشيخ الكلباني ما قال لأدرك أنه ورط نفسه مرات كثيرة نتيجة لاندفاعه، ثم (تراجع) وطالب بإغلاق (النقاش) خوفاً من أن يُعرّى؛ وليس لديَّ شك أن هذا الرجل لو كان يزن كَلِمَه بميزان العقل والحصافة والرزانة لَمَا قال مثل هذه المقولة؛ وكأنَّ الشيخ قد أباح ما هو محرم بشكل قطعي، كشرب الخمر والزنا مثلاً.

أما عبدالعزيز الفوزان فقد تحدّث في إحدى الفضائيات (الحركية)، وسفّهَ برأي الشيخ عادل، وقال فيه ما لا يجرؤ على قوله في أقل الناس علماً. وهذا الرجل -بالمناسبة- سبق وأن ورط نفسه في قضايا تدل على أنه غير دقيق في أحكامه ونقولاته؛ فقد سبق وأن مدح وأثنى على اثنين من ألد (أعداء الإسلام) في الولايات المتحدة، وهما الأمريكيان (القس الأمريكي بات روبرتسون، والمبشر الإنجيلي جيري فولويل) وجعلهما (من عقلاء الغرب)!!؛ وقد ردَّ عليه في حينه، وفضح جهله، أحد الكتاب السعوديين في جريدة الرياض، وأظهرَ أنه لا يُعطي قضاياه حقها من البحث، ويصدر أحكامه عن جهل وتعجل (راجع للكاتب سعود عبدالله القحطاني مقال بعنوان: رداً على عبدالعزيز الفوزان: هل العقلاء هم من شتموا الإسلام؟ جريدة الرياض عدد 13355 الصادر في 25-12-1425هـ) أو على هذا الرابط الإلكترونيhttp://www.alriyadh.com/2005/01/16/article12059.html.

والسؤال: من الذي يفتئت على العلم والبحث، هل هو الذي يصدر أحكامه عن جهل، أم من يبحث ويتحرى ويستشهد ويستدل، وعندما يصدر رأيه يُصدره عن بحث وتدقيق وتمحيص؛ ولا يهم بعد ذلك اتفقنا معه أو اختلفنا؟ والغناء كما هو معروف قضية خلافية بين الفقهاء، فهناك من يرى الحرمة على الإطلاق، وهناك من يرى الكراهية، وهناك من يرى الجواز بشروط؛ ومن يرى الإباحة يذهب إلى أن حسنه حسن وقبيحه قبيح؛ فلا يُحتجُ بقبيحه على تحريم ما حَسُن منه. وكل من قال إن الغناء قد انعقد على تحريمه (الإجماع) يحتاج لأن يردَّ على كثير من العلماء الأعلام الذين كانوا يرونَ فيه الحل، وعلى رأسهم الإمام ابن حزم -رحمه الله-، وكذلك الشوكاني في رسالته (إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع) وغيرهم من فقهاء السلف والخلف. وفي رأيي أن مثل هذه القضايا متعلقة بالشخص وتقديره؛ فمن رأى الجواز واقتدى بمن يرى الإباحة فأمره موكول لاختياره، ومن رأى المنع فلا يَفرض رأيه على غيره؛ ولا وصاية لأحد على أحد. والسؤال الذي تثيره هذه الحملة الظالمة الغاشمة على الشيخ الكلباني: لماذا كل من قال رأياً فيه تسامح وتيسير وانفتاح وقبول بالتعدد في الآراء والاجتهادات شنَّ عليه البعض حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر؟ هل يريد أولئك أن تبقى هويتنا الثقافية متزمتة، غارقة في التشدد، يُكبلها رأيٌ واحد لا يقبل الاختلاف، ويُضرَبُ بها المثل في البعد عن التسامح والتعسير والتضييق على الناس؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها! إلى اللقاء.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد