أعادت قمة العشرين ذاكرتي اثنتين وعشرين سنة إلى الوراء.. إلى ذكرياتٍ جميلةٍ قضيتها في ربوع مدينة تورنتو الكندية، حيث درست فيها وقضيت فيها أجمل أيام العمر بين صروح العلم والمعرفة التي كانت تكتظ بالطلبة من مختلف الأجناس والبلدان والأحياء البهية بشوارعها المنظمة وحدائقها الزاهية بالورد، التي لم نكن نألفها من قبل، إنها أكبر مدن كندا وأكثرها اكتظاظًا بالسكان وتحوي الكثير من المعالم والمراكز السياحية وربما كان أشهرها برج «سي إن» وهو أعلى بناء في العالم في ذلك الوقت.
ويمر وسط المدينة أطول شارع في العالم وهو شارع ينج استريت.
تذكرت بني جلدتي هناك، فلم يكن عدد العرب فيها بكثير لكنهم كانوا ينتشرون في أنحاء تورنتو وضواحيها. وقد كان يومها الطلبة السعوديون قلائل جدًا، كنّا ننهل من العلوم كافة، تعرفنا على حضارة هذا البلد ودخلنا في حوارات جادة مع الطلبة الأجانب هناك، كانت معلوماتهم قليلة جدًا عن بلادنا لدرجة لم يكونوا يعلمون بالمملكة العربية السعودية ولا بموقعها على الخريطة الجغرافية. فقد كنّا نلاقي الصعوبة في إفهامهم عن حضارتنا وعن تراثنا ورسالتنا لكن الأيام تمضي ويتغير الحال والأحوال كثيرًا في السياسة والاقتصاد.
وشعب تورنتو اليوم لا يلاقي صعوبة في معرفة أية معلومة عن مملكتنا الحبيبة بعد أن استضاف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى جانب قادة ورؤساء مجموعة العشرين في قمتهم التي انعقدت لمناقشة تبعات الأزمة المالية وحماية التعافي الذي يبدو واضحًا على اقتصاديات الدول الكبرى ولدعم النمو في البلدان النامية.
ويدرك تمامًا أن مسيرة المملكة ضمن المجموعة متميزة وقد كسبت ثقة أعضاء المجموعة وذلك بمساهمتها بوضع الخطط مع المجموعة والمؤسسات الدولية في سبيل إخراج اقتصاد العالم من الركود الذي ضربه أواخر عام 2008.
وأكاد أجزم أن شعب تورنتو اليوم ينظر بإعجاب واندهاش وهو يراقب أعمال القمة ودور المملكة فيها ويقف إجلالاً لملكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو يستعرض تجربة المملكة في تنفيذ تعهداتها ضمن مجموعة العشرين في القمم السابقة التي يأتي على رأسها برامج التحفيز والإنفاق الحكومي والإصلاح الاقتصادي التي أطلقتها، إلى جانب دورها في إبقاء أسعار النفط ضمن مستويات تسمح للاقتصاديات العالمية المتضررة والنامية بالاستمرار في النمو.
لن يلاقي طلابنا هذه الأيام في جامعات تورنتو مشقة بعد هذه القمة الكبيرة في تعريف شعب كندا ببلادهم وبحضارتهم ورسالتهم السامية رسالة الإسلام الخالدة، وسيتذكرون دائمًا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وضع بلادهم في قمة الهرم مع أكبر دول العالم وأكثرها قوةً ونفوذًا. ذكرياتي من تورنتو الجميلة لا تمحى من الذاكرة على الرغم من مرور أكثر من عقدين، تركت إلى جانب الحسرة على الماضي وأيام الدراسة والجد والمثابرة على التفوق أملاً كبيرًا وتفاؤلاً بمستقبلٍ زاهرٍ يعيد لأمتنا الإسلامية أمجادها بعد أن تبوأت المملكة العربية السعودية موقعها الدولي المهم على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
* مدير عام الشركة العالمية للعود