شعرتُ بامتعاض شديد وأنا أقرأ بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الذي أصدرته ونشرته الجزيرة على صفحتها الثامنة ليوم الجمعة 14-6-1431هـ العدد 13756، عبَّر فيه أعضاء اللجنة الأفاضل عن قلقهم على القدس وأهلها ومستقبل المسجد الأقصى. وهذه أمور لا شك تشغل بال كل مسلم، غير أن قول اللجنة بأن (هذه الأحداث الأليمة توجب على ولاة أمر المسلمين الوقوف مع إخوانهم ....إلخ) تقترب كثيراً من أدبيات الحركات السياسية المتطرفة التي تتغذى على مشاعر الغضب الإسلامي على ما يحدث للقدس، ومحاولة لوم القيادات السياسية في الدول الإسلامية التي (لا تفعل شيئاً) مع أنها قادرة. وهذا يفتح المجال للعامة لتصديق ما يقال عن فساد تلك الحكومات أو عمالتها أو غير ذلك بهدف تجييش المسلمين ضد (ولاة أمرهم)، والنتيجة هي زعزعة الدول الإسلامية وحرمانها من الاستقرار الذي هو أوَّل شرط للنُّمو والازدهار الذي سيؤهلها - إن شاء الله - للقوة والوحدة وحماية مصالح الأمة. والحقيقة أنه كثيراً ما يصدر عن بعض الجهات الدعوية، الرسمية وغيرها، آراء ينقصها الاتزان، وذلك لعدم أخذها بالاعتبار بعض المؤثرات المهمة التي تقع خارج اختصاص أعضاء اللجان أو الهيئات أو حتى الأفراد، وتُعنى بأمور المال والأعمال والسياسة والاجتماع وغيرها. وربما أنه حان الوقت لأن تستأنس اللجنة بآراء شُعْبة أو فريق من الخبراء المتخصصين في تلك العلوم قبل إطلاق رأي معين وليس شرعياً خالصاً. فالرأي أو البيان أشبه بالكرة المدورة، ولابد لمن يطلقها يحاول أن يضمن ما استطاع أنها لا تقع في يد الخصم فترجع عليه هجمة مرتدة. والله المستعان.
منصور الحميدان