Al Jazirah NewsPaper Friday  02/07/2010 G Issue 13791
الجمعة 20 رجب 1431   العدد  13791
 
فقه المسافر
حمد بن عبدالله بن خنين*

 

السفر جزء من حياة المسلم خاصة في هذا الزمان، سواء للحج أو العمرة أو التجارة أو طلب العلم أو السياحة والاستجمام. ويأتي السفر من خلال وسائل النقل: السيارة أو الطائرة أو القطار أو الباخرة، والسفر يختص بجملة من الأحكام والآداب الشرعية التي يتطلب من المسلم تعلمها ومعرفتها والإلمام بها حتى يكون على دراية من أمره وفي شتّى شؤونه ويلاحظ التردد عند السفر ويجبر بصلاة الاستخارة قطعاً للتردد والقلق في اتخاذ القرار لحديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن وهذا الحديث رواه البخاري.

ومن الأدب استئذان الوالدين لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: جاء رجل النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: أحيُّ والداك قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. رواه البخاري. يقول الحافظ بن حجر: واستدل به على تحريم السفر بغير إذن الوالدين لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته. فالسفر المباح أولى.

ذكر ذلك في فتح الباري الجزء 6 صفحة 173 .

كما ينبغي الحرص على الرفيق الصالح الذي يعين المرء على دينه ودنياه فهو حامل المسك الذي إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. من رواية البخاري ومسلم.

كما أن معرفة أحكام السفر وآدابه مطلوب عن طريق سؤال أهل العلم والمعرفة أو بقراءة الكتب المتخصصة أو سماع أو حضور المحاضرات ونحو ذلك من المواد المتوافرة.

كما أن رد الأمانات وسداد المستحق في الذمة مطلوب. يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (58) سورة النساء، فالمسافر لا يدري ما يعرض له في أثناء سفره. فلذا كان عليه أن يبرئ ذمته من هذه الديون أو الودائع والأمانات.

ومن السنّة إذا سافر ثلاثة فأكثر يؤمر أحدهم لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) رواه أبوداود وهذا العمل فيه توحيد للقول والعمل ومصلحة ظاهرة حيث إن كثرة الآراء تفسد السفر وتعكره، كما أن السفر يوم الخميس نهاراً مستحب لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس وكان يحب أن يخرج يوم الخميس رواه البخاري، وأن يكون باكراً لقول صخر الغامدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم أول النهار، وكان صخراً رجلاً تاجراً وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار فأثرى وكثر ماله (رواه الترمذي) وقد يحرص المسافر على البكرة ولو ليلاً لحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل) رواه أبو داود.

كما ينبغي ألا ينسى أذكار اليوم والليلة الواردة وإذا نزل منزلاً فيقول ما ورد في حديث خولة بنت حكيم السليمة رضي الله عنها حيث تقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك) رواه مسلم.

كما على المسافر قبل العودة إخبار الأهل بموعد قدومه من السفر وعدم مباغتتهم ليلاً. وهم غافلون لحديث أنس رضي الله عنه. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله، كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية رواه البخاري. ويقول: (إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغبة وتمتشط الشعثة) رواه البخاري ومسلم. وإذا رجع ورأى بلدته يقول: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) رواه مسلم.

ويبدأ بدخول المسجد فيركع فيه ركعتين لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين) متفق عليه ومن الآداب أن يكون أهل بيته وصبيانه في استقباله لحديث عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقِّي بصبيان أهل بيته) رواه مسلم، كما لا ينسى المسافر من جلب الهدايا للأهل والأولاد لما تجلبه الهدية من إدخال الفرح والسرور عليهم بعد الانقطاع عنهم ويستحب صنع الوليمة للقادم من السفر لحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة. رواه البخاري.

* المستشار الشرعي والباحث الإعلامي - عضو الجمعية الفقهية السعودية


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد