Al Jazirah NewsPaper Friday  02/07/2010 G Issue 13791
الجمعة 20 رجب 1431   العدد  13791
 
عدد من الأكاديميين الشرعيين حذروا من غير المؤهلين الذين يظهرون عليها
مفتو الفضائيات.. والرقابة الشرعية الغائبة!

 

الرياض - خاص بـ(الجزيرة):

صاحب التطور التقني في وسائل الإعلام والاتصال ظهور كم هائل من القنوات الفضائية التي أصبحت مجالاً خصباً لانتشار برامج الإفتاء بشكل لافت للنظر، ما حدا ببعض المتابعين لهذه البرامج أن يصفوا من يفتي فيها ب(مفتو الفضائيات)، حيث ابتليت الأمة بهم، وبفتاواهم التي في كثير منها لا تستند إلى نص شرعي من الكتاب والسنة، بل إن بعض هذه الفتاوى تؤدي إلى إثارة الرأي العام، وتثير البلبلة داخل المجتمع المسلم، في ظل ذلك.. ما دور علماء المسلمين الأكفاء تجاه هؤلاء؟ وما دور الهيئات الشرعية، والمجامع الفقهية من برامج الإفتاء الفضائي؟ وما الصفات المطلوبة في المفتين الذين يخرجون على الفضائيات؟ وهل هناك آلية شرعية أو رقابية ترقب الأداء الشرعي لهؤلاء؟ أليست فتاوى التهييج والإثارة عبر الفضائيات أشد خطراً على الأمن؟ إلى أي مدى يخضع هؤلاء للمساءلة القضائية؟ ومن يحرك القضايا ضدهم؟

عرضنا هذه التساؤلات على عدد من الأكاديميين والمختصين الشرعيين فماذا قالوا؟!

ضوابط للمفتي والمستفتي

في البداية يقول د. محمد بن يحيى النجيمي، الخبير في المجمع الفقهي الإسلامي: لقد ابتليت الأمة الإسلامية بقنوات ومواقع إلكترونية همها إرضاء المشاهد ولو على حساب الدين والوطن والثوابت الشرعية والوطنية.. ومما حرصت عليه هذه الفضائيات والمواقع الفتوى ولكن أي فتوى؟ لقد حرصت على المفتي الذي يرضي المشاهدين وإن لم تتوافر فيه ضوابط المفتي والفتوى، فأحلوا ما حرم الله جهلاً أو مجاملة وأباحوا ما حرم الله، بل وربما أثاروا مشكلات اجتماعيه وبعضهم يسوغ للعنف والإرهاب، لا شك أن دور العلماء يتمثل في بيان فساد هذه الفتاوى وتفنيد ما ورد فيها بالدليل الشرعي وحث ولاة الأمر في عالمنا العربي والإسلامي بسن تشريعات تعاقب هذه الفضائيات والمواقع, ولقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته السابعة عشرة في عمانّ عام 2006 قراراً ببيان ضوابط المفتين، وقد وقعت جميع الدول الإسلامية على هذا القرار ولم يبق إلا التطبيق.

أما الصفات التي يجب أن تتوافر في المفتي فمن أهمها العلم وأقصد العلم الشرعي بأن يكون عالماً بآيات الأحكام وأحاديث الأحكام وباللغة العربية وبعلم أصول الفقه وبالناسخ والمنسوخ، وأن يكون عارفاً بالواقع الذي يعيش فيه وعادات وأعراف الناس, وعلى الأقل أن يكون ملماً بما سبق ذكره في الواقعة التي يفتي فيها وهذا ما لا يتوافر عند عدد كبير من مفتي القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية.

يمكن محاسبة هذه الفضائيات والمواقع قانونياً إذا طبقت عليها في كل دولة إسلامية أو حتى صديقة قوانين الإعلام المتعارف عليها عالمياً، وهي أن الحرية الإعلامية ليست على إطلاقها بل يجب مراعاة عدد من الضوابط وهي:

ألا تؤدي إلى الإيذاء والإضرار بالآخرين، وألا تثير فتنه أو تمس الثوابت الدينية والوطنية، وألا تؤدي إلى ضرر بالأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة.

ولاشك أن هذه الفضائيات والمواقع تمثل خطراً كبيراً على الأمن لأنها تروج للفكر المنحرف سواءً كان هذا الفكر غلواً في الدين أو غلواً ضد الدين أو يدعو إلى الفساد والانحلال.

الاجتهاد في الواقع

ويرى أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. حسين بن عبد الله العبيدي: إن أمر الفتوى في دين الله تعالى أمر عظيم وخطير، كيف لا والفتوى إخبار من المفتي عن حكم رب العالمين تبارك وتعالى في هذه القضية المسؤول عنها، فالمفتون من الفقهاء والقضاة موقعون عن الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, لذا قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه إعلام الموقعين: «والقلم الثالث: قلم التوقيع عن الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وهو قلم الفقهاء والمفتين، وهذا القلم أيضاً حاكم غير محكوم عليه فإليه التحاكم في الدماء والأموال والفروج والحقوق، وأصحابه مخبرون عن الله بحكمه الذي حكم به بين عباده»، فعلى المفتي أن يجعل هذا الأمر نصب عينيه وهو يجيب سائلاً عما سأل وأن نطقه بالجواب هو بيان لحكم الله تعالى في هذه القضية، وأول من تولى منصب الفتيا والإيقاع عن رب العالمين تبارك وتعالى هو سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان يفتي عن الله تعالى بوحيه المبين فكانت فتاويه جوامع الأحكام ومشتملة على فصل الخطاب، ثم قام بالفتوى بعده صحابته الكرام - رضي الله عنهم - الذين تلقوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة ثم صارت الفتوى من بعدهم في أصحابهم وهم التابعون، وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة وأقوال الخلفاء الراشدين ثم أفتى؛ لذا قال ابن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما كان منهم محدث ألاَّ ودَّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ودَّ أن أخاه كفاه. فهذا كان حال سلفنا الصالح من تدافع الفتيا وعدم التسرع فيها، ثم خلف من بعدهم خلوف إلى زماننا الحاضر حيث صاحب التطور التقني في وسائل الإعلام والاتصال ظهور كم هائل من القنوات الفضائية التي أصبحت مجالاً خصباً لانتشار برامج الإفتاء. وهنا يجب أن نبين كلمة تجاه ذلك فنقول: المفتي هو المخبر بحكم الله تعالى لمعرفته بدليله، وأفتى العالم إذا بيّن الحكم في القضية، وقيل: إن المفتي هو المتمكن من معرفة أحكام الوقائع شرعاً بالدليل، والفتوى هي: ما يخبر به المفتي جواباً لسؤال أو بياناً لحكم من الأحكام.

ومنصب الفتوى هو منصب الاجتهاد في الواقع، ولذلك قال كثير من العلماء:» من لم يكن من أهل الاجتهاد لم يجز له أن يفتي»، وقال كثير من الأصوليين إن المفتي هو المجتهد، والمستفتي من ليس بمجتهد، وقد ذكر العلماء شروطاً للمفتي منها:

أن يكون عارفاً بالأدلة وأنواعها واختلاف مراتبها في دلالتها وكيفية استنباط الأحكام منها وطرق الترجيح فيها، وأن يكون عدلاً وثقة حتى يوثق به فيما يخبر عنه من الأحكام الشرعية.

وقال ابن القيم هنا كلاماً نفيساً حيث قال: ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق، ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلاً في أقواله وأفعاله.. وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات؟ فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعدَّ له عدته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه.. وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه، وليوقن أنه مسؤول غداً وموقوف بين يدي الله تعالى؛ لذا اشتد خوف السلف من الفتوى العظيم خطرها وكونها توقيعاً عن الله تعالى، وقد حرم الله تعالى القول عليه بغير علم حيث قال:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، قال ابن القيم: وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعل من أعظم المهمات بل جعله في المرتبة العليا منها، وقال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أم عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ}، لذلك كان السلف الصالح يتورعون عن قولهم هذا حلال وهذا حرام خوفاً من هذه الآيات؛ لذلك قال مالك لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقولون: إياكم كذا وكذا، ولم أكن لأضع هذا.

التحرج من الفتوى

ويضيف د. العبيدي قائلاً: إنه لو تأملنا حال سلف هذه الأمة لوجدت أنهم مع جلالة قدرهم وسعة علمهم وعيشهم في القرون المفضلة ومع ذلك يتحرجون من الفتوى ويتهيبونها ويسارعون إلى قول لا أدري، فهذا الإمام مالك سئل عن أربعين مسألة فأجاب عن ست وثلاثين منها بلا أدري وقال أبو داود في مسائله: ما أحصي ما سمعت أحمد بن حنبل سئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول: لا أدري، قال: وسمعته يقول: ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتوى أحسن فتيا من كان أهون عليه أن يقول لا أدري، وجاء رجل من أهل المغرب فسأل مالك بن أنس عن مسألة فقال: لا أدري فقال: يا أبا عبد الله تقول: لا أدري؟ قال: نعم، وأبلغ من وراءك أني لا أدري.

وبعد أن اتضح حكم الفتوى وتحرج السلف منها وما يجب توافره من الشروط في المفتي، فعلى المسلم أن يطبق ذلك على نفسه حتى لا تزل به القدم فيندم حين لا ينفع الندم، ومن ير واقع الفتيا عندنا خصوصاً في القنوات ير عجباً في تهافت كثير من الناس عليها وتصديهم لها حتى مرجت الأمور واختلطت الفتوى وتضاربت بين مصدريها؛ ما أوقع الناس في مزيد حرج وبلاء بل وتشكك في أمور الشريعة خصوصاً من العامة فعلى الجميع أن يتقوا الله ويسلكوا المسلك الشرعي في الفتوى، وأن يسعهم ما وسع سلفهم الصالح، وألا يتصدى للفتوى إلا من كملت أهليته للعلم ورسخت قدمه فيه وشهد له علماء زمانه بأهليته للفتوى ولم يجد بدا من ذلك، وعلى ولي الأمر أن يضع حداً لذلك فيما يقدر عليه فلا يولى الإفتاء إلا من كان صالحاً لذلك, حسب المعيار الشرعي لها، وعلى المعنيين بالقنوات الفضائية ألا تتعامل بالفتوى إلا مع أهل العلم الشرعي العارفين بأصول الشريعة وقواعدها، ومن توافرت فيه شروط الإفتاء، وأن يعلموا أنهم مسؤولون أمام الله تعالى عما يبث في قنواتهم المسؤولين عنها وأنهم شركاء في ذلك، وينبغي لهم أن يعرضوا المتعاونين معهم في الإفتاء على اللجان المختصة ليعرف من كان أهلاً للإفتاء من سواه.

فقد تصدر فتوى ممن ليس أهلاً للإفتاء فتكون سبباً في أمور لا تحمد عقباها سواء في الدنيا أو الآخرة، وليتذكر الجميع قول الله سبحانه:{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، وقال الربيع بن خثيم: إياكم أن يقول الرجل لشيء: إن الله حرم هذا أو نهى عنه فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنهَ عنه،أو يقول: إن الله أحل هذا أو أمر به، فيقول الله: كذبت لم أحله ولم آمر به.

نسأل الله - جل وعلا - أن يوفقنا جميعاً إلى ما يرضيه وأن يجنبنا ما يسخطه وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح أحوال المسلمين عامة، وأحوالنا خاصة إنه سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الفقهاء والعلماء

أما د. مزنة بنت مزعل العيد، أستاذ أصول الفقه المساعد بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن فتقول: للإفتاء منزلة عظيمة وشريفة ومرتبة عالية لا ينال قدرها إلا من شرفه الله تعالى بعلم واسع وفضل عظيم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، فهو من باب الدعوة للخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أفرد علماء الأصول له باباً مستقلاً عنونوا له بباب الإفتاء أو الفتوى، أوضحوا فيه تعريف الإفتاء والمفتي والمستفتي وآداب الإفتاء وضوابطه وشروطه، وقد بلغ من منزلة وعظم الإفتاء أن العلماء قد جعلوا المفتي قائماً في الأمة مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ورد في الأحاديث الشريفة منها: قوله - صلى الله عليه وسلم - (إن العلماء ورثة الأنبياء، وان الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر)، والمفتي نائب عن المصطفى في تبليغ الأحكام لقوله - صلى الله عليه وسلم - :(ليبلغ منكم الشاهد الغائب)، وقوله:(تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم)، والمفتي كاشف عن شرع الله بتأمل وفكر ودقة ونظر واستنباط من النصوص الشرعية.

ذكر ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات (4/244): ونظرا لما تقدم فقد كان الصحابة يتهيبون من الإفتاء حيث ورد عنهم قولهم: (إن أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر). ومن هذا كان الإفتاء بغير علم حرام لا يجوز لأن فيه كذب على الله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) ومع توسع القنوات الفضائية وانتشارها كثر المفتون وانتشروا في كل حدب وصوب، بل أصبح الإفتاء تجارة وبضاعة للكثير إلا من رحم الله.

تفشي كثير من المفاسد

وتؤكد د. مزنة العيد أن انتشار الفتوى عبر الفضائيات أدى إلى سلبيات منها: تنصيب من ليس له دراية وعلم بالفقه الشرعي ليكون مفتيا مما أدى إلى انتشار الآراء الفقهية الشاذة أو الاراء المخالفة للإجماع التي يكون القصد منها إثارة الجدل أو كثرة الاتصال دفعاً للربح المالي، كما أدى ذلك إلى التقليل والتهاون من شأن الفتوى والمفتي على وجه العموم، فإن الشخص قد لا يعجبه الحكم الذي تلقاه من المفتي فيقوم بالبحث عن مفت آخر في قناة أخرى حتى يأخذ منه ما يروق له، وكذلك التسرع في إصدار الفتوى لكونها على الهواء وهذا بلاشك خطر عظيم لأنه قد يوقع المفتي في مخاطر عظيمة من أهمها عدم التثبت في المسألة وحال المستفتي والوقائع الملازمة لتلك الواقعة المسؤول عنها، وإثارة التعصب المذهبي قصدا لإثارة النعرات المذهبية التي ليست من صالح الأمة في شيء، وتجرؤ كثير من العوام على الإفتاء لغيرهم في مسائل خطيرة كما في مسائل الطلاق والرضاع، إضافة إلى تفشي كثير من المفاسد كما في مسألة النمص وغيرها من المسائل المتعلقة بالتجميل وهذا ناتج عن الإفتاء بغير علم، وكذلك الانصراف عن تلقي العلم الشرعي حيث ركن البعض لتلقيها عن طريق الفضائيات. وعلم هذا حاله لا يمكن أن يؤتى ثماره.

وقد تناول العلماء مسألة ضبط الفتيا في الفضائيات وذكروا لها شروطا ولكنها من وجهة نظري لا يمكن ضبطها، والسبب أن بعض هذه الفضائيات الهدف منها الربح المالي أو إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية التي تبحث جاهدة لإيجاد الفرقة بين المسلمين، ولكن يمكن ضبطها من جانب المستفتي فهو من تقع عليه المسؤولية إذ لابد من التشديد على أهمية المسألة التي يريد الاستفتاء عنها وليعلم أن الله رقيب عليه، إذ ليس المقصود أن يلقي المسألة في نحر غيره بل المقصود أن يبرئ ذمته من حق الله وحق العباد.

وقد نص علماء الأصول على أنه يحرم العمل بفتوى المفتي إلا إذا توافرت فيه شروط منها: أن يكون ورعاً متديناً يقوم بالواجبات ويتجنب المحرمات ليكون أهلاً لثقة من يستفتونه، وأن يكون عالماً بالأحكام الفقهية وعالماً بما هو راجح مما هو مرجوح حتى لا يفتي بالأخير مع وجود الراجح.

وعلينا جميعا أن نتقي الله تعالى ولا نتهاون في شأن الفتيا، يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى:أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول. ولنا فيهم أسوة حسنة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد