Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/07/2010 G Issue 13793
الأحد 22 رجب 1431   العدد  13793
 
نزهات
الغذاء والدواء.. ماذا بعد؟!
يوسف المحيميد

 

تحذر من بعض منتجات الشامبو!

تحذر من بعض منتجات القهوة سريعة التحضير!

تحذر من بعض أنواع الأكواب الورقية!

تحذر من شاي أعشاب مغشوش!

هكذا هطلت خلال هذا العام، والعام الماضي، عشرات التحذيرات من قبل الهيئة العامة للغذاء والدواء، وهي وإن كانت تحذيرات مهمة، تمارس فيها الهيئة دورها المهم في توعية المستهلك، ومنحه الحق في معرفة ما يأكله أو يعالج فيه جسده، وهو حق مشروع يحظى به أي مواطن في الدول المتقدمة، إلا أنني أخشى أن تتحول هذه الأخبار والبيانات الصحفية وأثرها على المواطن إلى أن يكون لسان حاله: «يا رجال عساك سالم!» ولا تختلف ردود فعله عمن يتمشى في الشوارع على نغمات حظر التجول أثناء رصد غارة جوية خلال الحروب، فكثرة التحذيرات قد تحولها إلى ما يشبه الاعتياد، إذ يقلب القارئ الصفحة مستمتعاً بشرب (قهوة سريعة التحضير!)، مبتسماً مع كاريكاتير اليوم!

حتى لا نتحامل على منجز الهيئة، يكفي أن هذا الكم الكبير من كشف غش الأغذية والأدوية، جاء فقط خلال عام من استلام الهيئة مهام السيطرة على رقابة الأدوية من وزارة الصحة التي نامت طوال نصف قرن، ثم صحت كي تسلّم المهام لغيرها، والتي لا يختلف أمرها كثيراً عن وزارة التجارة التي سلّمت أيضاً مهام الرقابة على الأغذية، بعد أن عاثت الأمراض والمواد الملوّثة في أجساد المواطنين، وهم يسمعون عن جمعية تسمى «جمعية حماية المستهلك» تشبه «بيض الصعو» يُذكر ولا يراه أحد، إلا بعد فضيحة الخلاف الأخير بين أعضاء مجلس الإدارة فيها وبين رئيسها، إثر اتهامه بتجاوزات مالية وإساءة استخدام المنصب!

أكاد أجزم أن معظم المواطنين قد فقدوا ثقتهم فيما يسمى بالأجهزة التي تتولى حمايتهم من غش التجّار وتلاعبهم، لذا أقترح على هيئة الغذاء والدواء أن تبحث على كل وسائل إعادة الثقة مع المواطن، كي يمارس دوره الإيجابي عند ملاحظة حالات مشبوهة في طعام أو دواء، وإبلاغ الهيئة كي تمارس دورها الرقابي، فقد يكون توفير رقم ثلاثي وتعميمه، كرقم الدفاع المدني مثلاً، هو أمر مهم، فالحريق تسهل مشاهدته والتفاعل معه، لكن حريق الجسد وخرابه لا تكشف أسبابه إلا المختبرات وعين المواطن النزيه وضميره!

يبقى السؤال الأخير، كيف تنجح هيئة الغذاء والدواء؟ وكيف تمارس مهامها بيسر وسهولة وإتقان؟ الإجابة مرتبطة بالجهات الحكومية ذات العلاقة، من وزارة صحة ووزارة تجارة وبلديات وجمارك وغيرها، فعلى سبيل المثال، لو كشف مختبر الهيئة في أحدى نقاط التفتيش الحدودية عن وجود مادة محظورة ومحرمة في إحدى السلع الغذائية، ووجه خطاباً إلى الجمارك بمنع هذه السلعة، بينما مارس التاجر وسائله غير المشروعة مع موظف الجمارك، فإن هذه السلعة ستكون في اليوم التالي في مختلف مراكز التموين والسوبر ماركت، وفي اليوم الثالث ستعوم بخيلاء في معدة المواطن، وستعيث بجسده ببطء وهدوء.

لذلك أرى أن مهام هذه الهيئة ليست سهلة، لذلك جاء في عضوية مجلس إدارتها أسماء شخصيات مهمة ومؤثرة وذات سلطة نافذة لاتخاذ القرارات، من نائب رئيس الوزراء إلى النائب الثاني وتسعة وزراء، فدورها في تصفية السوق الغذائي والدوائي من الأمراض والمواد الضارة دور مهم وريادي، ولا تكفي إعلانات التحذير في مجتمع يوجد فيه الأمي والجاهل والقروي والذي لا يكترث بما يدور حوله، بل لابد من دور تنفيذي حازم لسحب هذه السلع فوراً من الأسواق، ومعاقبة المتسبب بوجودها وتغريمه والتشهير به.



yalmohimeed@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد