Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/07/2010 G Issue 13793
الأحد 22 رجب 1431   العدد  13793
 
الغضب
خالد سيف الدين عاشور

 

أذكر أني عندما لخصت كتابا لفرجينيا ساتير تحدثت عن الغضب وجاء ما يلي:

(وينبغي أن نميز بين الحديث عن الشعور وبين التنفيذ. وإذا كان قانونك يقول بأن مشاعرك -مهما كانت- هي مشاعر إنسانية ومقبولة -وهذا طبعاً لا يعني أن كل السلوكيات مقبولة-، فإنك ستجد الفرصة لتطوير مسارات جديدة للسلوك أي للتعبير عنها بطرائق مختلفة.

الإنسان طيلة حياته يمر بمشاعر كثيرة من الخوف والألم والعجز والغضب والغيرة والحب لا لأنها صحيحة ولكن لأنها موجودة.

خذ الغضب.. إنها عاطفة طوارئ إنسانية. ولأن الغضب يؤدي أحياناً إلى سلوكيات مدمرة، يظن البعض بأن الغضب نفسه مدمر.

لو أن شخصاً شتمك مثلاً، سيؤلمك هذا. فماذا ستفعل؟ هناك خيارات.. تشتمه أو تضربه أو تطلب منه ألا يعيدها أو تشكره أو تهرب أو تعبر عن نفسك بصدق وتطلب ألا يفعلها ثانية.

إن قواعدك ستقودك إلى كيفية التعبير عن ردات فعلك. فإذا كانت قواعدك تسمح لك بالسؤال فستسألني وإلا ستخمن.

الغضب.. كلنا يغضب.. والغضبان تظهر آثارُ الغضب على جسمه ووجهه فإذا كانت قواعده تقول بأن الغضب خطأ فإن آثار الغضب تنتقل إلى داخله، إلى معدته إلى قولونه.... إلخ.. وكثير من الأطفال يعلم بأن الشجار سيئ وأن الغضب يؤدي إلى الشجار فالغضب سيئ. وفلسفتنا هي «لتنشئة طفل جيد، امنع الغضب».

وإذا سمحت لنفسك الاعتقاد بأن الغضب عاطفة إنسانية طبيعية في مواقف معينة، فعندها ستحترم هذه العاطفة وتعترف بها وتتعلم طرائق مختلفة لاستخدامها. فإذا واجهت مشاعر الغضب وتحدثت عنها بوضوح وصدق إلى الشخص المعني فإنك ستجفف المعين والرغبة في السلوك المدمر. أنت تختار هنا وتحس بأنك تدير نفسك. وبهذا تحس برضاك عن نفسك.

القواعد جزء من تركيب العائلة وأدائها. فإذا أمكن تغييرها، أمكن تغير التفاعل بين أفراد العائلة.

افحص قواعدك. هل فهمت الآن أسباب ما يحدث في عائلتك وهل يمكن أن تغير؟) انتهى.

http://www.airssforum.com/f1084/t71793.html

وفي كتاب لها آخر:

http://www.airssforum.com/f1084/t71789.html

(تعلمنا أن في داخلك أجزاء كثيرة لعلك لم تكتشفها ومعرفتك بها تمكنك من التحكم فيها بدلاً من أن تستعبدك هي. وكل جزء مصدر للحيوية والطاقة وكل جزء له استخدامات مختلفة ويمكن بتآلفه مع الأجزاء الأخرى أن يضيف المزيد من الطاقة.

وحمل عدة وجوه (جمع وجه) أمر عادي وحياتي. فقد تبدو في لحظة شارداً وهذا وجهك البعيد وقد تكون في لحظة أخرى مستمتعاً وتبدي وجهك المحب وفي لحظة أخرى وجهك المستغرب أو الراضي أو الغاضب أو الغبي وهذه الأوجه أجزاء لحياة كل شخص.

وكثير من الناس يصدر حكماً على كل وجه من وجوهه بأنه إما صالح أو طالح. فهل يمكنك أن تتأمل فكرة أن كل وجه من وجوهك، بغض النظر عن حكمك عليه في الماضي، يمكن أن يخدمك؟ وكثير منا ارتدى وجه التعب والإرهاق مرة بعد أخرى وهذا الوجه حالة يستخدم فيها جسمك كل طاقته للحفاظ على بقائه بحيث لا يبقى ما يمكن أن يشع خارجه. وهذا ما حدث في المشهد الأول.

أكتب لائحة بأوجهك أو أجزائك وصنفها في خانتي صالح وطالح، واعلم أن كل جزء مهما صنفته يحمل نواة وبذرة لطاقة جديدة في حياتك.

كان الناس يؤمنون بأن الأرض مسطحة بل وكانوا يعززون هذا الاعتقاد ولا شك أن هذا وضع حدوداً للبشر آنذاك واليوم لا يؤمن أحد بهذا لأن المعرفة الإنسانية أثبتت العكس.

والشيء نفسه فعلناه بأنفسنا عندما صنفنا أنفسنا وبحثنا عن خانات تطابق التصنيف لنضع أنفسنا فيها وأصبحنا مهتمين بتصنيف أنفسنا وغيرنا بدلاً من الاهتمام بما يمكن أن نحققه في هذه الحياة وبهذا وضعنا حدوداً لأنفسنا بأفكارنا وأحكامنا ومن الصعب جداً أن نثمن حياتنا وحيوات الآخرين إذا كنا مشغولين بإصدار الأحكام.

عجلة الموارد العالمية

ذكرناها من قبل فما هي؟

عجلة تتكون من عدة طبقات تبدأ من المركز:

1 - أنا: نفسي.

2 - الجسم: منزلك.

3 - عقلك: المحلل.

4 - عواطفك: الألم والبهجة والغضب والحيرة (عصير الحياة).

5 - حواسك: التي تستقبل المدخَلات وترسل المخرَجات.

6 - التواصل مع الآخرين: ولا حياة بلا هذا التواصل بل لا نأتي إلى هذه الدنيا بدون الآخرين.

7 - الروح: موردنا المركزي.

8 - المحيط الذي توجد فيه هذه الطبقات: الوقت والمكان والضوء والهواء والماء والصوت واللون والمناخ والفصول.

9 - الكون: ونحن جزء منه ونعيش فيه.

وجميع الطبقات حاضرة ومتفاعلة ومتداخلة ويؤثر بعضها في بعض ولا يمكن فصل بعضها عن بعض أو منع تأثير بعضها في بعض فالعقل يؤثر في البدن والعواطف، والعواطفُ بدورها تؤثر في البدن والعقل. والروح لها تأثيرها الذي نعرفه. والمكان أو المحيط له تأثيره الواضح. والحواس بدونها لا عقل ولا عاطفة وهكذا.

ومعرفة تفاعل هذه الطبقات مع بعضها يعيننا على معرفة كيف نتعامل مع أنفسنا والآخرين فاحرص على اكتشاف هذه الطبقات ومعرفة تأثيرها في الطبقات الأخرى وتأثرها بالطبقات الأخرى ولو كان لي أن أضيف طبقات لأضفت الخيال والماضي مثلاً فلهما تأثير كبير على الإنسان أو على الطبقات الأخرى فالإنسان لا يعيش بمعزل عن ماضيه وخياله.

ويمكنك رسم هذه العجلة والطبقات وإعطاء كل طبقة لوناً ونغمة معينة أو ربطها بشيء من البيئة المحيطة بك. وهذا يعطيك معرفة أفضل وأكبر لنفسك وما يؤثر فيها وبالتالي التعامل معها والآخرين كما ذكرت ويفتح أمام عينيك فرصاً لعلك لم ترها من قبل أو يعينك على إعادة النظر في أمور كثيرة تقوم بها وما ينبغي أن تغيره أو تبقيه.

ثم تتحدث المؤلفة عن النظر بأعين جديدة والإقدام على مغامرات جديدة ولا شك أن الإنسان بهذا يتعلم الكثير عن نفسه والآخرين والحياة ولا شك أيضاً أن الإنسان يخاف أن يخطو هذه الخطوة ويقلقه ما يمكن أن يستتبعها من مشكلات ومصائب فيركن إلى ما يعرف ويحبس نفسه بعيداً عن تلك الخطوات، بل يثبط غيره ليشعر بالأمان أو بالراحة إذا خاف الآخرون أيضاً. وتصور الحياة لو أن كبار المصلحين والمكتشفين والمخترعين والنشطين في كل ميدان سمحوا للخوف بالسيطرة عليهم وأحجموا عما فعلوا واكتشفوا!

إن أكبر مغامرة هي دخول منطقة المجهول ومحاولة رؤية الجديد من الاحتمالات والإمكانات وثقب الجدر المحيطة بنا لنرى ما وراءها من آفاق وتجاوز الحدود التي رسمها الأسلاف أو وقفوا عندها وبالتالي لم يعرفوا ما وراءها ومن الخطأ الفاضح أن نقتدي بهم في الوقوف عند تلك الحدود بل الواجب أن نقتدي بهم في تجاوزهم لحدود من سبقهم فنتجاوز حدودهم لنرى ونعرف ما لم يروه وما لم يعرفوه وعندها بدلاً من أن يمسكوا بأيدينا إلى حدودهم نمسك بأيديهم ليروا كيف تجاوزناها، ولا شك أنهم سيبتسمون فرحاً بهذا العمل.

تقول: «إن الهدف من بذل الجهد للمحافظة على الوضع الراهن وإبقاء الأمور على ما هي عليه، هو حماية شعور الإنسان بالأمن ومنع الفوضى والحيرة وهي أمور يظن الكثيرون أنها مؤذية بدلاً من أنها وضع طبيعي للتغيير فلا يمكن للتغيير أن يحدث بدون هذه الأمور».

ولعلنا نلحظ في تعليمنا وتربيتنا كم نبالغ في حماية أطفالنا من الحيرة والفوضى الفكرية والإحساس بعدم الأمان ونظن أنه بتقديم الأجوبة كلها فإننا نحميهم من كل تلك الأمور ونساعدهم على التعلم وهذا ما تقوم به المدارس وترى أن نجاحها مرتبط بالقيام بهذا.

تقول: «وعندما ننظر إلى إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه كاختيار لا فرض فإن المزيد من الخيارات ستكشف عن نفسها».

وهذا لا يعني الاستغناء عن كل الماضي وما سبق وتبني الجديد المخالف بل يعني أن نعي ما نريد أن نبقيه وما نريد أن نغيره.

إن مما يمرض الإنسان المحافظة على الطريقة الوحيدة والفكرة الوحيدة والوجه الواحد والاستغناء عن الأخرى لأسباب منها أرضاء الآخرين فقط.

تود فرجينيا ساتير أن تلعب بأوجهها المختلفة بطريقة أخرى؟

ضع قائمة بأشخاص من حقول مختلفة (ممثلين وقادة ومصلحين إلخ) يحملون أموراً إيجابية، وقائمة لآخرين يحملون قيما سلبية.

الشخصية الأولى (قد تكون مثلاً جحا): مضحك.

الثانية: (قد تكون والدك على فرض أنه كان حكيماً): حكيم.

الثالثة: محب.

الرابعة: حنون.

الخامسة: عنيد.

السادسة: أناني.

والآن -كما ذكرت- هناك بذرة نفع في السلبي وبذرة دمار في الإيجابي وهذا أمر لا بد أن تعرفه. ففي أوقات قد تحتاج للعناد للتمسك برأي تراه صحيحاً وحماية نفسك ولكن إذا استخدمت العناد دائماً فقد يؤذيك هذا، بل ويحرمك من أمور كثيرة إيجابية وكذلك الأنانية تستخدمينها عندما يدفعك البعضُ لعمل أمر ترينه خطأ، ولكن البقاء أنانياً طوال الوقت مدمر لصاحبه بكل تأكيد. وقد تختار أن تكون حنونا في لحظة وهو نافع لتلك اللحظة مع شخص معين إلا أن الحنان قد لا ينفع في وقت آخر أو مع شخص آخر، بل الذي يصلح هو أن تكون حكيماً لا حنوناً وهكذا. وهذا يعلمنا الاستفادة من أجزائنا كلها ومن وجوهنا المختلفة وبالتالي نصبح أنضج وأوعى لما يدور بداخلنا، وأقدر على تفعيل الأجزاء كلها وعدم إخفاء الأجزاء السلبية والعمل وكأنها غير موجودة مما قد يجعلها تزداد ضراوة وجوعاً، وبالتالي قد تعبر عن نفسها في موقف معين بشكل مؤذ جداً لصاحبها وغيره.

وأمر آخر مهم وهو الاعتراف بهذه الوجوه والأجزاء والتعرف عليها جيداً. فقد تكتشف أن واحداً من وجوهك لا يزال في مرحلة الطفولة كالغضب مثلاً، فتلحظ كيف كنت تغضب وأنت طفل إلا أنك الآن في الثلاثين من عمرك فهل يمكن أن تعبر عن هذا الوجه بالأسلوب نفسه الذي كنت تعبر به عنه وأنت في الثانية من عمرك؟.. هنا عليك أن تجد استجابات جديدة لغضبك تعبر بها عنه كالبحث عن أسباب الغضب وبتمييزك بين الإحساس بالعجز والغضب ولاحظ ما تستفيده من معرفة الاختيارات المتاحة للتعبير عن الوجه الغاضب.

تقول المؤلفة: «مرّ عليّ وقت أحسست فيه برغبة في قتل كل الأجزاء التي سببت لي مشاكل إلا أني أرى الآن أنها قد تكون مساعدة لي إذا قررت أن أجعلها أصدقاء لي».

نحن متشابهون ومختلفون ويمكنك أن تنظر إلى الاختلاف على أنه تنوع وهذا الإحساس قد يريحك جداً فنحن متنوعون وهذا مصدر قوة ويمكن لكل واحد أن يستفيد من الآخر وأن يفتح أبواب الإمكانات التي يمكنه أن يحققها في حياته بدلاً من أن يقبع في زاوية من الكون أو الحياة متحسراً باكياً ومن ظن أن قولبة الناس في قالب واحد هو الذي ينفعهم فهو واهم جداً والتنوع موجود في الحدائق والطعام والناس، كما ذكرت وعدم الإقبال على وردة معين لا يعني أنها سيئة وكذلك عدم الإقبال على شخص بعينه لا يعني أنه سيئ كما أن عدم إقباله عليك لا يعني أنك سيئ على الإطلاق.

الحياة مليئة بالخيارات والإمكانات كما ذكرنا وأنت مليء بالقدرات والطاقات والوجوه والأجزاء فاعرف كيف تدير الدفة واكتشف المجهول في عالمك الداخلي والعوالم الخارجية وبعض الناس ينطلق في هذه الدنيا بخريطة تحدد مساراته وأين ينتهي به المطاف، وبعض الناس يصنع خريطته أثناء سيره واكتشافاته الجديدة فهو يسير في أرض مجهولة لا يعرفها، ولا شك أن البشرية كلها تدين للقسم الثاني من الناس).



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد