Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/07/2010 G Issue 13793
الأحد 22 رجب 1431   العدد  13793
 
كميات المخدرات التي تصل إلى المملكة كميات غير معقولة
قبلان بن محمد القبلان الشمري

 

بهذا العنوان قال صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الأمير نايف إن كميات مزعجة من مادة الكبتاجون تدخل المملكة ولو لم يكن هناك طلب لما دخلت للوطن هكذا صرح سموه الكريم في ختام الاجتماع الثاني للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات التي يرأسها سموه الكريم.

وبيّن سموه أن الموضوع مهم جداً ويمس كل مواطن وأسرة لحماية شباب وشابات المملكة من الانزلاق في استعمال المخدرات أيا كانت أنواعها، وقال سموه: إن مجتمعنا مستهدف والكميات التي تصل إلى المملكة كميات غير معقولة لا من الحشيش ولا من الهيروين وهي أسوأ أنواع المخدرات ولا من الحبوب والكبتاجون وما يماثلها وهي كميات مزعجة والحقيقة أنه لولا وجود المشتري لما أتت بهذا القدر ونحن مستهدفون من جهات متعددة من أجل الكسب المادي ومن أجل إفساد مجتمعنا على حساب الأرباح المادية.

وإلى أن قال سموه -حفظه الله- المشكلة تمسّ الإنسان السعودي ولذلك مطلوب من كل رب أسرة ومن كل أم ومن كل فرد من أفراد الأسر التعاون مع الدولة ومع الجهات المعنية لحماية أسرته من هذه الآفة.

وأردف سموه يقول: حرام ومؤلم جداً أن يجد الأب أحد أبنائه أو بناته الذي عقد عليه الآمال وربّاه وعلّمه ينحدر ويضيع في هذه المتاهات.

وتابع سمو النائب الثاني قائلاً: نحن نقول يجب ألا يضيع وعلينا أن نمنع وصول المخدرات إليه وإذا وصلته لا سمح الله علينا أن نعالجه ونعيده إنساناً سوياً إلى مجتمعه وأسرته وهذا يحتاج إلى تعاون الجميع.

فأقول: تعقيباً على ما قال سيدي حفظه الله إن بعض الأسر تخجل من البوح من تعاطي ابنها للمخدرات وينعكس ذلك على عدم علاجه ومن ثم يستمر في التعاطي تحت ستار الأسرة التي قد توفر لابنها هذا الداء القاتل دون علمهم (تعزيز التعاطي) وبما أن للأسرة دورا تربويا بالغ الأهمية لأن الأسرة تعتبر هي اللبنة الأولى من لبنات المجتمع والأسرة لا تصلح حتى تؤسس على أسس تربوية راقية تليق بالإنسان الحر العاقل وهي الخلية التربوية الأولى التي يتلقى الإنسان فيها أصول المبادئ الاجتماعية في أول استقباله للدنيا ففي هذه الخلية يعرف ماله وما عليه من حقوق وواجبات وفي هذه الخلية تتكون المشاعر الإنسانية من الألفة والمحبة والتعاون وفيها تبذر بذور الإيثار والفضائل فتنمو هذه الفضائل حتى تكون تأصيلاً في النفس الإنسانية، وللأسرة أهمية في تربية النشء فإذا شب هذا الناشئ في أسرة يسودها الحب والعطف والتفاهم واحترام الصغير للكبير وإكرام الكبير للصغير ورسخت هذه المبادئ في نفس الناشئ أنتجت إنساناً صالحاً ذكراً أو أنثى والطفل يتأثر بما يحيط به فالإنسان اجتماعي بطبعه يتأثر ويؤثر وأول ما تبدأ التربية فيه عن طريق التلقين والمحاكاة وذلك أن الطفل يرى أبويه يقرآن القرآن ويقيمان الصلاة ويصومان رمضان وغير ذلك من الشعائر الدينية فتنطبع في ذهنه هذه الصورة ويرتسم خطاها بالتقليد حتى إذا كبر أصبحت هذه الأمور عبادة وليست عادة..(ويحضرني قول شهير لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات حفظه الله.. حينما قال: إن صلاح المنزل من صلاح أهله وإن الهدم من الداخل أخطر في تأثيره من قوى أشرار الخارج وأقسى في الفرقة والدمار مما يمكن أن يفعله أعداء العلن خارج ساحة الوطن ومن المؤلم أن يتربص بالوطن أهله وينالون من استقراره ويعطلون مسيرته وتنميته).

وفي الحقيقة أن بعض الأسر يحسبون أن ابنهم المتعاطي أو المدمن أصبح مخلوقا فضائيا أو كائنا غير بني البشر فيجب أن يعلموا ويكونوا على ثقة أن المدمنين والمتعاطين تربة خصبة للاحتواء إذا ما تعاملنا معهم من منظور إنساني وليس من الأبراج العاجية!! حيث إنه من النادر أن تقابل مدمناً أو متعاطيا لم يحاول الإقلاع عن المخدرات لأنه هو الذي يعيش المعاناة اليومية ولا يوجد إنسان مجرد من الأحاسيس وقلبه يخلو من العواطف على الأقل لأقرب الناس إليه كوالديه وإخوته وأبنائه وزوجته، ظاهرة الإدمان والتعاطي مشكلة مجتمع تستوجب (فزعة) الجميع وهذا يدل على أن المدمن ينشد الخلاص لأسباب كثيرة.

وبالرغم من أن المتعاطي يكون صادق الرغبة في الإقلاع إلا أنه يفشل في كل مرة وعندما يدخل البعض منهم السجن بالتأكيد سيقوم باستقراء محاولاته العديدة في التوقف فيلاحظ أن جميع محاولاته تشترك في السبب الدافع إلى التوقف الذي دائماً يكون سبباً مؤقتاً كالخوف من مكافحة المخدرات أو القبض على صديق أو استجابة لضغوط الأهل أو وضع مادي صعب.. كلها أسباب مؤقتة وزائلة وبزوال السبب تزول الرغبة في الإقلاع فيعود إلى التعاطي من جديد.

هنا سيبدأ البحث عن سبب دائم للتوقف وحتماً سيجد أن الدين هو الملاذ والملجأ الأكيد للإقلاع لذلك بعد الهداية سيشعر براحة نفسية لوصف تائب.. لأن التوبة بشروطها المعروفة تحقق الأمان النفسي الذي يجعل الإنسان المتعاطي أو المدمن يقلع عن المخدرات إلى الأبد.

ذكر لي أحد التائبين الذي استيقظ ضميره ولله الحمد ومضى على توبته ست سنوات عندما سألته هل تتذكر أحدا من رفقاء السوء وما هو حالهم الآن وهل سبق أن التقيت أحدا منهم أو ناصحته؟

فقال مضى على توبتي من آفة المخدرات ست سنوات انتقلت فيها من عالم إلى عالم وندمت على كل لحظة قضيتها في عالم المخدرات وأصبحت بعد توبتي أشعر بالسعادة وأتذوق طعم الحياة في ظلال الإيمان ورفقة الصالحين.. وأتذكر قبل مدة قريبة بينما كنت أهمّ بدخول أحد البنوك وإذ بي ألمح أحد كبار تجار المخدرات وفي هذه اللحظة جاشت في مخيلتي تلك الأيام الخوالي وآلامها واعتصر قلبي للحظات وأظلمت الدنيا بعيني ولكني انتبهت بعد لحظات ليهز هاتف الإيمان في أعماقي ويقول لي (أنت الآن فلان التائب وليس ذلك الشخص الذي ما عاد له وجود إلا في عالم الذكريات) جرى في عروقي شعور بالفرح بفضل الله لهدايته لي لطريق الإيمان وأخذت أتمتم بيني وبين نفسي الحمد الله.. الحمد لله ثم دفعني حبي للخير وشفقتي على صديق الأمس أن أنصحه ولكني ترددت في ذلك خوفاً من الفضيحة أمام من يعرفني من موظفي ذلك البنك فآثرت الانتظار ريثما يخرج.. وما إن خرج حتى تبعته وأوقفته لأسأله: يا فلان.. ألا تعرفني؟ أنا فلان بن فلان.. هل حقاً أنت فلان؟.. نعم أنا هو.. احتضنني وعانقني طويلاً.. ثم قلت له: وهل مازلت يا صاحبي على هذا الطريق؟ إلى متى وأنت في هذا الطريق؟

رد علي بتردد آه...آه... لا... لا أنا بطلت.. بطلت.. سألته عن بعض الأصدقاء الذين كانوا يتعاطون معنا..

أين فلان؟ فرد علي.. مات بجرعة زائدة.

وأين فلان؟ فرد علي.. مات بجرعة زائدة.

وأين فلان؟ فرد علي.. نفذ فيه القصاص بعد القبض عليه مستقبلاً للمخدرات.

وأين فلان؟ فرد علي.. بالسجن ومحكوم بخمس وعشرين سنة بسبب الترويج ولن يشمله حتى العفو لأن عليه سوابق.

وتوقفت عن السؤال واكتفيت بهذه الإشارة لعلها تكون لي وله عبرة.. بعد أن أدركنا بأن جميع أصحاب الأمس منهم من مات بتلك الخاتمة السيئة، ومنهم من ينتظر فحمدنا الله على إنقاذه لنا من مثل هذه الخاتمة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد