Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/07/2010 G Issue 13795
الثلاثاء 24 رجب 1431   العدد  13795
 
«الحسبة» لضبط الأسواق والأسعار
فضل بن سعد البوعينين

 

جزى الله إمامي المسجد الحرام، فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، وفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، عن المسلمين خير الجزاء حين خصصا خطبتي الجمعتين الماضيتين للحديث عن الغش في «ميادين تبادل المنافع والمعاوضات والعقود والمعاملات» وتحذير المجتمع من الظلم، الذي هو «جرثومة الفساد» وحثهم على العدل والإحسان وهما «أصل الإصلاح» الذي تنشده المجتمعات.

الغش في الدواء، الكساء، البناء، والصناعات، وتزييف المعاملات، وتزوير الشهادات، الذي ذكره الشيخ السديس في خطبته يطال جزءاً لا يستهان به من التعاملات في المجتمع السعودي المسلم، ويمكن لكل مراقب منصف أن يشهد ذلك الظلم في الأسواق، وفي المعاملات التجارية بشكل عام. الغش التجاري كان سبب وفاة زوجة وابنتيها بعد أن احترق (شاحن الجوال) وأشعل منزلهم وهم فيه نائمون!. الغش التجاري أصاب مُسِن بالفشل الكُلوي بعد أن تناول دواء مُقلدا اشتراه من السوق المحلية!. تزوير الشهادات، الطبية على وجه الخصوص، ربما كان السبب في حرمان وليد غير مكتمل النمو من نعمة البصر بعد أن وضِعَ تحت الأشعة البنفسجية دون تغطية عينية التي أصابهما العمى بسبب جهل الطبيب، وربما كان السبب الكامن خلف الكثير من الأخطاء الطبية القاتلة؛ تزييف المعاملات فيمكن ملاحظته بسهولة في سوقي المال والعقار، والقطاع المصرفي؛ أما غش الغذاء فهو المستشري في الأسواق التي يباع فيها «الوضيع على أنه رفيع»، ويخلط فيها «الجيد بالرديء»، وتؤكل فيها أموال الناس بالباطل، والله المستعان. المصيبة أننا نتحدث عن أسواق المسلمين، التي باتت تتوارى خجلا من عدل وكفاءة وإحسان أسواق غير المسلمين!.

فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد نقل عن أهل العلم قولهم «إن ترك الناس يجرون في بيعاتهم ومعاملاتهم على ما يريدون يؤدي إلى الأضرار بالمصالح العامة وحقوق الآخرين» لذا ففضيلته يعتقد بأن «حماية الناس من التظالم وفساد البضائع ونقصها وضبط أسعارها وتنظيم العقود وشروطها مسؤولية الجميع، من التاجر والصانع والمشتري والمستهلك والوسيط والسمسار والدولة وأجهزتها». ونحن نؤمن بذلك، ونتمنى أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم كاملة، كي تكون أسواقنا أكثر نزاهة ونقاء من أسواق غير المسلمين!، إلا أن الأمر لا يحدث بالتمني؛ والموعظة الحسنة قد لا تؤتي أُكلها في مجتمع بات الغش التجاري فيه شطارة لا مخالفة تستحق العقاب الرادع، وتسبب البضاعة الفاسدة في إزهاق أرواح المسلمين الآمنين يُعتبر «قضاءً وقدراً» لا جريمة ضمت بين أركانها جرائم عدة من الخيانة، الغش، مخالفة ولي الأمر، والتسبب في قتل النفس. المستهلك البسيط لا حول له ولا قوة، فالتاجر والسوق باتا المتصرفان في كل شيء، أما الأجهزة الرسمية فهي آخر من يعبأ بمصاب المستهلك البسيط. صلاح المجتمع والمال والاقتصاد وتحقيق الأمن النفسي والاجتماعي والعيش الكريم يحتاج إلى سطوة السلطان، وقوة القانون فهما السبيل الأمثل لتطبيق الأنظمة وضبط الأسواق، وتحقيق النزاهة، وفرض العدل والإحسان بين الناس بعد أن نفر منه كثير من التجار، وأذعن لفقدانه المستهلك، وأصبح الحصول عليه من المستحيلات، نتفق جميعا مع قول فضيلة الشيخ بوجوب «وضع الجزاءات الرادعة والعقوبات الزاجرة فقوة السلطان تعدل زيغ المنحرف وترد السلوك المتجاوز ليحفظ للناس ما يطالهم من الجشع والطمع ومحاربة الناس في أرزاقهم وضرهم في معاشهم». فهل توضع الجزاءات الرادعة، ويتم تنفيذها وفق آليات منضبطة تحقق العدالة والسلامة للجميع».

فضيلة الشيخ بن حميد تحدث عن أهمية الحسبة في إحقاق العدل والإحسان، ومواجهة الظلم، وهذا يقودنا إلى اقتراح ربما ساعد في ضبط الأسواق والأسعار من خلال رجال الحسبة وفقهم الله. فنجاح رجال الحسبة فيما أوكل لهم يُشجعنا على المطالبة بالنظر في إمكانية الاستفادة منهم في ضبط الأسعار، خاصة في أوقات الأزمات، ومراقبة الأسواق وما يعرض فيها من بضائع مغشوشة، أو منتهية الصلاحية فهم أكثر نفعا ومصداقية في السيطرة عليها من الآخرين. الاحتساب في حماية المستهلك هو جزء لا يتجزأ من مهام الحسبة في الإسلام..

«من منبر الحرم»

«من منبر الحرم» برنامج قيم تعرضه قناة الإخبارية يوم الجمعة يتناول فيه مقدمه وضيوفه موضوع خطبة المسجد الحرام بالتفصيل والتأصيل بأسلوب علمي يجعل من البرنامج منبرا آخر من منابر الخير والعلم النافع. تحية ملؤها التقدير والإجلال لجميع القائمين على البرنامج، ولقناة الإخبارية، ولمقدم البرنامج المبدع والمتميز عبدالرزاق العليوي.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد