Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/07/2010 G Issue 13795
الثلاثاء 24 رجب 1431   العدد  13795
 
مسؤولية
علم الأنساب وهم أم حقيقة
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة على الميت)

- حديث نبوي، رواه مسلم -

بالرغم من تضارب الآراء حول منهجية علم الأنساب أو شرعيته أي ارتباطه بالدين إلا أنني أجزم بأن اهتمام المجتمعات العربية ومجتمع شبه الجزيرة العربية خاصة بما هو عليه الآن من التشدد بالنسب إلى حد التعصب القبلي لا يتفق مع العقل.

وقد ذكر العلامة الشيخ حمد الجاسر في إحدى مقالاته في المجلة العربية قوله (ولا أبالغ إذا قلت بأن علم النسب لا يقوم على أسس علمية صحيحة، فما هو سوى موروث الأجداد للأحفاد فمن بعدهم، مما يعتمد على الذاكرة والعاطفة، وهما ليستا مُؤْتَمَنَتَيْن دائماً،.... وقد أثبت في مقدمة كتاب «جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد» رأيي في كثير من الأسر المجهولة النسب حين قلت: إِنِّنِيْ أَعْتَقِدُ جَازِماً أَنَّ كُلَّ أُسْرَةٍ نجديَّة، كَانَتْ تُقِيْمُ فِي هَذِه الْبِلادِ قَبْلَ أَنْ يَتِم الاتِّصَالُ بِالْعَالَمِ الخارجي بعد مُنْتَصَفِ القرن الرابع عشر الهجري، كُل أُسْرَةٍ ذات أَصْلٍ عَرَبي صَحِيْحٍ، إِمَّا بِصِلَةِ نَسَبٍ أَوْ بحِلْفٍ أَوْ وَلاءٍ، وكل هذه الأُمُور تُبْنَى عَلَيْهَا صِحَّةُ الْنَّسَب مِنْذُ أَقْدَمِ الْعُصُوْر، وَلَكِنَّ كثيراً من تلك الأُسَرِ جَهِلَتْ أُصُوْلَهَا لأَسْبَاب كَثِيْرة)

ولنترك العلوم والمنهجية العلمية ولنتحدث ببساطة عن نتائج اهتمامنا بالنسب إلى حد التعصب ولنلتفت حولنا إلى مشاكل الزواج تحديدا وتعصب الآباء لتزويج بناتهم من نفس القبيلة أو من قبائل توافقها في النسب، وما يترتب عليه من حرمان للفتيات من فرص الزواج وتكوين أسرة.

ولننظر إلى تصاعد الموضوع إلى حد وجود قضايا في المحكمة بتفريق الأزواج حتى بعد وجود الأطفال وبناء الأسرة لأن الزوج لا يكافئ الزوجة في النسب. فتهدم أسرة ويتبع ذلك مشاكل عدة لأجل النسب.

وإذا نظرنا إلى الحياة العامة فمن المعيب أن يتم اختيار الأفراد في الوظائف بناء على النسب وليس بناء على المستوى التعليمي والكفاءة.

حتى في حكمنا على سلوكيات الأفراد من حولنا نحتكم إلى النسب وكأن القبائل منزهيّن عن الخطأ ومن سواهم وبسبب نسبهم يتوقع منهم الخطأ.

المؤسف أنه حتى المثقفين لدينا لم يسلمون من التورط في هذا التعصب الذي لم ينتج في مجتمعنا سوى فرقة وضغائن في النفس.

الكارثة أننا نردد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ونحفظها عن ظهر قلب لكن حينما نأتي إلى ممارسة حياتنا تظهر النعرة العصبية التي هي في مقياس العقل كثير من الجهل ولا تمت للعقل والمنطق بصلة.

ببساطة كيف تكون القيم مرتبطة بالنسب ؟

تتكون القيم عبر التنشئة الاجتماعية في الأسرة وهي نتاج أم وأب وليس معنى أنهم من هذه القبيلة أنهم متمسكين بقيم العرب الأصيلة، فما عادت القيم العربية رهينة بشيخ القبيلة وأبنائها، في ظل انفتاح عالمي وعولمة دمجت كل رموز الثقافة حتى باتت متماثلة وهذا ما يجعل الثقافة الإسلامية مستقلة لأنها منبثقة من دين محفوظ بأمر الله.

نحتاج إلى أن نبدأ بالفعل في اتجاه العقل والدين لوضع النسب في مكانه الصحيح من التراث القديم دون أن يكون معيارا وتقييما للإنسان بدلا من دينه وخلقه.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد