Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/07/2010 G Issue 13797
الخميس 26 رجب 1431   العدد  13797
 
الترفيه بين الضرورة والترف
د. عقيل محمد العقيل (*)

 

نعيش في مستودعات بشرية وكأننا بضائع لا بشر لنا حاجاتنا الاجتماعية والنفسية والترفيهية؛ فلا أرصفة فسيحة مشجرة ومنارة تمكننا من المشي بأمان بعيدا عن حركة السيارات ومواقفها، ولا مراكز أحياء (مسجد، محال خدمات ضرورية، ملاعب.. إلخ) نمشي لها ونتواصل فيها أطفالاً وشباباً وكباراً. نعم فأحياؤنا المخططة شبكيا وتدمج حركة المشاة بالسيارات ومواقفها وتغص بالشوارع التجارية غير محددة الاستخدام تصلح كمستودعات بضائع لا مساكن لبشر بأي حال من الأحوال.

أحد الأقارب قال لي إن ابنه البالغ من العمر تسع سنوات يطالبه بالخروج للعب مع أقرانه في الحي بعد أن أقفلت المدارس أبوابها، وهو يمنعه من ذلك خوفا على حياته من حركة السيارات، وخوفا عليه من الاعتداء في حي أقرب ما يكون لورشة عمل لا تغيب عنها المعدات الثقيلة والعمالة بأنواعها كافة، ويقول إن البديل الذي قدمه لابنه التسلية الإلكترونية رغم معرفته بأضرارها الصحية فضلا عن النفسية وفقدان الروح الاجتماعية.. ولكن ما الحل؟

المجتمع السعودي، وفي ظل سيادة الأحياء الشبكية المقطعة للأواصر الاجتماعية والمانعة للحركة والمعززة لأمراض العصر من سكر وضغط وتصلب شرايين وسكتات قلبية ودماغية، لم يعدم الحيلة؛ فالبعض لجأ إلى شراء مساحات كبيرة للسكن رغم التكاليف العالية حتى وإن كانت الأرض بعيدة؛ لتوفير بيئة صحية وترفيهية داخل السكن، والبعض لجأ إلى الاستراحات التي أصبحت من سمات المجتمع السعودي، والبعض - خصوصا الشباب - اتجهوا لتأجير الملاعب لممارسة الرياضة؛ ما ولّد نشاطا تجاريا جديدا وهو تحويل الأراضي الكبيرة إلى ملاعب تؤجر بالساعة حتى بتنا نرى أراضي تجارية تحولت إلى ملاعب منارة تؤجر على الشباب الراغبين في ممارسة الرياضة.

بكل تأكيد هذه الحلول ليست جذرية، وليست مجدية، وبعضها غير متاح للجميع، والبعض الآخر ولّد مشاكل جديدة نحن في غنى عنها مثل تعاطي المخدرات والمشاكل الأخلاقية؛ وبالتالي فنحن بحاجة إلى تدخل حكومي فاعل للتصدي لقضية الترفيه التي تعتبر من الضروريات لا من قضايا الترف، وأعتقد أن تحالفا بين وزارة الشؤون البلدية والقروية وأماناتها وبلدياتها والهيئة العليا للسياحة والآثار ووزارة التربية والهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضية يجب أن يُعقد للتصدي لهذه المشكلة، وإلا علينا أن نتحمل نتائج غياب ذلك، وهي نتائج لا تخفى على ذي لُبّ، وتكاليفها أعلى بكثير من تكاليف منع وقوعها.



* alakil@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد