Al Jazirah NewsPaper Friday  09/07/2010 G Issue 13798
الجمعة 27 رجب 1431   العدد  13798
 
لماذا نكتب؟
د.عبدالمحسن بن عبدالله التويجري

 

إني أكتب بهدف ولهدف غايته أن يصل إلى القارئ ويسهل له التمكن من كل الأهداف التي تؤسس إلى ثقافة واسعة، وإلى فكرٍ لا يضيق بل يزيد وعيه ويتسع أفقه مع الوقت.

إنها ليست نصائح أو توجيه ذلك الذي أكتب، ولكنها تأخذ طابع الحوار والمناقشة، وهذا الحوار قد يضيف أو يدفع إلى حلول مناسبة، ويجعل من الحالة محور تفكير واحد، وإن كانت قضية فقد يساهم في حلها أكثر من طرف، ثم إن الكتابة مهنة ولكنها لا تغني عن طابعها الفني المستتر وراء الكلمات، وعلى الكاتب أن يسأل نفسه لماذا أكتب، ليتلقى جواباً تدفع به المصداقية، والموضوعية هي بناؤه، وأبسط ما يميزه حرمة فوضى الكلام الذي يخلو من هدف، ومن مهمة ذلك أن يسهل مهمة الكتابة، ومهمة الاستيعاب لدى القارئ.

وكل كاتب بصدد تلك المعاني التي تحرك الفكر وتبدع كلاما لا نبالغ إذا قلنا إن طابعه طموح بعيد، هو مقال يحلل ويعين القارئ على الاستنتاج السليم، ومن كتاب كشف الظنون للعالم حاجي خليفة، ذكر سبعة أغراض لكتابة لها طابع فني، وتلك الأغراض لخصها على النحو التالي:

- اختراع جديد.

- إتمام ناقص.

- جمع متفرق.

- ترتيب مختلط.

- تصحيح خطأ.

- شرح غامض.

- اختصار طويلٍ.

فما يكتب إذا تقيد بهذه الأغراض أو بعض منها فهو أقرب ما يكون إلى النهج الصحيح.

ومن المؤسف أن هذه الأغراض السبعة قد اختفت الآن، ولم تعد رابطاً لما نكتب، ومن المهم أن تعود لترسم الطريق، وتضبط كل إيقاع فيه، وأن تعنى بتحديد الغرض مما يكتب، والحرص على إيضاحه، وتفسير الغامض فيه.

والطريقة المناسبة في يومنا هذا هي الطريقة الاستقرائية، فيتحقق استقلالنا الذي يمنح الفرصة للإبداع والعطاء الفكري بغنى محتواه.

والكتابة مهما كان الجهد الذي يبذل في سبيلها، فالمهم الاعتبار الأول لدى الكاتب المتجسد في أهمية القارئ واحترام فهمه وذوقه، فيكتب من يكتب للناس بمصداقية ووضوح، ويتحرر من كل الضغوط أو الإغراءات التي قد تلاحقه ليكتب أفكار غيره، وبهذه الطريقة فهو أجير لغيره انحرف طريقه عن الأصول ليجد أن الهدف السامي فيما سبق تحول ليكون هدفاً يلفه الغث على طريقٍ رخيص لاقيمة معه ومحتواه لا يرضيه وإن أرضى من دفع به.

ما سبق لمحات تلقي الضوء على واقع، وتجيب عن السؤال الذي جاء في مقدمة الموضوع، لماذا أكتب؟ وإن كان هذا هو واقع الحال بالنسبة لي فأظنه نفس الحال لكل كاتبٍ هدفه الناس.

إن الأسباب التي تطرقت لها لا تمثل الأسباب كلها، وقد اختصرت بالقدر الذي يوضح الأغراض، فمجال المقال محدود بمساحته، والمتاح له، فالمهم أن يزيد بناؤه غنى ليستقيم مسيره فيتحقق عنصر الأداء الفني والفكري إن السؤال الذي بدأت به هذا المقال إجابته لانجدها في ما كتبنا حيث الموضوع ذو أبعاد ومتشعب في أهدافه وأثره والله الموفق.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد