Al Jazirah NewsPaper Friday  09/07/2010 G Issue 13798
الجمعة 27 رجب 1431   العدد  13798
 
للرسم معنى
من الأحق بالعلاج بالفن؟
محمد المنيف

 

أتفق مع المختصين في العلاج بالفنون وأخص هنا الفن التشكيلي، وأعجب بما يقدمون من أجله لإقناع المجتمعات بإمكانيته في علاج بعض الأمراض النفسية وليست العضوية، كما ذكره الكثير من أصحاب هذا الرأي، مستهدفين به من لديهم اضطرابات نفسية، أو ما جاء من تعريف الجمعية الأمريكية أنّ هذا الأسلوب من العلاج يقوم على تعديل الأفكار والسلوكيات والمزاج والأحاسيس والمشاعر، من خلال أي من أدوات الفنون التشكيلية كالرسم بالأقلام أو التلوين أو تشكيل الخزف أو الفنون التطبيقية التي تعتمد على التركيب واستخدام الوسائط إلى آخر المنظومة، وذلك ليصل هذا الفرد إلى الصفاء الروحي والشعور بالرضا عن النفس، مع ما تبع ذلك من نظريات وتجارب في هذا العلم.

هذا كله لا اختلاف عليه، إلاّ أنني وبرغبة في اكتساب المعرفة عبر إجابات مقنعة، أجد أنّ هناك الكثير من التناقض بين ما يجمع عليه أصحاب علم علاج المرضى النفسيين (من العامة) بالفن، وعجز هذا الفن عن علاج بعض المنتسبين له وممتهنيه كإبداع، ممن لديهم أعراض تلك الأمراض ومنها (الاضطرابات النفسية)، إذ لم تؤثر فيهم ممارستهم الطويلة فيه، ولم تعدل أفكارهم ولا سلوكياتهم وأمزجتهم، مع أنّ تلك الصفات، وحسب ما جاء في تعريف العلاج بالفن، لا يمكن أن تجتمع في عقل ووجدان من وهب القدرة على الإبداع، فمنهم المبتلى بالنرجسية وحب الذات والسعي لفرضها على محيطه، ومنهم من يزاحمون لكسب الأضواء، يغضبون لتفوق زميل ويشعرون بالغيرة لحصول آخر على جائزة، يفتقدون أساليب الحوار، ويتصيّدون عيوب من لا يوافقهم الرأي، يرون أنهم الأفضل والأهم، يعتقدون أنهم المعنيون بكل كلمة نقد أو رأي، يبحثون عن الإثارة ولفت النظر بمخالفتهم الآخرين، ويقودون من يفتقد الوعي.

من هنا يمكن الخروج بنتيجة من علم (العلاج بالفن) أنّ هؤلاء ليسوا في الحقيقة من الفنانين ولا من المرضى السهل علاجهم بل ممن استعصي على الفن علاجهم أو التأثير فيهم وتغيير نهجهم وسلوكياتهم، كونها أكبر من إمكانيات الفن ذاته، فأصبحوا فنانين بالاسم بما يمارسونه من عبث لا يتجاوزون به حدود الإمضاء على اللوحة أو المنحوتة، محتفظين بأمراضهم وعللهم فأصبحوا (مع قلّة عددهم) عبئاً على هذا الفن، يورثون تلك الجينات لأجيال تلو أجيال.

أجزم أن ما جاء في سياق المقال سيثير التساؤلات ويحرك أصابع الشك تجاه البعض في ساحتنا أو أن يشعر البعض أنني أعنيهم، مع أنّ هذا الواقع منتشر ومستشرٍ في كل الأوساط ومنها الفن التشكيلي وعلى مستوى العالم، وعلى كل من يشعر أنّ على رأسه بطحاء أن يتلمّسها.



monif@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد