Al Jazirah NewsPaper Friday  09/07/2010 G Issue 13798
الجمعة 27 رجب 1431   العدد  13798
 
مسؤولية
يوميات المبتعثين (كبار السن!!)
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

((الشباب له وجه جميل والشيخوخة لها روح جميلة))

حكمة عالمية

أجمل ما يمكن أن تمارسه خلال غربتك هو التأمل في ذاتك وفي ما حولك ومن حولك، عندما تعيش في غير بلدك يصبح لديك وقت للتأمل ورؤية البلد الجديد الذي تعيش فيه بشكل أعمق ربما من سكانه.

وعندما تسافر للغرب للسياحة يبدو الأمر مختلفاً تماماً عن استقرارك في تلك البلاد ويومياتك فيها لا تشبه يوميات السائح الذي يمضي وقتاً قصيراً مهما طال. طبيعة التنقل تختلف عن طبيعة الاستقرار وممارسة الحياة اليومية بجميع تفاصيلها، فمن أجمل ما وجدت في نظام إنجلترا اهتمامهم الواضح بالأطفال وكبار السن.

بالنسبة للأطفال فهم يقدمون لهم بجانب الخدمات الضرورية من صحة وتعليم تخفيضات كبرى ترتبط بتلك الخدمات، مثلاً محال النظارات البصرية تقدم تخفيضاً للأطفال دون السادسة عشرة لشراء النظارة الطبية مقابل تحديدهم لمجموعة معينة فقط يمكن للآباء شراؤها لأطفالهم، أما الكبار ففضلاً عن الخدمات الضرورية فإن على الآخرين دوماً مراعاتهم دون العطف عليهم أو الشفقة ولكن بعيداً عن النظام والخدمات التي تقدم للأطفال وكبار السن فقد لفت نظري استمتاع كبار السن هنا في إنجلترا بحياتهم، جلست بجانبي ذلك الصباح امرأة في عقدها السادس، خطوط التجاعيد احتلت مساحة كبيرة من وجهها ومع ذلك فقد كانت عصرية في ملبسها دون تكلّف.

ابتسمت لها وألقيت عليها تحية الصباح فردت مبتسمة، قلت لها إنها تبدو جميلة وحيوية، فأخبرتني أن الحياة تستحق أن نتزّين لها. وقبل أن يقف الباص في المحطة التي تريد أخرجت المرآة الصغيرة من حقيبتها اليدوية لتطمئن على زينتها، ودعتها مبتسمة وطافت في مخيلتي صور لنساء كبيرات السن في بلدي.

بي حسرة عليهن لأن المجتمع يحكم عليهن بالموت الجسدي والروحي قبل أن يمتن حين يقيد سلوكياتهن وحتى ألوان الملابس التي يرتدينها!!

في مانشستر، لطالما رأيت الأزواج بعد الستين والسبعين في طريقهما إلى السينما أو يتنزهان في الحديقة.

لن أكون مغرقة في التفاؤل فأطمح إلى مثل هذه الصور ولكن أتمنى أن نعطي كبار السن مساحة من الحرية في العيش بتفاؤل أكبر وممارسة الحياة الطبيعية في لبسهم وقضاء أوقات فراغهم دون تقريعهم بعدد سنوات عمرهم، ربما لو شعروا بأن لهم دورا في حياتنا بشكل ملموس يستطيعون أن يعيشوا حياتهم الباقية بسعادة دون إحساسهم بأنهم عبء على شبابنا المنطلق نحو تحقيق أحلامنا.

الجسم لا يشيخ، الروح هي التي إن تعبت تشيخ سريعاً.



nahedsb@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد