Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/07/2010 G Issue 13799
السبت 28 رجب 1431   العدد  13799
 
نهارات أخرى
نبش الغراب وما فيه حيلة!
فاطمة العتيبي

 

(الجوع قد يهدد المخ، لكن الشبع المتخم فإنه لا يهدد المخ: يفلطحه حتى يصبح بركة أو مستنقعاً راكداً لا يصلح للتفكير.. أو حتى التدمير.)

- محمد مستجاب (نبش الغراب - المجموعة الثانية)

أصحاب الأمخاخ المفلطحة زادوا بفعل زيادة أنواع التخم، الصفة الدالة على هؤلاء هي الركود، منذ تركوا مقاعد الدراسة لم يفتحوا كتابا وإن شاء الإله أن يفتح شهيتهم للقراءة، قرأوا كتبهم القديمة التي حفظوها عن ظهر قلب.

شاهدت برنامجا على إحدى الفضائيات المستجدة فتذكرت رأسا مقولة محمد مستجاب الآنفة الذكر، الشبع يفلطح المخ فعلا، لقدد ردد الجالسون كلمة الكفرة عشرات المرات وهم في جلسة يحضرها الناشئة، (السفر لبلاد الكفرة!) (حتى الكفرة في بلاد أوروبا لا يقولون هذا)!

إن مثل هؤلاء راكدون حتى الفلطحة فهم لا يفكرون ولا يدمرون وهي مرحلة قاتلة وبائسة إذ يصبح فيها الإنسان واهن، متخثر، فاقدا للهمة، يردد مثل الببغاء ما يجتره من عبارات راكدة في مستنقع مخه المفلطح!

واحدهم يدخل المستشفى ويسأل عن الطبيبة الشهيرة ويدفع مالا ويأخذ رقما وينادي أم فلان ويدخل مع زوجته لأنه لا يأمن على أم العيال حتى مع طبيبة! لأنها تحتاج من يدبرها في كل خطوة حتى لتشاهدهن يسرن خلف أزواجهن بمسافة بعيدة وحين يتجاوزون العيادة يلتفت إليها موبخا: طيب أنت ما تقرين؟ هماك مدرسة، الله يخلف على اللي تدرسينهن، أكيد أنهن كمخ مثلك؟

ترد بهمس لا يخلو من تقديس: أنت براسك ماشفت اللوحة تبيني أشوفها أنا؟؟

يدخلان، تخبرهما الطبيبة أن الموعد القادم سيكون مع طبيب رجل لأنها ستتمتع بإجازتها.

يخرجان ويلتفت على زوجته مهددا: شوفي لو يموت اللي في بطنك، تصبرين إلى أن ترجع الطبيبة!

ترد بهمس لا يخلو من حكمة: ما يكون إلا خير والطبيبات واجد.

يكمل سهرته في الاستراحة، يضبط مؤشر الشاشة على نقاش ساخن يلتفت إلى الرفاق ويزمجر: ماذا يريد هؤلاء بنسائنا؟ هل يريدونهن يعملن طبيبات يخالطن الرجال؟ والله لو نرجع للفصد والكي والدايات أصرف لنا! ولا تشتغل حريمنا طبيبات، تتجاوب معه الأصوات التي شبعت للتو: قال طبيبات قال؟

هذه مخططات الغرب لإبعاد حريمنا عن حجابهن ودينهن.

في صالة الأفراح المجاورة كانت (حريمهم) يرقصن لساعات ممتدة ومتواصلة حتى انبلاج الفجر على أنغام أغاني راشد وخالد وأليسا، أثوابهن جد قصيرة وجد مكشوفة وجد شفافة، الشوكلاته جاءت من لبنان خصيصاً، وديكور الكوشة كلف مائتي ألف بس، بينما مازالت الطبيبة في الطوارئ حتى ساعات الفجر تباشر الحالات وتداوي المرضى وتشبع من الشعور بجدوى الحياة ومن الدعوات والحسنات!

حين لا يسمع الإنسان إلا صوته ولا يقرأ إلا كتبه الأولى وحين يشبع من رجع الصدى المتشابه فإنه يصاب بتفلطح المخ، يعني يصير ما فيه حيلة!

F.F.ALOTAIBI@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد