Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/07/2010 G Issue 13799
السبت 28 رجب 1431   العدد  13799
 
مفارقات لوجستية
مجلس الشورى والمضاربة على أسهم شركات التأمين
د. حسن عيسى الملا

 

التأمين في المملكة كان حكراً على الشركات الأجنبية التي افتتحت لها إدارات إقليمية في دول الخليج العربي وافتتحت لها مكاتب تمثيل ومن ثم فروعاً في داخل المملكة، وكانت جهات متعددة حكومية وأهلية تؤمن لديها بمليارات الريالات، ويستفيد من عوائدها المليونية مجموعة من الشركات الأجنبية، مما حدا ببعض المستثمرين السعوديين إلى تأسيس شركات تأمين خارج المملكة جلْ عملها يتم في أسواق المملكة، والسبب معروف وهو تحريم التأمين تأسيساً على أنه نوع من أنواع القمار، مما وافق قول الشاعر: (حرام على بلابله الدوح، حلال للطير من كل جنس).

ضغطت الحاجة، وحماية الاقتصاد الوطني، ووقف نزيف أموال المؤمنين إلى الخارج، على فقهاء السياسة الشرعية فأجازوا شركة التأمين التعاوني، ومارست التأمين لردح من الزمن منفردة في سوق تأمين تجاوز حجمه المليارات من الريالات، إلى أن صدر نظام التأمين التعاوني، وعهد بسوق التأمين والترخيص لشركات التأمين التعاوني والإشراف عليه إلى مؤسسة النقد العربي السعودي باعتبار أن التأمين شبيه في محاسنه ومخاطره بأعمال البنوك.

ولأن الحكومة تعلم بأن عوائد التأمين مجزية، أرادت أن يعم الخير كافة المواطنين وألا يقتصر على فئة محددة من المستثمرين، فاشترطت في النظام أن تؤسس شركات التأمين بكيانات قانونية كشركات مساهمة عامة يطرح جزءا من أسهمها للاكتتاب العام.

وهكذا، تعددت شركات التأمين وانتشرت كالنار في الهشيم، لأن ربحها مؤكد ليس فقط بسبب قلة ما تدفعه من تعويضات مقارنة بما تقبضه من أقساط التأمين، وإنما بسبب ما تجريه من إعادة التأمين لدى شركات التأمين العالمية، بحيث تستعيد منها ما تدفعه من تعويضات للمؤمنين.

المفارقة، أن شركات التأمين هذه أصبحت هدفاً للمستثمرين والمضاربين في سوق الأسهم، لأن رأسمال كل منها قليل مما أدى إلى أن تكون أسهمها المتداولة محدودة مقارنة بأسهم البنوك والشركات الأخرى، مما يسهل لمضارب أو أكثر السيطرة على حركتها صعوداً أو هبوطاً.

جميل أن يتنبه مجلس الشورى لهذه الظاهرة، كما نشر في أكثر من صحيفة محلية، لكن علاج هذه الظاهرة لا يتم بإلغاء شرط طرح جزء من أسهم شركات التأمين للاكتتاب العام وتحويل شركات التأمين إلى شركات مساهمة مقفلة مقتصرة على مؤسسيها، لأن ذلك سيؤدي إلى احتكار فئة قليلة من الأغنياء لعوائد شركات التأمين، والذين ارتفع عددهم بنحو 14.3 في السعودية في عام 2008م حسب ما أعلنته ميريل لينش، وإنما قد يكون العلاج في اشتراط رأسمال لا يقل عن مليار ريال، وأن يطرح منه للاكتتاب العام نسبة لا تقل عن أربعين في المائة مما سيؤدي إلى امتلاك عدد كبير من المواطنين لأسهمها وزيادة كميات التداول مما سيحد من تحكم المضاربين فيها، كما حدَّ من تحكمهم في أسهم الشركات المساهمة الأخرى ذات الرساميل الكبيرة والأسهم الكثيرة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد