Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/07/2010 G Issue 13803
الاربعاء 02 شعبان 1431   العدد  13803
 

عفوًا سيبويه
فايز بن عبيد الحربي

 

شاع في هذا العصر الحديث مفردات وعبارات من اللغات الأجنبية ضمن حديثنا اليومي، وخلال الإعلانات، والأحاديث الرسمية، والشعبية، حتى وصلت إلى بيوتنا فأصبحت هذه المفردات ضمن أبجديات التعامل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيرها من أنواع التعاملات.

هذه الظاهرة المخيفة تدل على قصور في إدراكنا لمدى أهمية لغتنا التي هي لغة القرآن الكريم، والتي يتوجب علينا جميعًا إتقانها فضلاً عن الاعتزاز بها، فاللغة العربية غير عاجزة عن إيجاد لفظ دال على أي شيء، ولكننا هنا يجب أن نعترف بأننا نحن السبب في انتشار هذه الظاهرة؛ فعدم التسلح بسلاح لغتنا الأم يجعلنا عاجزين عن مواجهة أي لفظ أجنبي وإيجاد المرادف الصحيح له. فالبعض يرى أن الألفاظ الأجنبية تجذب الانتباه بشكل أكثر، أو أنها طريق لإبراز الشخصية أمام الآخرين! ولكن للأسف فإن مَن به مثل تلك الصفة فهو يعاني غالبًا نقصًا في شخصيته.

ولو أخذنا على سبيل المثال بعض القنوات الفضائية التي تلعب دورًا كبيرًا في تعليم جيل الشباب غير المسلح بسلاح الثقافة العربية فستشعر وأنت تشاهد هذه الفضائيات بأنك غير قادر على التركيز في موضوع البرنامج وأهدافه؛ لأن مقدِّم البرنامج يتحدث بأكثر من لغة أجنبية؛ فتارة يقول: (Bnjour) وتارة أخرة (Break) ونعود وتارة يقول WOW. يتحدث لغات عدة أكثر من اللغة العربية، مع أنها فضائيات عربية! ونشاهد أيضاً في بعض الإعلانات ولوحات المحال كثرة الألفاظ الأجنبية لدرجة الإساءة إلى اللغة؛ فتقوم بكتابة الكلمة الأجنبية بأحرف عربية، ومن أمثلة ذلك كلمة «فيول» وأول ما يتبادر إلى الذهن أنها جمع شاذ لكلمة «فيل»! ولكن المقصود بها هو الكلمة الإنجليزية «Fuel» وكذلك كلمة «Coffee shop» وكتابتها «كوفي شوب»، فكلمة كوفي في العربية هي نسبة للكوفة. والكثير الكثير.. فكل هذه التصرفات هي نوع من أنواع الثقافة الهابطة والدخيلة على مجتمعنا.

ولهذا فإننا بحاجة إلى وقفة صادقة على الصعيدين المحلي والعربي لوضع حد لهذا الضعف، وإلى البحث الجاد عن الحلول الممكنة لمعالجة أوجه القصور في التعليم، وفي الإعلام، وفي جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية والأهلية التي تشترك في أسباب هذا الضعف واستمراره، حتى لا تصبح اللغة العربية غريبة على أبنائها، أو أن يقتصر استخدامها بين أوساط المثقفين، أو الأوساط الرسمية.

فمن الأفضل أن نستخدم اللغة نقية طالما أنها قادرة على استيعاب كل ما هو جديد؛ فاللغة العربية أوسع وأرحب مما نتصور؛ فهي قادرة على استيعاب كل جديد وكل تطور علمي واجتماعي وبكل مجالات الحياة كما كانت سابقاً حين استوعبت كل الحضارات والتطورات وحضنت التاريخ وكانت خير لغة لكتاب الله الكريم.

وكما قال الشاعر حافظ إبراهيم عن اللغة العربية:

وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَةً

وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ

فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ

وتنسيقِ أَسْمَاءٍ لمُخْتَرَعَاتِ

وأخيراً فلنتذكر أن أي شعب يعتز بلغته هو جدير بالاحترام.

faiz2006@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد