Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/07/2010 G Issue 13803
الاربعاء 02 شعبان 1431   العدد  13803
 
أنت
الحركات الجماهيرية 3
عبد المحسن بن عبدالله الماضي

 

1- إن الذين لا يجدون صعوبة في خداع أنفسهم لا يجدون صعوبة في خداع الآخرين.. ومن ثم فمن السهل إقناعهم وقيادتهم.

2- حتى تحقق الحركات الجماهيرية أهدافها في غرس القدرة على العمل الجماعي والتضحية بالذات في نفوس إتباعها تقوم بتجريد كل كائن إنساني من تميزه واستقلاله وتحويله إلى ذرة معزولة لا حول لها ولا قوة ولا إرادة ولا منطق.. والنتيجة الحصول على عجينة بشرية يمكن للحركة تشكيلها ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال أجواء مشحونة بالمشاعر.. فإثارة المشاعر ليست وسيلة ناجحة لهز التوازن القائم بين الإنسان ونفسه فحسب ولكنها النتيجة الطبيعية لاختلال هذا التوازن.. وبذلك يكون الإنسان مجبراً على أن يرفض ويشجب ويسيء الظن في الجميع.. ويتحول إلى كائن يكتفي بردود الفعل الطائشة.

3- تصف الحركات الجماهيرية أي وجود مستقل بأنه وجود بائس وملوث ولا يمكن تطهيره إلا بالعثور على حياة جديدة في أحضان كيان جماعي مقدس سواء كان كنيسة أو أمة أو حزباً.

4- المتطرف حينما يعتنق قضية ما ليس بسبب عدالتها أو سموها.. ولكن لحاجته إلى شيء يتمسك به.. لذلك فكل قضية يعتنقها يعتبرها قضية مقدسة.. وليس بالإمكان إبعاده عن قضيته بالمنطق والنقاش.. ومن المستحيل إقناعه بأن يخفف من حدة إيمانه المطلق بعدالة قضيته المقدسة.. ومع ذلك فهو لا يجد صعوبة في القفز فجأة وبقوة من قضيته المقدسة إلى قضية مقدسة أخرى.. أي إنه لا يمكن إقناع المتطرف ببطلان قضيته ولكن يمكن تحويله إلى قضية أخرى.

5- رغم أن المتطرفين يظهرون كما لو كانوا على طرفي نقيض مع المتطرفين في حركة جماهيرية أخرى.. إلا أنهم جميعاً في حقيقة الأمر يقفون متزاحمين في خندق واحد.. وأن الفرق الحقيقي هو بين المتطرفين والمعتدلين.. وهؤلاء يظلون متباعدين ويستحيل أن يلتقوا.. ومن السهل على الشيوعي المتطرف أن يتحول إلى الفاشية أو القومية المتطرفة أو الكاثوليكية المتعصبة لكن لن يتحول إلى ليبرالي معتدل.. لقد انضم المتطرفون في ألمانيا واليابان بعد الهزيمة إلى الشيوعية والكاثوليكية واليمين المتطرف.

6- تتشابه الحركات الجماهيرية والجيوش.. فهي تنظيمات جماعية.. كل منها يسلب الفرد استقلاليته ويطالبه بالتضحية والطاعة العمياء والولاء المطلق.. وكل منها يستعين بالخيال والأوهام للتحفيز على المغامرة.. ومن الملاحظ أن ضابط التجنيد العسكري والناشط الشيوعي والداعية التبشيري يصيدون الأسماك من البحيرة نفسها: بحيرة المحبطين.

***

(فقرات من كتاب المؤمن الصادق الذي تم تأليفه عام 1951م وترجمه الدكتور غازي القصيبي العام الماضي).



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد