Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/07/2010 G Issue 13803
الاربعاء 02 شعبان 1431   العدد  13803
 
إلى الأمام
كل شيء بالإيجار وأحجية البحث عن المستفيد
د. جاسر عبد الله الحربش

 

الكثير من مباني المدارس بالإيجار وبعض الدوائر الحكومية بالإيجار، والأهم من ذلك كله أن ثلاثة أرباع المواطنين يسكنون بالإيجار. ماذا نملك إذن إذا كان تقريباً كل شيء بالإيجار؟ أو بالأحرى من هم وكم عددهم أولئك الذين يؤجّرون علينا كل ذلك بدءاً من المدارس والدوائر الحكومية وانتهاءً بالمساكن؟ هؤلاء المستفيدون من حياتنا بالإيجار هل هم أشباح أم مواطنون؟ لماذا لا يتعاملون معنا حسب متطلبات المواطنة والمشاركة في العيش والملح؟

سؤال آخر.. لماذا تعتقد شعوب الأرض كلها أننا مصابون ببطر الثروة ونحن نعيش بالإيجار؟ هل لأنهم يرون في فضائياتنا الباذخة عمارات شاهقة وطرقاً فسيحة وأعمدة إنارة تستمر مضيئة حتى في عز الظهيرة، ولكن لا يشاهدون العشوائيات في أطراف المدن ولا أنصاف الخرائب في الأحياء الداخلية المكتظة بالبشر بطريقة مزرية صحياًً وبمقاييس كل الأديان والشرائع التي تلزم ذوي المسؤولية والقرار بتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطن حتى لو كان عاطلا ً عن العمل أو من ذوي العاهات المعطّلة. لنتوقف قليلاً عن التذمر وننظر بموضوعية في واقعنا السكني بالإيجار، هل هو معقول وما هي أسبابه وما هي الحلول. ثمة خمسة مداخل على الأقل للنظر من خلالها في الأمر:

المدخل الأول: توفر مساحات فضاء شاسعة داخل المدن معطّلة عن المساهمة في حلول النقص الكبير في المعروض العقاري المستثمر.

المدخل الثاني: وجود قوانين وأنظمة لدى الأمانات والبلديات تمنع بناء أكثر من طابقين إلا في حدود ضيقة جداً.

المدخل الثالث: وجود نسبة عالية من ذوي الدخول الهزيلة لا تستطيع الحصول على سكن مناسب بالإيجار، أما حلم التملّك فهو مؤجّل لما بعد الحياة الفانية. هذه النسبة السكانية تقدّر بما لا يقل عن ثلاثة أرباع عدد الأسر السعودية.

المدخل الرابع تراكم أوضاع اجتماعية مستجدة قسمت الأسرة الكبيرة المتشاركة تقليدياً في السكن الواحد إلى عدة أسر نووية صغيرة تفرض عليها ظروف العمل والحياة الجديدة أن تستقل عن البيت العائلي التقليدي الكبير.

المدخل الخامس: التعايش مع أخطبوط عقاري ربوي جعل أسعار الأراضي تنافس أسعار المعادن النفيسة، ويقال إن سعر الأرض فقط يكلّف ثلثي تكاليف الحصول على سكن بالتملّك.

هذه الخمس المداخل هي أيضاً قنوات سالكة لتسرّب الشعور بالغبن الاجتماعي، ومن الحكمة سدها سريعاً بسياسة إسكان شاملة وعادلة قبل أن تصب في قنوات الإرهاب. كما ترون تم نسيان الجواب على أحجية من المستفيد لأن الجواب على ذلك يعيدنا إلى تاريخ مضى وانقضى في التعامل مع الأراضي الحكومية وخير لنا أن لا نبحث فيها وأن نستبشر بسياسة إسكانية جديدة.

أما طرق الحلول فهي موجودة في تلافيف المداخل الخمس أعلاه، وفي نقض هذه التلافيف جزء كبير من الحل، مع إذابة شيء من الدهون المتراكمة في المجتمع عمودياً هنا وهناك وضخها في أجساد المسترهفين في الأرض ومن لا مساكن لهم.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد