Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/07/2010 G Issue 13803
الاربعاء 02 شعبان 1431   العدد  13803
 
المجتمع.. وثقافة الكوارث
سعد محمد الفياض

 

الفيضانات والسيول نوع من أنواع الكوارث التي تجتاح المجتمعات.. وليس هذا بمستغرب ولكن الغرابة تلك الثقافة التي تتعامل بها بعض أفراد تلك المجتمعات.. وتتضح تلك الثقافة من خلال ضعف التوعية من الجهات المسئولة من جانب ومن جانب آخر تهاون أو قل عدم مبالاة بعض المواطنين بتلك التوجيهات أو التعليمات.

إن ثقافة الكوارث تعطينا الدروس في أن كل فرد يجب أن يتحمل مسؤوليته وأنه لا مجال للتلاعب والتقصير وخصوصاً بأرواح المواطنين وممتلكاتهم.. وإن مشروعات الأمة أمانة لا تعرف التفريط أو التهاون.

إن ثقافة الكوارث تبين بجلاء أهمية العمل التطوعي ودعمه وتعزيزه.

فهذه السيول التي اجتاحت مدينة الرياض والمصحوبة برياح شديدة وما سببته من حوادث وأزمات للبعض الآخر تؤكد ضرورة نشر ثقافة الكوارث وطرق التعامل مع مثل هذه الحالات في مناهجنا الدراسية وفي صحفنا الإعلامية ومراكزنا الثقافية.. لماذا؟ لأن الثقافة السائدة عند كثير من الناس أن السيول والأمطار يعني الخروج إلى الشعاب والأودية للنزهة والمبيت!! أو التجول بين الطرقات والأحياء للترفيه والاستمتاع!! مما يسبب تلك الحوادث المأساوية والحزينة سواء في الأرواح أو الممتلكات.. إن ثقافة الكوارث تعني التعليمات والحذر واليقظة والانتباه.. تعني نشر ثقافة العمل التطوعي الشامل وتنظيمه واعتماده.. وهذا فعلاً ما شاهدناه من خلال أولئك الشبيبة الذين ضربوا أعظم الأمثلة في المواطنة الحقة والأخوة الإيمانية الصادقة من خلال نجدتهم للعالقين وتنظيمهم لطرق السير ووقوفهم الساعات الطوال تحت المطر بعد أن تعطلت إشارات السير وأغلقت بعض الطرق من جراء الأمطار والسيول، وهذه هي حقيقة السعادة وأثر العون والتعاضد بين الناس والتي لا تتم سعادتهم إلا بالتعاون والتواصل، ولا تستقر حياتهم إلا بالتعاطف والتضامن والمودة والمحبة «والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».

ففي الحديث الصحيح (مَن نَفّس عن مؤمن كربة، نَفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

لقد جرت سنة الله تعالى أن جعل البشر بعضهم لبعض سخرياً، والتعاون والتكافل قبل أن يكون من دعامات المجتمع المتقدم فهو من شريعة الإسلام، لذا لابد أن نجعل من صميم ثقافة الكوارث منظومة العمل التطوعي المتقن البعيد عن الارتجالية أو ضيق الأفق، وفق رؤية مستقبلية متكاملة شاملة لكافة جوانب الحياة منبثق من منهج الإسلام العظيم (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه. وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعباده). من أجل هذا فإن دروب الخير كثيرة بين عيادة مريض وتعليم جاهل والمحافظة على البيئة والإحسان والشفاعة وإعانة عاجز وإسعاف منقطع وإنقاذ الغريق وإيواء المحتاج..

فالعمل التطوعي هو نجدة في درء الحاجات المفاجئة كالفيضانات والكوارث والزلازل والأمراض الوبائية ونحو ذلك. لذا لابد من إعطاء هذا الجانب أهمية كبرى من إنشاء الهيئات والمنظمات والجمعيات المتخصصة في العمل التطوعي الإغاثي.

إن ثقافة الكوارث تعطي أهمية توعية الأهل والأولاد بخطورة الأمر وخصوصاً السائقين الأجانب الذين قد لا يدركون خطورة الأمر مما يكون له بالغ الأثر على الأسرة بأسرها.

ثقافة الكوارث تبين بجلاء سماحة الإسلام ويسر الشريعة من خلال أحكام الجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء والظهر والعصر عند نزول المطر.. والصلاة في البيوت مع وجود الريح الشديدة.

أخيراً الكوارث والنوازل قضاء قدره الله يجب التسليم له والتعامل معه بما شرع الله وبالأدب الذي أدبنا به الإسلام مع وضع الخطط والدراسات الإستراتيجية لمواجهة مثل هذه النوازل من دون تردد أو توان أو تقصير أو تفريط.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد