Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/07/2010 G Issue 13804
الخميس 03 شعبان 1431   العدد  13804
 
مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ل(الجزيرة):
المملكة تشهد توسّعاً محموداً للغاية في إنشاء الجامعات لخدمة الأعداد المتزايدة

 

القاهرة - سجى عارف

على هامش مؤتمر تعريب العلوم الطبية والذي عقد بالقاهرة كرمت نقابة أطباء البحرين ومصر الأستاذ الدكتور حسين عبدالرزاق وزير الصحة الأسبق بالمملكة العربية السعودية المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة، وبحضور عدد كبير من أطباء الدول العربية واتحاد الأطباء العرب والرابطة العربية لتعريب العلوم الطبية ومجمع اللغة العربية إضافة إلى الجمعية المصرية لتعريب العلوم، وبرعاية السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، وبمشاركة أعضاء اتحادات المهن الطبية وعمداء وأساتذة كليات الطب والعلوم الصحية وأطباء تربويين من مصر والمملكة والبلدان العربية. (الجزيرة) كانت حاضرة وحاورت الدكتور حسين عبدالرزاق مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وزير الصحة الأسبق بالمملكة العربية السعودية:

تشهد المملكة توسُّعاً في إنشاء الجامعات وكليات الطب والعلوم لكنها تستعين بأساتذة من بلدان أجنبية. كيف يستقيم ذلك مع الدعوة لتعريب التعليم والدراسة العلمية؟

- هنالك بالفعل توسع محمود للغاية في إنشاء الجامعات في المملكة، لخدمة الأعداد المتزايدة من أبنائها وبناتها الراغبين في الالتحاق بالتعليم الجامعي وما بعد الجامعي داخل بلدهم، ومما يذكر أن المعدل العالمي هو كلية طب لكل مليون أو مليون وربع من السكان، والمملكة شأن سائر بلداننا العربية وبلدان الإقليم موزعة بين رغبتين: الأولى هي توفير أعلى مستوى ممكن من الإمكانات الإنشائية والتدريسية والمعرفية لطلابها، وضمان تمتع الجامعات الجديدة بمكانة تنافسية مع كبرى الجامعات مما يدفعها إلى الاستثمار في جوانب عديدة من بينها توفير ما تعتقد أنه المستوى الأرفع من الأساتذة ويكون هؤلاء غالباً من البلدان المتقدمة التي لا تتحدث اللغة العربية أو لغة الأم.

أما الرغبة الثانية فهي تيسير التعلم على دارسيها وتمكينهم من إجادة ما يتلقونه من مواد علمية من خلال إتاحة سبل تعلم هذه المواد باللغة العربية أو لغة الأم، وعند إنشاء أول كلية طب في المملكة في عام 1969 لم يكن العدد الكافي من المدرسين الأكفاء للتدريس باللغة العربية متوافراً مما اضطرنا إلى التعليم بلغة أجنبية.

المشكلة أننا لم نتمكن طوال عقود من التخطيط التعليمي من التوفيق بين هاتين الرغبتين، بمعنى أننا لم نتمكن من إعداد أجيال من المدرسين والأساتذة ولا أقول القادرين، فاعتقادي أن معظم أساتذتنا قادرون على ذلك وإنما الراغبون في تدريس المناهج العلمية باللغة العربية، ومن ثم، فإن المشكلة في رأيي ليست في الاستعانة بأساتذة من الخارج، بل في عدم اقتناع أساتذتنا وربما القائمون على العملية التعليمية بأهمية تعريب العلوم وتدريسها بلغة الأم للطلاب.

كيف ترون تفاعل المملكة مع قضية التعريب عموماً والتي يتجدَّد الحديث عنها مع عقد المؤتمر الأول لتعريب العلوم الذي تعقده حالياً الرابطة العربية لتعريب العلوم ويستضيفه المكتب الإقليمي؟

- هناك اقتناع تام بين نفر غير قليل من المهتمين والمهمومين باللغة العربية وبتطوير العلوم الطبية وغير الطبية بحتمية التعريب، ولا يكاد بلد من بلدان الإقليم العربية يخلو من رابطات وجمعيات ومؤسسات ونقابات تسعى لدفع عملية التعريب قدماً؛ لأنها ترى أن النهوض بالمستوى العلمي لخريجي الجامعات والكليات العلمية لن يتأتى إلا بالدراسة، بلغة الأم كما هو الحال في جميع الأمم والبلدان وتبدي بلداننا بما فيها المملكة تفاعلاً ملحوظاً مع الدعوة للتعريب وهنالك حركة متنامية بين المدافعين عنها.

ويهمني في هذا الشأن أن أؤكد أن الدعوة للتعريب أو تدريس العلوم بلغة الأم ليست تعصباً للغة دون غيرها بل تمشياً مع طبائع الأمور؛ فالأمر البديهي أن كل إنسان لابد أن يتلقى علومه بلغة لسانه التي يجيدها ويعلم خباياها ويستطيع التواصل بها مع من يتلقى منهم العلم أو يوفر لهم الخدمة ويصدق هذا أكثر ما يصدق على تعليم ودراسة العلوم الطبية؛ حيث يتطلب عمل الخريجين التواصل بلغة طالبي الخدمة واستيعاب احتياجاتهم والقدرة على التفاهم معهم ومن الأمور المواتية للتعريب أن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرئيسية الست في منظومة الأمم المتحدة، كما أنها اللغة الأم لاثنين وعشرين دولة يقطنها أكثر من 300 مليون نسمة أي أن الاستثمار في دعمها ونقل العلوم إليها استثمار رابح تماماً.

وقد تلقَّى المكتب الإقليمي مؤخراً مبادرة كريمة من المملكة في شكل مشروع متكامل لتعريب العمل بين المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وجميع البلدان العربية في الإقليم وما نرجوه هو أن ننتقل سريعاً من مرحلة النظرية إلى التطبيق، ومسابقة الزمن في هذا المضمار حتى لا نظل أسرى لعملية إقناع المقتنعين بالفعل دون قدرة على الوصول إلى صانعي القرار وأحداث تغيير على أرض الواقع.

كيف كان دوركم عندما كنت وزيراً للصحة في المملكة حيال عملية تعريب التعليم الطبي؟

- إن وزارة الصحة في بلداننا هي الجهة الأولى المنوط بها تقييم مستوى وعمل خريجي كليات الطب لأنها الجهة التي تعمل عن كثب مع هؤلاء ومع المستفيد النهائي بالخدمات الطبية والصحية وأقصد بهم المرضى وسائر طالبي الخدمة الصحية وهي صاحبة رأي ورؤية تبديها للمعنيين مدعمة بالأسانيد والوقائع على أمل أن يأخذ بها هؤلاء المعنيون، وقد ظهر اتجاه متنامٍ بين العديد من المهتمين بتعريب العلوم يطالب بمنح وزارات الصحة حق المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعليم الطبي ومناهجه ولغة تدريسه وأرجو أن يؤخذ بهذا التوجه في القريب العاجل.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد