Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/07/2010 G Issue 13807
الأحد 06 شعبان 1431   العدد  13807
 
المفتي: الزواج باطل ومحرم.. العبيكان: سماسرة بالمطارات لخداع المسافرين
الزواج السياحي: تجاوز للشريعة.. وأمراض خطيرة.. وتورط في قضايا نظامية وقانونية

 

الجزيرة - وهيب الوهيبي

ماإن تشرع الإجازة الصيفية أبوابها حتى يحزم الكثيرون حقائبهم متوجهين إلى دول أوروبية وأخرى عربية ذات وجهه سياحية تزدهر فيها معالم السياحة التي تجذب معها الزوار... وماإن يحط السياح رحالهم في عواصم تلك الدول تبدأ هناك ممارسات سلوكية غير منضبطة ومحمودة العواقب ويأتي في مقدمتها الزواج الذي اختلفت أسماؤه وأنواعه واتفقت مشاكله وهمومه.

اللافت أن بعض مطارات تلك العواصم لاتخلو من سماسرة يروجون للزواج ويتصيدون المسافرين الشباب من مختلف الأعمار عبر مكاتب وهمية هدفها تحقيق مكاسب مالية.

في هذا السياق يشدد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء في تصريح أمس ل(الجزيرة) على أن الزواج المحدد بوقت باطل ومحرم في الإسلام.

ويؤكد سماحته على أن ما يعمد إليه الشباب الذين يتردّدون على بعض الدول خلال شهور الصيف بغرض تحقيق هذا النوع من الزواج عبث لا يصح على الإطلاق لافتا إلى أن الزواج يتحقق معه استقرار الزوجين واستمراره والزواج المؤقت يخلو من تلك المعاني بل هو تلاعب في حق الزوجة.

ويتفق الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان عضو مجلس الشورى والمستشار في الديوان الملكي مع ما أشار إليه سماحة المفتي العام في تحريم هذ النوع من الزواج والذي يسمى أحيانا بالزواج السياحي أو المصياف.

ويؤكد العبيكان أن بعض الرجال أصبحوا يسافرون خصيصا لهذا الغرض وحده! وربما زوجت المرأة وهي في عدة زوج آخر قبله، بل ربما زوجت وهي في عصمة زوج آخر طمعا في المال، بل قيل إن البغايا أصبحن يعرضن في تلك البلاد للراغبين في هذا النوع من هذا الزواج!

ويضيف العبيكان: إننا نرى كثيرا من البلدان التي يقصدها السعوديون، مثلا، لأجل الزواج بنية الطلاق، نجد من يسهل لهم هذا الزواج من أهل تلك البلدان إذ يستقبل المسافر في المطار من خلال السماسرة ويعرضون على الراغب صورا لنساء، لأنهم يعلمون أنه يتزوج بنية الطلاق وهذا نكاح متعة محرم.

وفي رؤية اجتماعية للزواج السياحي يذكر الدكتور منصور بن عبدالرحمن العسكر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في حديث ل(الجزيرة) أن الزواج السياحي له آثار اجتماعية كثيرة على المجتمع والأسرة إذ لا يحقق هذا الزواج المطالب التي تسمو إليها الشريعة في الزواج وهي الاستقرار وإنجاب الأطفال واستئناس كل منهما بالآخر، فقد قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} (21) سورة الروم، فهذا النوع لا يحقق الاستقرار الحياتي للأسرة المسلمة حيث إن الزوج في الزواج السياحي معفي من جميع المسؤوليات التي نص عليها الشارع ومنها النفقة فقد قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (34) سورة النساء، ومن الآثار الاجتماعية المترتبة على هذا النوع من الزواج هو عدم شعور الزوجة في هذا النوع من الزواج بالاستقرار النفسي مما ينعكس سلبا على تعاملها مع هذا الزوج المؤقت وكذلك ضياع مستقبل الأطفال كما أن من الآثار المترتبة أيضا عدم شعور الزوجة بالطمأنينة، فحياتها دائما مهددة وبذلك فهذا النوع لايحقق لها الشعور بالسعادة الزوجية والاستقرار النفسي كما أنه إلى جانب انتشار الفاحشة عند ضعاف النفوس وإخفاء ذلك تحت غطاء الزواج السياحي. وقد يحدث من إحدى النساء أن تتزوج أكثر من زوج في وقت واحد إضافة على ما سبق فكذلك حرمان الأطفال من التنشئة الاجتماعية السليمة بسبب تغيب الأب عن البيت لفترة طويلة مما يؤثر في سلوكهم ويجعلهم أكثر عرضة للانحراف، كما يؤدي هذا الزواج إلى تفشي ظاهرة الطلاق في المجتمعات الإنسانية واستغلال الطبقات الغنية للطبقات الفقيرة فعادة تكون زوجة المسفار من أسرة فقيرة لاتجد في بعض الأحيان قوت يومها، مما يدفع أسرتها إلى الزج بها في وجه هذا الزوج الثري رغم معرفتهم التامة بأن زواجها مجرد أيام أو أسابيع أو أشهر وبذلك تتحول المرأة من المكانة التي جعلها الدين لها إلى أن تباع في سوق أشبه ما يكون بسوق العبيد، كما أن هذه الزوجة قد تتعرض في بعض الأحيان إلى استغلالها جنسيا في حالة زواجها بزوج ليس له كرامة بسبب عدم أحقيتها في اختيار الزوج الصالح.

إلى ذلك حذرت الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج (أواصر) من مغبة الزواج العشوائي غير النظامي وغير المقنن الذي عادة ما يقدم عليه المغامرون من السعوديين في فترات الصيف والإجازات ليعودوا في أغلب الأحوال محملين بالأمراض الخطيرة ومتورطين في قضايا نظامية وقانونية في بلدان تُجرِّم زواج القاصرات وتلاحق الزوج وأهل الزوجة القاصر بالسجن والغرامة وهم المعددون من أي عمر كان وهؤلاء في الغالب من المقتدرين مادياً وهم محل طمع أولئك النسوة أكثر من غيرهم، ويليهم بعض الشباب الذين ذهبوا للدراسة أو السياحة ووقعوا فيما يظنون أنه حب وهيام، ثم تأتي الشريحة الأكبر والأخطر والأكثر إهمالاً ونزوة وهم من يتزوجون حسب الفتاوى التي أباحت لهم أصنافاً متعددة من الزيجات من مسيار ومصياف ومؤانسة ومتعة وعرفي وسياحي وغير ذلك مما لم يشرعه الدين بصورته المجحفة بحق الزوجة والأبناء.

وأشارت إلى أن بعض الشباب والسياح السذج يتورطون من قبل عصابات الدعارة في دول معينة بإجبارهم على الزواج من مومسات، وعندما يكتشف السائح شر ما وقع فيه يولي هارباً مخلفاً من أصبحت زوراً وبهتاناً زوجة له، وقد تحمل في بطنها جنيناً ليس له فتدعي فيما بعد أنه ابن لذلك السائح الجاهل، ولا بد من ضرب الأمثلة الواقعية ليعلم السائح السعودي عن حالات توريط سعوديين من قبل أسر فتيات في بلد عربي حيث تدفع الفتاة دفعاً في طريق الشاب أو الكهل ثم يداهمون مسكنه بدعوى أنهم شرطة آداب ويجبرونه على إمضاء عقد الزواج حماية له من السجن مقابل أموال أو ما شابه ذلك. وما يحدث أيضا في بلد عربي آخر من ابتزاز الأزواج من قبل أسر الزوجات، فبعد الزواج بعدة أشهر وتمكن الزوجة من سحب كل ما يملكه من مال، تطلب الزوجة السفر لزيارة أهلها وهناك يمنعون الزوج من أخذها ويعرضونه لمزيد من الابتزاز والضرب والإهانة وربما السجن، حيث تكثر القصص والحالات الصعبة التي يوقع بعض السعوديين أنفسهم فيها.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد