Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/07/2010 G Issue 13810
الاربعاء 09 شعبان 1431   العدد  13810
 
عُمْر قصير وإبداع عظيم
د. عبدالرحمن بن سعود الهواوي

 

قد يستمر عطاء الكاتب، أو الشاعر أو الفيلسوف لمدة طويلة إذا منحه الله العمر الطويل، وقد يتباطأ أو يتسارع هذا العطاء الفكري ولكنه يستمر ولا يتوقف إلا قبل موت هذا الشخص بفترة قصيرة لأي سبب من الأسباب، ومع هذا فإنه يمكن ملاحظة أن بعض الكتاب أو الشعراء أو الفلاسفة يكون إنتاجهم الفكري بسرعة هائلة، وهذا متزامن مع أعمارهم القصيرة، ويكون هذا الإنتاج العقلي ذا أثر فعّال في الثقافة الإنسانية. وهنا سنضرب ثلاثة أمثلة على ما نقول.

هذا هو أبو الطيب المتنبي - أحمد بن الحسين الجعفي - المولود في سنة 303هـ الموافق لسنة 916م، والمقتول في سنة 354هـ الموافق لسنة 966م، أي أنه عاش لمدة نصف قرن من الزمان.

وهذا الإنسان الشاعر أبدع في شعره غاية الإبداع، وسلب ببلاغته العقول والأسماع، وعرف أسرار النفس البشرية، وله فلسفته الخاصة في نشدان القوة، وهو في شعره وخصوصاً في قصائده بعدما تجاوز الثلاثين من عمره وقد ملأ الدنيا - دنيا العرب - وشغل الناس وبز شعرمن سبقه من شعراء العرب، ومن جاء بعده منهم.

أما النموذج الثاني فهو الفيلسوف الألماني فريدرك نيتشه صاحب فلسفة (إرادة القوة).

ويعتبر هذا الفيلسوف أعظم الفلاسفة تأثيراً في القرن العشرين. وهذا الفيلسوف ولد في سنة 1844م، وتوفي مجنوناً في سنة 1900م، أي أنه عاش لمدة ست وخمسين سنة. وقد استطاع هذا الفيلسوف خلال نشاطه العقلي قبل أن يصاب بعلته في سنواته الأخيرة أن يناقش الفلسفة الغربية ويفندها من عهد سقراط المولود في حوالي سنة 470ق.م.

والميت بالسم سنة 399ق.م، وبعده أفلاطون المولود في سنة 428 أو 427ق.م، والميت في سنة 348 أو 347ق.م مروراً بفلاسفة الرومان، وفلاسفة ما بعد ميلاد المسيح، وحتى فلاسفة عصره، فلاسفة القرن التاسع عشر الميلادي، وله فلسفته الخاصة..

أما نموذجنا الثالث، فهو الشاعر العربي التونسي، أبو القاسم الشابي المولود في سنة 1909م والمتوفى في سنة 1934م، أي أنه عاش لمدة خمس وعشرين سنة فقط. وهذا الشاعر خلال هذه المدة القصيرة من عمره تغنى بالحياة وللحياة، وتغنى بالحب وللحب، وبالثورة للثورة، وله أطروحات فلسفية في الحياة وفي الوجود.

لا ندري هل أن هناك شيئا ما داخل بدن الإنسان يدفعه للاستعجال في إبداعاته، وأنه لابد له أن يكون في عجلة من أمره؟



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد