Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/07/2010 G Issue 13810
الاربعاء 09 شعبان 1431   العدد  13810
 

د. محمد أبو حمرا
مرات وكميت.. تناغم العشق!!!

 

مرات بلدة من بلدان الوشم، يحبها أهلها لدرجة العشق، وهم لا يلامون بل يُشكرون:

وحبب أوطان الرجال إليهم

مآرب قضّاها الشباب هنالك

وعندما ينطقون اسمها يقولون مرات بتضخيم ميمها ورائها؛ بشكل يلفت الانتباه، بينما أبناء البادية يقولون «إمراه» بالزحلقة والتخفيف؛ لذلك تجد أحد أهلها عندما يسمعه يقول بصوت عال «قل مرات املْ فمك» أي املأ فمك وضخّم صوتك!!. وعندما نتتبع تاريخها نجد أنها من أقدم بلدان الوشم، وبجوارها جبل كميت، الذي اقترن اسمه باسمها؛ فيقول المثل الشعبي «اضمن لي كميت واضمن لك مرات»، ومثلها كثير من بلدان نجد اقترن اسمها بجبل حولها كقولهم: دهين والداهنه وأم عنيق وجلاجل والحريّق والفريده... إلخ من الجبال والبلدان. وكانت مرات محطة كبيرة للحجاج قبل انتشار الطرق؛ إذ تمر بها قوافل الحجاج على الإبل، ثم كانت الطريق من الرياض وما حولها إلى مكة عبر مرات عند بدء استعمال السيارات الشاحنة للحجاج؛ إذ هي مكان استراحة الرحلة ثم المواصلة عبر النفود ثم إلى غرغر فبلدة خف ثم الدوادمي. وبعد افتتاح طريق الرياض مكة صار يمر بها، ومنها لشقراء، فالدوادمي. ومرات الآن أصبحت مدينة تحيط بها مزارع كبيرة ومنتجة لأنواع الخضار والحبوب التي تصدر إلى أنحاء المملكة، وما اشتهرت به قديما من حبوب تسمى «اللقيمي والصمّاء» زاد الآن وصار مرغوباً وعليه إقبال كثير.

كنت في زيارة خاطفة لأخينا أبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن بن دهيش، وهو الرجل العاشق لمرات، وصاحب المتحف الكبير بها؛ حيث كان حديثنا عن مرات عابراً في جلسة ضمّت رجالاً يتجاذبون الحديث عن آثار ومواقع السياحة بالوشم، ومن بينهم رجل كثير الصمت لكنه يعبّر عن عدم رضاه بعقْد حاجبيه، ويعبّر عن سروره بابتسامة مسروقة، مع تهذيب وقلة كلام؛ فما كان من صديقنا أبي محمد إلا أن أرسل لي عبر البريد كرتوناً مملوءاً ببحوث وكتب عن مرات وتاريخها، وكأنه - جزاه الله خيرا - يقول: اعرف مدينتنا مرات. فاستمتعت بكثير من اللمحات والقراءات عن مدينة مرات التي كثر الحديث عن آثارها وعن مشاريعها تلك الليلة، ولا ألوم صاحبي في عشقه لمدينته مرات، كما أغبطه على صفاء تواصله مع زملائه من دار التوحيد بالطائف وتواصله معهم إلى اليوم.

وتبقى مرات وكميت عاشقين باقترانهما كما تقترن أصابع اليد الواحدة ببعضها، ويبقى الحفاظ على آثار مرات والتنقيب عنها أمراً منوطاً بكل من يحبها ويجعل قلبه مقروناً بها؛ والأجمل عند الغروب أن ترى جبل كميت وقد اكتسى بالأنوار الخضراء وكأنه يشير لك من بعيد ويقول: أنا أضمن لك موقع مرات، إنه هنا فتعال لزيارة تلك المدينة الصحرائية والزراعية الخضراء.

abo_hamra@hotmail.co

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد