Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/07/2010 G Issue 13814
الأحد 13 شعبان 1431   العدد  13814
 
التعليم وفلسفة التنمية البشرية
حسن اليمني

 

من الرائع جدا أن نرى توجه من قبل بعض رجال الأعمال نحو الاستثمار في العلم والتعليم، وهو العمل النبيل والاستثمار المأمون إن شاء الله، وستكتمل الروعة متى تطور مفهوم التعليم لديهم أيضا ليصبح صناعة معرفية وعلمية تنتج لنا مستقبلا أفضل.

بدأت مرحلة التعليم النظامي في بلادنا اعتبارا من عام 1345 هـ 1925م عندما أنشأت مديرية المعارف العامة التي افتتحت حوالي 312 مدرسة ابتدائية حكومية وأشرفت على 14 مدرسة ابتدائية أهلية و11 مدرسة ثانوية حكومية و4 مدارس ثانوية أهلية وكان هذا في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، أما اليوم فقد بلغ عدد المدارس الحكومية حوالي أربعة وثلاثين ألف مدرسه تضم حوالي خمسه مليون طالب وطالبه إضافة إلى أكثر من 16 ألف مدرسة أهليه تضم أكثر من نصف مليون طالب وطالبه، إضافة إلى توسع هائل في المعاهد الصناعية والمهنية وقفزة جبارة في عدد الجامعات الحكومية والأهلية على امتداد مناطق المملكة وهو ما يعطي صورة تدعوا للفخر والاعتزاز.

لكن العالم اليوم قد تغير وتحول من التعليم التقليدي إلى المدارس الذكية التي تستخدم احدث التقنيات حتى في مراحل التعليم الأولي والابتدائي، وهو ما يتطلب من رجال الأعمال المستثمرين في حقل التعليم الالتفات إليه والتفكير فيه بشكل عميق، إذ إن القضية التعليمية لم تعد مباني وكتب و أساتذة وأرباح ماليه في نهاية العام الدراسي، بل إن الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين متجهة نحو تطوير التعليم وتحويله إلى تعليم ذكي يستخدم كل أدوات التقنية بما فيها الحاسوب وشبكة المعلومات، وإن كانت الخطط الحكومية مجبرة على أخذ مداها التنموي حسب خطط التنمية فإن من المفيد لرجال الأعمال أن يستخدموا مرونة التخطيط واتخاذ القرارات بالتوجه الفوري نحو تقنية التعليم وتطوير مخرجاته كعمل وطني وقومي، وفي نفس الوقت استثماري جاذب ومأمون، وقد يكون من المفيد لو أن وزارة التربية والتعليم تبدأ باشتراط ذلك لمنح الرخص وحتى لاستمرار الدعم المالي للمدارس الأهلية، حتى لا تكون هذه المدارس الأهلية استثمارية خاصة أكثر منها عمل وطني تنموي.

لقد أصبح أحدث مؤشر للتنمية اعتمدته هيئة الأمم المتحدة عام 1990م كمعيار للتقدم أو التخلف أو النمو للدول هو مؤشر التنمية البشرية HDI، والذي يعتمد بشكل رئيس على الحالة التعليمية أو المستوى التعليمي للشرائح السكانية بالدول حسب معيار معين يعتمد الإنسان في المعرفة والإنجاز، ولاشك أن فلسفة ومفهوم التنمية البشرية أبعد وأوسع بكثير من تلقين المعلومات أو حتى الحصول على شهادات حتى وإن كانت عليا، بل صار المردود أو المنتج من عملية التعليم هو الأساس الذي يمكن القياس عليه كمؤشر لجودة التنمية البشرية، فقد أصبح الإنسان ومدى نموه وتطور في الجانب المعرفي والخبراتي هو المعيار الحقيقي والمؤشر الذي أصبح يعتمد عليه في تصنيف المجتمعات ليصبح التزامن الفلسفي بين التعليم والتنمية المادية المحسوسة هو الذي يعكس حقيقة التنمية البشرية عبر المنجزات التي يقوم أفراد هذه المجتمعات بها وليس بإنجازات مستوردة، وإن كانت إحداهما تخدم الأخرى وربما التبس في الفهم تقديم إحداهما على الأخرى.

ويبقى أخيرا قولي إن التعليم الابتدائي هو أُسّ التعليم وقاعدته الأساسية وهو في نظري أهم المراحل التعليمية، وإذا كانت بلادنا بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد توسعت في الجامعات والمعاهد المتخصصة والبعثات الخارجية فإن التفات رجال الأعمال إلى تطوير وتقنين التعليم الابتدائي هو بمثابة عمل وطني وقومي جبار ويستحق الدعم والتشجيع وجعله خيار استثماري جاذب ومغري، وهو بالفعل كذلك.



hassan-alyemni@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد