Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/07/2010 G Issue 13817
الاربعاء 16 شعبان 1431   العدد  13817
 
نبض الخاطر
لماذا يحرجني تساؤل صديقي الأمريكي؟
محمد المهنا أبا الخيل

 

سألني صديقي الأمريكي عن حال سوق المال السعودية، فقلت له «لا علم لي بها» فنظر لي باستغراب وهو يقول «أتمازحني؟» قلت له «لا، فأنا حقيقة لا علم لي بسوق المال، فلست من المتداولين، ولست من المحللين، لست من المتابعين «فازداد استغرابه وهو يستطرد» لا أفهم لماذا لا تكون كل ذلك؟، فأنت شخص مطلع ولديك إلمام بالأعمال، وتدرك أن قوة سوق المال في بلد ما مؤشر على متانة الاقتصاد، وتمتلك القدرة على تحليل العوامل المؤثرة بصعود وانخفاض الأسهم، وعدم استفادتك من ذلك إهدار لفرصتك ومواهبك»، شكرت صاحبي على إطرائه، وحتى أبرر موقفي، كان لا بد أن أوضح له أن إحجامي عن الاهتمام بسوق المال السعودي، ليس لخلل في مفهومي المعيشي ولكنه مبني على موقف من واقع سوق المال السعودي.

في تبريري لصاحبي الأمريكي قلت له: «في نظري أن من يتعامل في ذلك السوق لا يعدو واحداً من ثلاثة، فإما أن يكون مستثمراً ممن يصطنع الاستثمار نشاطه الرئيس أو من لديه فائض من مال يزيد عن حاجة معيشته فيودعه محفظة استثمارية وأنا لست من هؤلاء، وإما أن يكون من المضاربين المتآمرين فيما بينهم للتأثير في العوامل المؤثرة في السوق، فيتآمرون على رفع سعر سهم وخفض آخر وهم بذلك يجنون أرباحاً من الصعود والهبوط المصطنع وأنا لست من هؤلاء، فقيمي السامية لا تقبل هذا العمل وسيلة للتجارة والثالث من المتداولين في السوق هم أولئك المقامرون الحالمون بتحقيق ثروة من نشاط السوق وهؤلاء ساذجون يستغل طمعهم المضاربون فيستلبون أموالهم بصورة مقبولة، وأنا لست من هؤلاء. لذا لا تستغرب ياصاحبي إحجامي عن متابعة ذلك السوق الذي لا أعتقد أنه ممثل حقيقي للاقتصاد السعودي»، لم يطفئ تبريري استغراب صاحبي بل إنه أسعره لندخل معاً في جدال عما يجب أن يكون عليه سوق المال المحترم، فصديقي يرى أن أي سوق في العالم يرتاده جميع أصناف المتعاملين من المستثمرين والمقامرين والمضاربين والمتآمرين وحتى المجرمين الذي يحاولون الكسب من خلال اختراق القوانين والرشوة للحصول على معلومات بها يستطيعون الكسب من التعامل في السوق، ولكن جميع أسواق المال المحترمة تحكمها قوانين صارمة فمن يثبت تخطيه تلك القوانين يجد نفسها خلف قضبان السجون علاوة ما يحمّل من غرامات باهظة قد تفقده ثروته.

لم أستطع أن أجاري صاحبي في جداله، فما أعرفه عن واقع سوقنا السعودية ألجم حجتي، فصاحبي لا يعلم أن بين المتعاملين في سوق الأسهم السعودية شخصيات معروفة بنشاط المضاربة، وأن تلك الشخصيات المؤثرة في السوق بحكم حجم محافظها تتآمر بصورة يومية ومن خلال شبكة اتصالات مفتوحة فيتفقون على رفع أو خفض أي سهم، وهم بذلك في مأمن، فما يقومون به إما مقبول بحسب أنظمة السوق، أو غير مقبول ولكنه غير مستنكر، كما أن السوق لا يعاقب المخالفين بعقوبات شديدة، فما يفرضه من غرامات لا تمثل إلا نزراً يسيراً مما يحققه المخالف من أرباح، ثم إن السوق لا يلزم المخالف بالمخالفة إلا إذا كان كما يقال في المثل «طماع ارفل» أي يقترف الخطأ بصورة لا يمكن غض النظر عنه. أما عقوبة السجن أو الحرمان من التداول بصورة أبدية لمن يثبت إقدامه على مخالفات تعتبر من باب التدليس والتزوير وأكل أموال الناس بالباطل فليست في لائحة عقوبات السوق، والحجة في غيابها أن سوقنا سوق حديثة والمتعاملون غير منضبطين بطبيعتهم، لذا تعتبر هذه العقوبات شاذة وغير مناسبة.

إن القوانين التي تحكم سوق القمار في لاس فيجاس أشد من القوانين التي تحكم سوق الأسهم السعودية، لذا لا يجب أن نستغرب أن نجد سوقنا وتحت تأثير الإلحاح بالمطالبة في تدويله أن يجتذب أصنافا جديدة من المتعاملين لم نعتدهم، والضحية في كل يوم هي طوابير المواطنين الطامعين بتحقيق ثروة من سوق المال.



M9002m@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد