أربع مناسبات حضرتها في الأيام الأولى من موسم الصيف هذا العام، الصيف الذي يتحول إلى موسم لاهب بحفلات الزواج والأفراح، وكنت أطوف ببصري في وجوه الحاضرين كمن يفتش عن شيء، وإذا بالوجوه هي نفس الوجوه تكررت معي في كل مناسبة من المناسبات الأربع، فكانت رحلة تصفح وجوه «المعزومين» مثار حديث بيني وأحد رجالات المجتمع الذين يملكون وعيا اجتماعيا إيجابيا عندما قلت له: ولماذا هذا التكرار الممل؟ قال ماذا تقصد؟ قلت لماذا لا يكون لدينا وعي ذكي نتعامل فيه مع مناسباتنا الاجتماعية، وبهذا نكون قد وفرنا على الناس أوقاتهم وأتحنا لهم تقديم الواجب والمجاملة في الحضور على الرغم من المشاغل؟ فقال: كلام جميل ومهم وكيف هذا؟ فقلت الحل بسيط جدا ولا يحتاج سوى الانعتاق من ربقة المظاهر وحب الإسراف والبحث عن التبذير!!
فعلى سبيل المثال: أن يتفق أفراد الأسرة الكبيرة عندما يكون لديهم أكثر من مناسبة لعدد من أبناء الأسرة وبناتها وتجمعهم في مناسبة واحدة، بدلا من تجهيز أكثر من مناسبة لكل فرد ما دامت الأسرة قادرة على جمع الحضور في مناسبة واحدة، ويكون ذلك بالتنسيق والتخطيط مع كبير الأسرة لأن الحضور هم نفس الحضور في كل المناسبات وبهذا سيكسبون حضور الناس وتفاعلهم ويتيحون لهم التمتع بإجازتهم ويوفرون الجهد على المعزومين الذين يتجشم بعضهم الصعاب ويأتي من مناطق بعيدة، وقد يتكرر «مشواره البعيد» على مدى أيام ليلبي دعوة أسرة وزعت مناسباتها على أيام فتكلفت ماديا وكان يمكن أن ترشد تكلفتها وشقت على الناس في الحضور عندما آثرت إقامة مناسبة خاصة لكل فرد.
الفكرة بسيطة لو تم تدارسها في كل مجالسنا الاجتماعية وعبر خطب الجمعة وتناولتها المجالس المحلية ومجالس المناطق لاستطعنا أن نبني وعيا ثقافيا اجتماعيا في سلوكنا الاجتماعي، فقال: أصبت يا بني فقلت أخشى أن يكون حالي حال ذلك الشاعر الذي قال:
بذلت لهم نصحي بمنعرج اللوى.. فلم يستبينوا النصح إلا في ضحى الغد
ثم ودعته لأنه سيكون هو وأنا ومعظم الحاضرين في مناسبة خامسة وسادسة وسابعة سنلتقي فيها، فقد عرفت ذلك من خلال كروت الدعوات التي وزعت علينا في المناسبة التي حضرناها الليلة!!