Al Jazirah NewsPaper Friday  06/08/2010 G Issue 13826
الجمعة 25 شعبان 1431   العدد  13826
 
نشيج التّراب
أحمد سليم

 

من حُزنِهِ المَسطورِ يَبدأُ

شاهِداً أَعمى يُزَيِّنُ حُزنَهُ

مِن وَعدِهِ الأَزليِّ يبدأُ

وَالبَصيرَةُ لا تَرى إلاّهُ في عَليائِها

أَشهِرْ تُرابَكَ

لَم يَزَلْ ما بَينَ موتِكَ والمَدى

وَلدٌ يَرى ما لا تَرى

بَينَ الفَراشَةِ والصَّدى

صَدَّقتَ وَعدَكَ؟

أَينَ تَركُضُ والهَوى

يَبكيكَ خَلفَكَ؟

أَينَ تَركُضُ والصَّدى

يَرثيكَ بَعدَكَ؟

أَينَ تَركُضُ فَالبَنادِقُ كَالخُيولِ

تَموتُ مِن فَرطِ الأَسى

بَعدَ ارتِحالِكَ دونَها؟!

في المَركِبِ المَكسورِ يَصعَدُ لاهِثاً

كالدّودَةِ العَمياءِ يَسعى

والقَمَرْ

حَجَرٌ تَكلَّسَ في الضَّجَرْ

عَكّا نَزيفُ البَحرِ

مِن أَقصى خَريفِ الدَّهرِ

عَكّا وَعدُكَ المَجنونُ

عَكّا عَرشُكَ المَلعونُ

عَكّا عُرسُكَ المَسكونُ بِالغُرَباءِ

عَكّا خُبزُكَ المَعجونُ بِالشُّهَداءِ

مَنْ حارَبتَ يا أَيّوبُ؟

مَنْ آخيتَ؟

مَنْ هادَنتَ؟

مَنْ سَلَّمتَ مِفتاحَ الصِّبا والصَّبرِ

وَالمَبكى؟

وَكيفَ بَكيتَ فَوقَ الحائِطِ المَشبوهِ؟

كَيفَ رَسَمتَ فَوقَ الماءِ وَجهَكَ

عاريِاً كالشَّمسِ؟

كَيفَ نَسيتَ أنَّ المَوجَ

قَبلَكَ قَدْ محا أُمَماً؟

لِمَنْ غَنّيتَ يا أَيّوبُ

يا مَوعودُ بالأَحزانِ

يا مَسكونُ بالمَنفى؟

لِمَنْ غَنّيتَ يا أَعمى

وَرائِحَةُ احتِراقِ القَلبِ والبارودِ

ما زالَتْ تُعَبِّقُ في زِقاقِ القُدسِ

وَالمَنفى هوَ المَنفى؟

لِمَنْ غَنّيتَ يا أَعمى

وَصوتُكَ سالَ مَذبوحاً

بِلا عَلَمٍ

وَلا بَلدٍ

وَلا استِقلالْ

وَكَأَنَّما صَدَّقتَ قَلبَكَ وَالخُطى

لاءاتُ حُلمِكَ لَم تَزَلْ خَضراءَ بَعدَكَ

وَالمَدينَةُ لَم تَزَلْ بَعدَ انحِنائِكَ تَشتَعلْ

ثَكِلَتكَ أُمُّكَ

حينَ فاضَ الماءُ باعَتْ قَلبَها

كَي تَشتَريكَ

وَتشتَري ثَوبَ الرَّصاصِ

وَتعتَلي عَرشاً عَلى كَتِفيّ أَبيكَ

فَبِعتَ أُمَّكَ

والرَّصاصَ

وَما تَبقّى مِن أَبيكَ

لِتَشتَري

مِمَّنْ رَماكَ بِدائِهِ

عَرشاً كَذِبْ



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد