Al Jazirah NewsPaper Friday  06/08/2010 G Issue 13826
الجمعة 25 شعبان 1431   العدد  13826
 
كليات المجتمع والعطاء المتجدد
د. عبد الله بن محمد بن عبدالعزيز السبيعي

 

من عام لآخر تتطور كليات المجتمع من حيث التوسع في افتتاح أقسام علمية وتخصصات جديدة في مختلف مجالات العلم والمعرفة، وكذا من حيث العمل كمؤسسات مسؤولة عن تقديم كل ما يخدم المجتمع، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير أساليب العمل، وتقديم النماذج والتجارب المبتكرة لحل المشكلات الخاصة بسوق العمل والقضايا المختلفة، والمساهمة في رفع كفاءة الطلاب والموظفين في كافة أجهزة ومؤسسات الدولة، ولقد جاءت فكرة إنشاء كليات المجتمع بالمملكة العربية السعودية لتكون رديفة للجامعات التي تسهم في تخريج المواطن المؤهل علميا وفنيا ليفي بمتطلبات سوق العمل، كذلك لإتاحة الفرصة أمام الطالب الذي لا يستطيع أن يجد له مقعدا بالجامعات الكبيرة؛ كي يواصل دراسته الجامعية من خلال المسار الانتقالي.

ولهذا تعد كليات المجتمع إحدى ركائز منظومة التعليم الجامعي السعودي الحالية، ورافداً متميزاً من روافد التنمية في المملكة العربية السعودية، وهي فكرة ليست جديدة بل أخذ بها الكثير من الدول المتقدمة في العالم، حيث نرى العديد من كليات المجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا... وغيرها من الدول؛ وقد عُوِّلَ كثيرا على مخرجات تلك الكليات لتملأ الفراغ الموجود بين التعليم الجامعي وبين سوق العمل، وفي غضون سنوات قليلة أثبتت الفكرة نجاعتها ونجاحها، وأصبح خريجو تلك الكليات ينافسون طلاب الكليات الجامعية الأخرى في ميدان العمل ومجالاته المختلفة.

وانطلاقاً مما أكدته التجربة العملية من أهمية وضرورة كليات المجتمع في منظومة التعليم الجامعي السعودي فإن ولاة أمرنا -حفظهم الله تعالى- وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -أيَّده الله تعالى- وولي عهده الأمين سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظه الله تعالى- وسمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله تعالى- لا يألون جهدا في سبيل تطويرها والعمل على الوصول بها إلى أرقى المواصفات ومعايير الجودة العالمية التي تتمتع بها كبرى كليات المجتمع المرموقة في العالم، ولا أدل على ذلك من أن كليات المجتمع أصبحت متنفسا للجامعات الأخرى، وصارت ملجأً وملاذاً للطلاب الذين لم يجدوا مقاعد لهم في الجامعات الكبيرة.

وفي ظل توجيهات قيادتنا الرشيدة وافق صاحب المعالي أستاذنا الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي، على قيام عمداء وعميدات وبعض أساتذة وأعضاء هيئة التدريس بكليات المجتمع بزيارة إلى إحدى الدول المتقدمة صناعياً وعلمياً وهي الولايات المتحدة الأمريكية، للوقوف على أحدث التطورات في مجال كليات المجتمع، ومعرفة آخر ما توصل إليه البحث العلمي في هذه الدولة بشأن هذه الكليات وتفعيل دورها في المجتمع المحلي هناك، وينتظر أن يستفاد من ذلك عملياً فيما يلي:

1- تطوير مهارات وقدرات أعضاء هيئة التدريس أكاديميا وعلمياً وفنياً.

2- التعرف على أحدث وسائل وطرق التدريس المُتَّبعة عالمياً في مجال كليات المجتمع.

3- التعرف على كيفية التخطيط الدقيق لربط العملية التعليمية في كليات المجتمع بمتطلبات السوق وخطط التنمية الاقتصادية للدولة.

4- التحقق من انسجام أهداف البرامج الأكاديمية المختلفة في كليات المجتمع مع مهارات الطلاب المكتسبة.

5- استكشاف أحدث الأساليب والطرق والوسائل العلمية والأكاديمية للارتقاء بنوعية التعليم المقدم لطلاب كليات المجتمع وتحسين مستوى الخريجين.

6- التعرف على طرق جديدة لتعزيز مقررات كليات المجتمع العلمية والأكاديمية بأحدث المناهج العلمية المتطورة؛ لدعم قدراتها في مواجهة تحديات مجتمع المعرفة، والعمل على أن تكون المناهج والمقررات الدراسية في الكليات على أفضل مستوى عالمي رفيع.

7- التعرف على برامج علمية جديدة هادفة أسهمت إسهامات علمية في المجتمعات هناك، لكي يستفاد من مضمونها في كليات المجتمع.

وفي الواقع فإن مثل زيارات العمل الأكاديمية هذه تؤكد لنا أن مدراء الجامعات الناشئة -وفقهم الله تعالى- لا يألون جهدا في السعي الحثيث لتطوير جامعاتهم وكلياتهم، وتأتي كليات المجتمع على وجه الخصوص في قلب هذا الاهتمام، وهذا الزخم العلمي الهائل؛ وذلك إيمانا من ولاة أمرنا -حفظهم الله تعالى- بالدور الحيوي الفاعل الذي تؤديه بجدارة كليات المجتمع في مجتمعاتها المحلية، وفي الحقيقة فإن هذه النظرة الثاقبة التي تواكب الانطلاقة الجديدة لكليات المجتمع والجامعات الناشئة، وتسبق الإعداد المكثَّف للعام الجامعي القادم بإذن الله تعالى؛ ليُتَوقَّع أن تسهم بشكل كبير في تطوير كليات المجتمع والارتقاء بمستوى خريجيها العلمي والأكاديمي؛ الأمر الذي يجعل جميع منتسبي هذه الكليات يشعرون بالفخر والغبطة والسعادة، وهم ينتظرون نتائج مثل هذه الزيارات العلمية المثمرة التي ستعود بإذن الله تعالى على الكليات والجامعات الناشئة بالخير الكبير والنفع العميم.

ويطيب لي بهذا الخصوص أن أرفع لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -أيَّده الله تعالى- وإخوانه الكرام الميامين وحكومته الرشيدة أسمى آيات الشكر والتقدير على ما يبذلونه من جهود جبارة مواصلين الليل بالنهار صوناً ونصراً لديننا العظيم، وخدمة لهذا الوطن الغالي، وسهراً على راحة أبناء هذا الشعب الأبي الكريم، وهنيئا للإخوة الأكارم الذين تم اختيارهم للمشاركة مع هذه الثلة المباركة في هذه الزيارة العلمية الأكاديمية الموفقة بإذن الله تعالى، فهم جزء من كل ويُنْتَظَر أن نلمس جميعاً ثمرة هذه الزيارة، داعين الله تعالى أن يوفق الزملاء الأفاضل الذين تم اختيارهم في رحلتهم العلمية هذه، وأن يستفيد الجميعُ منها، ونسأله تعالى أن يرجعوا سالمين غانمين موفوري الصحة والسعادة ليفيدوا وطننا الغالي بكل ما رأوه وشاهدوه من تطور علمي، ورقي فكري وأكاديمي في كليات المجتمع في هذه الدول المتقدمة، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

عميد كلية المجتمع بشقراء - عضو مجلس جامعة شقراء، عضو الجمعية السعودية العلمية لكليات المجتمع


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد