Al Jazirah NewsPaper Monday  09/08/2010 G Issue 13829
الأثنين 28 شعبان 1431   العدد  13829
 
العمالة غير السعودية..وتعداد السكان
منيف خضير

 

النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن التي أعلنتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تتطلّب قراءة متأنية، خصوصاً من الجهات التي تعنى بالتخطيط ووضع الاستراتيجيات بعيدة المدى في بلادنا، ومن اللافت للنظر في هذه النتائج الأولية أنّ عدد المقيمين في المملكة العربية السعودية من غير المواطنين بلغ (8.429.401) ثمانية ملايين وأربعمائة وتسعة وعشرين ألفاً وأربعمائة وواحد نسمة، وقد كان عددهم في آخر تعداد سكاني عام 1413ه، وفقاً لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (4638335) نسمة. وبلغ عدد الذكور من المقيمين غير السعوديين (5.932.974) خمسة ملايين وتسعمائة واثنين وثلاثين ألفاً وتسعمائة وأربعة وسبعين فرداً أي ما نسبته (70.4 في المائة) سبعين وأربعة من عشرة في المائة من إجمالي عدد المقيمين. وبلغ عدد الإناث (2.496.427) مليونين وأربعمائة وستة وتسعين ألفاً وأربعمائة وسبعاً وعشرين أي ما نسبته (29.6 في المائة) تسعة وعشرين وستة من عشرة في المائة من إجمالي عدد المقيمين. وهذا يعني ببساطة أن ثمة 8 ملايين فرصة عمل موزعة بين الرجال والنساء في مجالات عدة ليس من بينها السباكة والكهرباء - بالطبع -، وهذا يتطلّب كما أسلفت خطة بعيدة المدى لإحلال الشباب والشابات السعوديات تدريجياً في هذه الوظائف تمهيداً للسعودة الحقيقية، بعيداً عن رحمة العمالة الوافدة التي غزتنا في عقر دارنا.

قبل أيام كنت في حاجة لبعض المواد المصنّعة من الاسمنت للبناء، فاتفقت مع أحد العمال لتجهيزها، وضرب لي موعداً في إحدى الاستراحات الخالية، فلما وصلت المكان أدخلني استراحة مخصصة للتصنيع وعرض عليّ البضاعة المصنّعة، وبعد الاتفاق طلبت منه تسجيل عقد فرفض، وقلت له أريد سند قبض ورفض فقلت ماذا تريد؟

قال: أعطني مقدم وأنا أعمل لك البضاعة دون عقد، فقلت: أي غبي من يفعل هذا؟

فافترقنا دون اتفاق، فتساءلت:

أين الرقابة عن هؤلاء؟

مصنع دون ترخيص، وعامل مهنته غير ما يمتهن في بلادنا، وحقوق ضائعة لكثير من المواطنين البسطاء الذين يقتنعون بوصل وسند قبض لا ينتمي لأي مؤسسة في العالم، والغريب أيضاً أنّ كثيراً من العمالة الوافدة يغادرون البلد عليهم ديون متراكمة يهربون منها دون علم الكفيل الذي يتفاجأ بخروج مكفوله خروجاً نهائياً دون علمه أيضاً، ويأتي بعد أشهر بفيزا مهنة أخرى ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بالطبع نحن نتحدث عن فئة معينة سيطرت على السوق بأخلاقيات سلبية، ولكن تقتضي الأمانة أن نؤكد أن العمالة الوافدة لبلادنا ليست كلها على هذا النمط، هناك جنسيات تحظى باحترام كبير في بلادنا للمهنية العالية من جهة ولأخلاقيات واحترام هذه العمالة لأنظمة بلادنا، خذوا مثلاً العمالة الفلبينية، هذه الجالية تسير بخطى مهنية ثابتة، أتذكر في بداية عهد الطفرة السعودية جاء إلى المملكة مسؤول فلبيني رفيع المستوى لدراسة احتياجات السوق السعودي، وكان ثمرة ذلك الإجراء تأهيل ملايين الشباب الفلبيني القادر على ملء فراغ السوق السعودية آنذاك بعمالة مدربة تعرف ما لها وما عليها.

ونحن إذ نترقّب بشائر النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن التي أعلنتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لنثق في حس المسؤولين في بلادنا بدراسة كافة جوانب مؤشرات هذا التعداد في سكانه ومساكنه من أجل بيئة اقتصادية واجتماعية أكثر انتعاشاً، وحينما نركز على موضوع العمالة الوافدة لبلادنا، فإننا نريد أن نقول لصنّاع القرار في بلادنا إما أن تأتي العمالة الوافدة بمستوى جيد، وإلاّ فإحلال الشباب السعودي مكان الوافدين بات أمراً ملحاً في مثل هذه الظروف.



Mk4004@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد