Al Jazirah NewsPaper Monday  09/08/2010 G Issue 13829
الأثنين 28 شعبان 1431   العدد  13829
 
حولها ندندن
النظرة العوراء
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

 

رغم أن المرأة السعودية نالت الكثير من الحقوق التي لم تنلها كثيرات من النساء في الأوطان الأخرى حتى تلك التي تتشدق بحرية المرأة وحقوقها، ورغم أن الحديث عن قضاياها -أي المرأة السعودية- أضحى حديثا ممجوجا في بعض الأحيان لأنه قد تنطبق عليه مقولة (حق أريد به باطل)، وذلك لأن بعض الأقوال والكتابات صوّرتها وكأنها نزيلة سجن ليس بذي أبواب، تحتاج لمارد غربي كي ينقذها منه.

إلا أنه رغم كل ذلك توجد بحق بعض الظواهر السلبية التي تلحق بالمرأة هاهنا، وإن كانت أقرب للظواهر الفردية منها للظاهرة الجمعية من حيث رؤية الأمر ككل، فلا الدين بخسها حقوقها، ولا الدولة هضمتها تلك الحقوق، ولكنها النظرة المتخلفة التي تدنو نحو الفكر الجاهلي الذي قوّمه الإسلام، ومع ذلك بقي عالقا في بعض العقول الصماء.

والذي أعنيه في هذا المطاف هو ما ذكرته إحدى الصحف المحلية من أن فتاة غرر بها شاب وحملت سفاحا منه، فهربت خوفا من عقاب أهلها، وحينما وضعت مولودها رفضت عائلتها استقبالها وعزموا على اغتيالها، ولكنهم وافقوا مكرهين على احتواء وليدها، لذا نقلت الشرطة الفتاة إلى دار الرعاية الاجتماعية تحت حراسة أمنية مشددة.

في الواقع أنها مأساة من جميع النواحي، والأهل غير ملومين في شعورهم بالفجيعة والعار، ولكن: ماذا عن قائد الجريمة سواء في هذه الحالة أوما شابهها؟ ماذا عن الشاب العنصر الأكبر في هذا الجرم وسواه؟ لم يرد له أي ذكر، ربما هو يتيه في الأرض فساداً يبحث عن ضحية أخرى يتسلى بها، وربما أيضا أهله يبحثون له عن عروسة جميلة تتشرف بالزواج منه.

إن الفتاة بلا شك مخطئة وقد فرطت في حق نفسها وأهلها وشقيقاتها، ولكننا لن نصلح الحال إذا لم يعالج النصف الآخر من هذه القضية، إضافة للرضيع البريء الذي سينشأ يتيم الأب والأم وسيلحقه عار أنه ابن زنا طيلة حياته، حتى أهل أمه الذين استلموه سيكرهونه كرهاً بالغاً، ولن يشعروا تجاهه بالشعور الطبيعي تجاه الابن والحفيد.

فلماذا في مثل هذه الحالات لا يرغم الشاب - الشريك الأكبر في الإثم - على الاعتراف بالطفل، والزواج من البنت المخدوعة ولو مجرد عقد مؤقت، بدلا من أن يضيع مصير الشخصين الضعيفين ضياعا خطيرا ينعكس على المجتمع بأسره، قد يقول قائل وهو يكرر رأي الشاب المعتدي: وما الذي يثبت أنه ابن هذا الشاب وليس غيره؟ والرد على هؤلاء ليس ببعيد لاسيما في عصرنا الحاضر الذي تقدم فيه الطب والتكنولوجيا تقدما لا حدود له، فالحمض النووي هو المنقذ بعد الله في مثل هذه الحالات، كي لا يزيد عدد اللقطاء الأبرياء والفتيات المخدوعات اللاتي يُقضى على مستقبلهن وهنّ مازلن في بدايات الشباب، بدلا من أن يعطين فرصة أخرى للتوبة النصوح، والحياة الصالحة والاستفادة من تلك التجربة المرة.

لأن الذنب عند الله واحد ولا فرق لديه سبحانه بين خطيئة الرجل وخطيئة الأنثى، وعقاب الزاني والزانية متساوي القدر وليس حسب الرؤية الاجتماعية العوراء التي تدّعي بأن (الرجل ناقل عيبه)، فهل هو ناقل عيبه رغم الذي يخلفه للمجتمع من لقطاء وسجينات سينشئون ناقمين على المجتمع الذي تخلى عنهم، بل ناصر من ظلمهم؟!





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد