Al Jazirah NewsPaper Friday  13/08/2010 G Issue 13833
الجمعة 03 رمضان 1431   العدد  13833
 
حديث المحبة
الأوقاف وثمارها المرتقبة.. جامعة الملك سعود أمل مرتقب
إبراهيم بن سعد الماجد

 

من الأهمية بمكان استمرار عطاء المرافق المرتبطة بحياة الناس من مشافي ومدارس ومساجد وغيرها من المرافق التي لا غنى للمجتمع عنها في أي حال وأي زمان ومكان.

وقد تنبه الغرب إلى هذه الأهمية، فأسسوا الأوقاف منذ عقود من الزمان إن لم تكن قرونا، فحققوا لمؤسسات المجتمع استمرار العطاء بعيداً عن تقلبات ميزانيات الدولة، فها هي الجامعات الأمريكية العملاقة كجامعة هارفارد تدير أوقافاً تزيد عن 25 بليون دولار، وجامعة يال تزيد أوقافها عن 15 بليون دولار، وجامعات أمريكية أخرى تبلغ أوقافها قريباً من هذه الأرقام، إذ تبلغ أقل وديعة وقفية أمريكية ما يزيد على 2 مليار دولار، مما يعني أن هذه الجامعات تعول كثيراً على هذه الأوقاف في خططها وبرامجها.

ولو نظرنا إلى أوروبا نجد بعض الجامعات البريطانية تعتمد بشكل شبه تام على أوقافها، كجامعة كامبردج التي تبلغ وديعتها الوقفية ما يقارب 6 مليارات دولار، فجامعة أكسفورد التي تزيد وديعتها عن 5 مليارات دولار.

وفي كندا وأستراليا الأسلوب نفسه بأرقام كبيرة، كذلك في اليابان وماليزيا وسنغافورة.

هذه الأوقاف التعليمية فقط، أما الأوقاف الأخرى وخاصة أوقاف المستشفيات فإن أرقام ودائعها أيضا كبيرة ومبهرة.

ونحن في المملكة قد نكون من أول الدول العربية والإسلامية المهتمة بالوقف، ولكنه لم يكن الاهتمام الاستثماري المدروس إلا في الآونة الأخيرة، حيث أوقاف الحرمين المتمثلة في أضخم مشروع عقاري وهو مشروع أوقاف الملك عبدالعزيز المجاور للبيت الحرام بمكة المكرمة، هذا المشروع الجبار الذي سيكون بإذن الله من المشاريع الوقفية المميزة.

أما لو أردنا الحديث عن المشاريع الوقفية الجامعية فتبرز جامعة الملك سعود بمشاريعها الوقفية السريعة النمو، حيث إن فكرة مشاريع الجامعة الوقفية لم تبرز إلا منذ سنوات قريبة، ومع ذلك استطاعت الجامعة أن توجد عدداً من المشاريع الوقفية الهامة، والتي ستكون مصدراً مهماً من مصادر تمويل مشاريع وخطط الجامعة، خاصة إذا علمنا بأن موقع الجامعة يجعل من مشاريعها الوقفية المحيطة بها ذات مردود مادي عالٍ.

إن الوقف مما دعت له الشريعة الإسلامية، إذ بالأوقاف تحقق المجتمعات مزيداً من الأمن المعيشي لأفراد المجتمع، وتبعد عن مؤسساتها شبح الضعف والاهتراء نتيجة تذبذب مدخولات الدولة أو تغير الأنظمة، ولذا جاء في الفقه الإسلامي باب الوقف لينظم العلاقة بين كافة الأطراف العاملة على صيانة هذا الوقف واستمراريته.

وكثيرة هي مجالات الوقف، فقد اشتهر بين العلماء توقيف كتبهم ومصاحفهم، وكذلك الآبار والدور والمزارع، وكل له أهميته وحاجته.

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد معنية بقضية حماية الأوقاف العامة، وقد حققت بعض النجاحات في معرفة بعض الأوقاف القديمة التي وحتى وقت قريب كانت غير معروفة وشبه ضائعة، مما بدد مدخولاتها وأفقدها قيمتها الحقيقية، وتأتي الهيئة العامة للأوقاف والتي صدر بها مرسوم ملكي مؤخراً ليؤكد على نمو هذا القطاع الهام، وأيضا على وجود إرادة سامية للعناية به ورعايته.

أعود للحديث عن مشاريع جامعة الملك سعود الوقفية كنموذج حديث يجب على الجامعات والمؤسسات المجتمعية الأخرى الاستفادة من خبرات هذه الجامعة في النجاح في إقناع رجال المال والموسرين بالبذل في هذا الجانب الهام.

وقد تكون الصورة أكثر إقناعاً بعد اكتمال مشاريع الجامعة الوقفية من أبراج وفنادق وأسواق، ستكون بإذن الله شاهداً حياً على نجاح هذه الجامعة ونجاح خططها المختلفة.

إن ثقافة الوقف يجب أن تسود لدى رجال المال والموسرين، فقد يكون فقه هذه المشاريع غائب عن ذهنية البعض، وإلا فالوقف من المشاريع الربحية الدائمة العطاء، وأقصد الربح الأخروي.

آمال عريضة وتطلعات كبيرة نتمنى أن تتحقق ويأتي اليوم الذي نجد لكل مستشفى ولكل جامعة ولكل مسجد بل لكل قطاع من قطاعات النفع العام وقف يحقق له الدخل الذي يكون عوناً له في أداء رسالته للمجتمع بكل اقتدار.



Almajd858@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد