Al Jazirah NewsPaper Friday  13/08/2010 G Issue 13833
الجمعة 03 رمضان 1431   العدد  13833
 
شذرات اقتصادية
سرقة علنية.. ولا رقيب
د. عبد العزيز إسماعيل داغستاني

 

كتبت عن هذا الموضوع غير مرة، وكتب غيري عنه، ولا يبدو أن هناك في الأفق القريب حل أو نظر في الموضوع. أصحاب الشأن غاب ضميرهم تماماً وتبلد إحساسهم، والجهات المعنية تغفل عن هذه الممارسات اللاأخلاقية وكأن الأمر لا يعنيها البتة. ما أتحدث عنه هو سرقة علنية تتم في أسواقنا وبخاصة في الأسواق المركزية السوبر والهايبرماركت، وبشكل أقل في الصيدليات. كيف تتم السرقة؟ السرقة تتم بتسعير السلع والمواد بالهلل. مثلا تجد سعر سلعة ما 4.95 ريال سعودي. وهذه طريقة تسويق غربية تم الأخذ بها بشكل مبتور وبطريقة فيها شيء من الخبث. يشعر المستهلك أن سعر السلعة رخيص لم يصل إلى 5 ريالات. والمفروض أن يعيد إليه التاجر أو البائع 5 هللات إذا دفع له المستهلك 5 ريالات. وهذه الوحدة النقدية موجودة وتسكها مؤسسة النقد. ولكن التاجر أو البائع يجبر هذا الكسر عند الحساب ويستلم 5 ريالات كاملة. أليست هذه سرقة علنية؟ كم يصل المبلغ المسروق الذي يدخل خزينة التاجر يومياً؟ هللة فوق هللة فوق هللة تسوي ريال! أليس كذلك. والدليل أن بعض الأسواق الكبرى قد نفذت برنامج (دع الباقي لهم) وتقدم باقي الهللات للجمعيات الخيرية أو لجمعية الأطفال المعاقين.

ومن هذه الأسواق بنده والعثيم. وهي خطوة جيدة بديلة عن أكل أموال الناس بالباطل، وإن كانت تعد صدقة إجبارية، لأن المشتري ليس له خيار سوى أن يترك الباقي، لأن المحاسب (الكاشير) لا يملك فكة وبالتالي يجبر الكسر لصالح التاجر وليس لصالح المستهلك.

والمستهلكون يمارسون درجة غريبة من الصمت والرضوخ والسكوت واللامبالاة. وهذا ما استغله التجار واستمروا في السرقة العلنية، إلى جانب غياب الدور الرقابي لوزارة التجارة والصناعة التي يجب أن تراقب هذه التصرفات اللاأخلاقية. وفي الخارج، في الدول الغربية التي تحترم حقوق الإنسان ولا تمارس هذه الممارسات اللاأخلاقية، تجد أن ماكينة الحساب تعيد للمشتري الفكة أو الباقي أو السنتات أوتوماتيكياً من الماكينة، وتجد بجوار الماكينة « علب « تخص الجمعيات الخيرية يمكن للمشتري أن يسقط فيها ما يرغب من « التفاريق «. وسيلة خيارية وحضارية، بعد أن ضمن لك التاجر كل حقوقك ولآخر هللة. هذا هو الواقع في أسواقنا.

ووزارة الصناعة والتجارة لا تحرك ساكنا. وأصحاب الشأن يمارسون هذا النصب عياناً بياناً دون أي وازع من أخلاق أو ضمير. وما نراه هو في الواقع سرقة علنية، ولذلك ربما يتطلب الأمر تدخل وزارة الداخلية، ووضع حل لهذا الموضوع، إما بمراقبة عملية وآلية التسعير في الأسواق.

وهذا تنظيم وليس تدخل في الحرية الاقتصادية والتجارية وآلية السوق، وإما إجبار المحلات التجارية على إعادة الباقي كاملا، بتوفير العملات المعدنية بكل فئاتها، أو باستخدام الطريقة الحديثة التي تعيد فيها ماكينة الصرف باقي الهلل كاملاً للمشتري بطريقة أوتوماتيكية. بقاء الحال على هذا الحال شيء مؤسف، وهو شكل من أشكال الفساد في المجتمع.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد