Al Jazirah NewsPaper Friday  13/08/2010 G Issue 13833
الجمعة 03 رمضان 1431   العدد  13833
 

رؤية المآل في رؤية الهلال
شعر: أحمد عبدالله الدامغ

 

لا أدري الآن هل سمعت أم قرأت أن شيخاً أتى إلى قاضي بلدته ليخبره أنه رأى هلال شهر رمضان الذي كثيراً ما يتطلع لرؤيته حديدو البصر، فأراد القاضي تحقيق شهادته، فقال له: كيف كان وضع الهلال لحظة رؤيتك له؟ أهو يماني أم شامي أو علوي فقال الشيخ نسيت اتجاهه، لكنني أظنه علوياً، قال القاضي: إن نحن ذهبنا إلى المكان الذي رأيت منه الهلال تستطيع أن تحدد لي المكان والجهة الأفقية التي رأيته فيها، قال: نعم فذهبا معاً إلى المكان والوقت قد أوشك على دخول العشاء، وهناك وقف الشيخ ومعه القاضي فقال: من هنا رأيته وها هو ذا ما زال مكانه، فانتبه القاضي إلى أن ما رآه الشيخ ما هو إلا شعرة بيضاء قد تدلت متقوسة من حجاج عينه، فمد يده ورفعها ثم قال وهل مازلت تراه؟ قال الشيخ: لقد غاب في هذه اللحظة، أما أنا فقد كدت أكون كذلك الشيخ حينما شارفت الثمانين فقلت في ذلك شعراً طافت بي الذاكرة فيه إلى عهد الصبا، ومكانه، هو:

رأيت الأهلة في أفقها

وشاء بذلك ربي تعالى

أبت أن تراها العيون قديماً

وما عادت اليوم شيئاً محالا

أرتني الثمانون تقويسها

فناديت عند الغروب العيالا

وقلت ألستم ترون هلالاً

فقال جميعهم.. لا لا

فحدق ذو فطنة منهم

يميناً بوجههي وحيناً شمالا

فأبصر في حاجبي شعرةً

بياضها في اللون زاد اشتعالا

وقال هلالك يا والدي

سيبقى مدى العمر منك هلالا

فأيقنت أني إلى رجعة

بدأت الخطا وطويت الحبالا

وعدتُ عسى أن أرى صورة

مررت بها وهي تزهو جمالا

وتتحفني ذكريات مضت

أنا والهوى نستبج الدلالا

ونأخذ من رمل ملعبنا

حُفينة كانت بيوم مقالا

وألقي على روضتي نظرة

وأبكي طويقاً وتيك الجبالا(1)

وألقي سلاماً على تلعة

بُكاءُ المعزين فيه تعالى(2)

على من رُفاةٍ لهم ساكن

لحود عليها القرون تتالى

فأف لشعْرَةٍ هاج لها

ضميري وأيقظ فيّ اعتلالا

(1) أعني روضة سدير التي هي مسقط رأسي وطويق جبل مشهور يقع في بحبوحة نجد.

(2) التلعة موضع بين جبلين في روضة سدير مقبرة منذ مئات السنين.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد