Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/08/2010 G Issue 13835
الأحد 05 رمضان 1431   العدد  13835
 

الدكتور خوجة.. والإعلام
د. محمد أحمد الجوير

 

المملكة العربية السعودية - ولله الحمد والمنة - وفقها الله جلَّ شأنه بقيادة مخلصة حكيمة، وضعت في أولويات أجندتها رفع راية التوحيد، ونشر دين الله بالحكمة، فكان ذلك سبباً رئيساً لما تعيشه بلادنا من نهضة شاملة غير مسبوقة في شتى الميادين، وتبوأت بفضل الله ثم بسببها مراكز عالمية مرموقة، ومنبر الإعلام واحد منها. وفي هذا العهد الزاهر يعيش قطاع الثقافة والإعلام أزهى عصوره؛ لما يشهده من حراك ثقافي وإعلامي غير مسبوق، بفضل الدعم السخي الذي يحظى به من القيادة الحكيمة.

في وزارة الثقافة والإعلام، وبحكم مضى أكثر من ثلاثة عقود، تعاقب عليها - حيث كنت شاهدا على هذا العصر - خمسة وزراء أحسبهم عملوا بجد، وفقاً لما توافر لديهم من إمكانات ومعطيات للوصول بهذا القطاع المهم إلى ما يتطلع إليه ولاة الأمر. وكل شخصية وزارية قادت هذا القطاع تحتاج لوقفات عدة، نسطر من خلالها بصماتها وجهودها، ولكن حسبي من القلادة ما أحاط بالعنق؛ لذا سأتناول في هذه الكليمات المختصرة شخصية بارزة من شخصيات مجتمعنا الكريم، وعَلَماَ من أعلامها، يتأثر به من حوله، أعرف أنه لا يقبل بذلك بحكم تواضعه المفرط. لقد نال ثقة القيادة الحكيمة؛ فكان أهلاً لها من خلال جهوده وبصماته في الميادين التي اضطلع بها، إنه معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي تسلم حقيبة وزارة الثقافة والإعلام مؤخراً.

لقد وجدت نفسي أمام شخصية متنوعة المشارب، لكني ألزمت نفسي في هذه المقالة بعدم الاستغراق في الحديث عنه؛ كي لا أقع في فخ المحذور! شخصيتنا الحاضرة باختصار تتوشح العديد من الألقاب؛ فهو عَلَم من أعلام الإعلام والدبلوماسية والأكاديمية والأدبية والشاعرية، وليس المجال هنا ذكر سيرته الذاتية؛ فهي متاحة للكل في المنتديات الإلكترونية. معرفتي بهذا الرجل لم تكن وليدة اليوم، بقدر ما كانت إبان وجوده في حقبة التسعينيات الهجرية حين كان وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإعلامية، وكنت للتو في بداية مشواري الوظيفي في الوزارة. رأيته يتمتع بخصال حميدة أجلها التواضع الجم، وحب الخير للجميع، والبشر والابتسامة لا يفارقان محياه، وكأن الرجل التقم هذه الخصال من ثدي أمه الحنونة رحمها الله، التي شادت قريحته فيها شعراً تذرف منه الدموع بقوله:

أماه إني قد أتيت

كما أنا طفل حزين

ما بين قلبي والهوى

عهد توثق من سنين

ما بين حبي والمنى

شك يداعبه اليقين

إني أتيت وفي يدي

حلم الطفولة والحنين

حظي الدكتور عبدالعزيز خوجة بثقة ولاة أمر بلادنا - حفظهم الله - فتولى حقيبة الثقافة والإعلام، وخلال فترة وجيزة أحدث انقلاباً مثيراً في الشأن الثقافي والإعلامي، وأعطى الثقافة وما في حكمها مساحة واسعة ومتزنة في الطرح، وجدت الارتياح التام من شريحة الأدباء والمثقفين، عندما أقر اللائحة الجديدة للأندية الأدبية الجديدة التي تعتمد على انتخابات أعضاء مجالس إدارتها التي كثيراً ما يطالب بها البعض، وأحدث نقلة نوعية في القنوات التلفزيونية عندما انطلقت في عهده خمس قنوات دفعة واحدة، ولاسيما قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية من مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ ما يسهم في نشر الإسلام وبيان جهود الدولة في خدمة أطهر بقعتين مقدستين على أرض المعمورة، والقناة الثقافية التي لاقت قبولاً واسعاً في المجتمع، وأسهمت في تنمية حراكه الثقافي، والتوسع في إطلاق موجات الإف إم الإذاعية للقطاع الخاص.. وأزعم أن من يشاهد القنوات التلفزيونية السعودية يلمس البون الشاسع بين ما كانت عليه في السابق وحالها الآن، من حيث الشكل والمحتوى.

ويلمس المتابع الجيد اهتمام الوزير خوجة بسياسة الانفتاح واعتماد الحرية المحاطة بسياج الشريعة السمحة، عند الطرح في وسائل الإعلام المختلفة؛ انطلاقاً من إعطاء الفرصة للرأي والرأي الآخر في التعبير، بعيداً عن المساس بثوابت الدولة الأساسية المعروفة للجميع.

هذه الكلمات البسيطة غيض من فيض مما تتمتع به شخصية الوزير خوجة، وأعتذر إلى معاليه عن التقصير وعدم الخوض في جوانب شخصيته الأخرى؛ ليقيني بنفوره مما عساه أن يكون إطراء ممجوجاً، ولكني أردت أن تتأثر الأجيال القادمة بهذه الشخصية الكادحة والموفقة في حياتها العلمية والعملية، التي كثيرا ما حظيت بثقة القيادة الرشيدة في مواقع عدة، وأحسب أني عندما أكتب مشيداً بهذه الشخصية المتنوعة فإنني سأدفع نظائرها في قطاعات الحكومة، ولاسيما الخدمية منها؛ للسعي حثيثا للتميز والإبداع، وهذا هو أملي وغاية مناي، وهذا لعمري هو الدافع الحقيقي من الإشادة بمعاليه، بعيداً عن التفسيرات الأخرى، وهو في الوقت نفسه تقدير من المجتمع - باعتباري أحد أفراده - لرجاله المخلصين للقيادة والوطن، فكما حالنا ننتقدهم بضراوة في كتاباتنا ونقسو عليهم إذا ما قصروا في أداء أعمالهم، فإنه يجب علينا إنكار ذواتنا، والإشادة بتميزهم وإبداعهم وجهودهم، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

dr-al-jwair@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد