ليسمح لي القارئ الكريم أن أنقل له نصا للشيخ ابن تيمية رحمه الله المتوفى سنة 728 ه حيث قال هذا العالم صاحب النظرة الدقيقة في عصره وحتى بعد عصره بقرون (ما أفسد الدنيا إلا أربعة: نصفُ متكلّم، ونصفُ فقيه، ونصفُ نحوي، ونصفُ طبيب»
هذا النص التاريخي النفيس والذي لا يتوقف الاستشهاد به عند الغيورين على تراث الأمة ونتاجها الفكري لم يغب عن بالي وأنا اقرأ الأمر التاريخي لخادم الحرمين الشريفين والموجه بضبط عبث الفتاوى الذي نشاهده جميعا من أشخاص دخلاء على العلم الشرعي ما بين طيب أو مهندس أو منحرف تائب فأصبح بعضهم مفتيا ومتحدثا في الشأن العام.
المتأمل في تراثنا العريق يجد الكثير من الكتب عن أدب الفتوى وصفة المفتي لأهمية هذه الصفة، وهذا ما يجب أن يدرس ويكرس عند جيلنا القائم والقادم.
شكرا لخادم الحرمين الشريفين على هذا البيان الذي يؤكد المقولة القديمة أن كلام الملك هو ملك الكلام.
وأخيرا ليسمح لي القارى الكريم مرة ثانية أن انقل له شرحا لحديث ابن تيمية السابق حيث قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
أما نصفُ المتكلم فقد أفسد الأديان؛ لأن المتكلِّمين يتكلَّمون في العقائد بغير حق فيفسدون الأديان ولكنّ الذين بلغوا ذروة علم الكلام رجعوا إلى الصواب؛ لأنهم عرفوا بطلانه والبلاء من نصف المتكلم، وأما نصفُ الفقيه فإنه يُفسد البلدان؛ لأنه يحكم بغير حق ويُفتي بغير حق فيفسد الأمة، وأما نصفُ النحوي الذي يتعلّم العربية ولكنْ لا يُجيدها فإنه يُفسد اللسان؛ لأنه يريد أن يتكلَّم بالعربية بدل العامية ولكنّه يضيّع العامية ولا يستفيد من العربية، أما نصفُ الطبيب فإنه يُفسد الأبدان؛ لأنه مُحترف ولا يعرف شيئًا من الطب إلا قليلاً فيصفُ الدواء للمريض وفيه مرضه.
هذا ما قاله كبار المشايخ عن منتحلي صفة المشايخ، ولا مزيد عليه.
للتواصل : فاكس - 2333738
tyty88@gawab.com