Al Jazirah NewsPaper Monday  16/08/2010 G Issue 13836
الأثنين 06 رمضان 1431   العدد  13836
 

حديقة الغروب
شعر - غازي القصيبي

 

.. وكأنه كان يقرأ الرحيل منذ ذلك الحين (الأحد 14 ربيع الآخر 1426هـ - 22 مايو 2005م العدد 11924) حينما أعلن الرثاء.. فامتلأت الدنيا واشتعلت الصفحات.. انتقلت هذه (الحديقة الرثائية من (الجزيرة) إلى معظم الصحف المحلية والعربية..

فكان الإجماع بصوت القلب الواحد:

وإن مضيت.. فقولي: لم يكن بطلاً لكنه لم يقبل جبهة العار.

بل بصوت الحب الخالد:

مضى بطلاً.. وبقي علماً وعملاً.. وسيمتد أثراً..

(رحم الله غازي)

خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ

أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟

أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت

إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟

أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا

يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ

والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ

سوى ثُمالةِ أيامٍ.. وتذكارِ

بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا

قلبي العناءَ!... ولكن تلك أقداري

***

أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى

عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري

أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ

وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري

منحتني من كنوز الحُبّ.. أَنفَسها

وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري

ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي

والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري

إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني

بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار

وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه

وكان يحمل في أضلاعهِ داري

وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً

لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ

***

وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه

ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ

ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ

يهيمُ ما بين أغلالٍ.. وأسوارِ

هذي حديقة عمري في الغروب.. كما

رأيتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ

الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ

والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ

لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي

فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري

وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً

وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ

***

ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه

لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحاري

تركتُ بين رمال البيد أغنيتي

وعند شاطئكِ المسحورِ.. أسماري

إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي

ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري

وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً

وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري

***

يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه

وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري

وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به

علي.. ما خدشته كل أوزاري

أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي

أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد