مقولة شنَّفت آذان العظماء عبر تاريخ البسيطة.. هذا ليس زمانه.. لقد جاء قبل زمانه.. كان غازي القصيبي يطرب لهذه العبارة وينتشي، ليس لأن فيها مديحاً وإطراء بل لأنها حوت رسالة واضحة إليه وقد قرأ غازي الرسالة جيداً، وحفظها عن ظهر قلب...

(لقد جئت قبل وقتك؟.. إذاً فوقتي قادم وعلي أن أكون حاضراً عندما يأتي..)

وكان غازي القصيبي يعرف جيداً أن الأعمار بيد الله..

أسطورة أوروبية تحكي أن امرأة أقامت مملكة على بقعة من شواطئ الشمال وكغيرها من ملوك زمانها كان هاجسها التوسع ومضاعفة مصادر الرزق لرعاياها.

غير أن الحروب أعيتها لنقص في الرجال والعتاد وذات يوم خرجت مع أولادها وبناتها في رحلة بحرية، فاستقبلهم البحر بعاصفة عظيمة وحاصرتهم الأمواج العاتية، وأدركت أنها لا محالة هالكة.. وما كان منها إلا أن وضعت كل طفل من أطفالها في قارب نجاة، ولزمت سفينتها حتى غرقت، وغرقت معها..

وشاءت الأقدار أن يحط كل قارب نجاة في بقعة من الشاطئ وأن يصبح كل أبنائها ملوكاً وملكات للأراضي التي قذفتهم الأمواج إليها.

لقد غرقت سفينة غازي القصيبي، وغرق معها.. لكن (أبناءه) من الكتب والدواوين باقون يصارعون الأمواج في قوارب النجاة التي تتجه بهم إلى زمانه الآتي.

والله أعلم