Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 
الحبر الأخضر
مستشفى حائل الجامعي 2 – 2
د. عثمان بن صالح العامر

 

كنت أتوقع أن تكون أصداء خبر توقيع مشروع تشييد هذه المستشفى ذات 600 سرير في مجتمع حائل المحلي- الذي يعاني الأمرّين من القطاعين الصحيين الحكومي والخاص- أكثر إيجابية، والفرحة به داخل كل بيت بلا استثناء، فنحن جميعاً صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً من يتلظى بنار الواقع الصحي المر ونبحث عن السرير الواحد يميناً ويساراً حين يقع الفأس بالرأس ونحتاج إلى ذوي الاختصاص - لا سمح الله -، واسألوا إن شئتم أصحاب المعالي ومدراء المستشفيات الكبرى وأصدقاءنا في القصيم أو الرياض!!، بصدق عجبت من ردة الفعل وحاولت أن ألتمس لأبناء جلدتي سبباً مقنعاً لهذا الصمت المطبق إزاء مثل هذه المشاريع التنموية الحيوية الهامة، ولم أجد ما أرد به على نفسي سوى حالة الإحباط والقنوط التي يعيشها مواطن المنطقة جراء موت كثير من المشاريع التنموية - خاصة الصحية منها - في مهدها، حتى الوعود والتصريحات بل القرارات والتوجيهات القاطعة صارت مع الزمن أحلاماً وأماني لا تعرف للواقع الحقيقي طريقا، بل ربما أوجدت مع تعددها على مرّ الأيام والشهور بل الأعوام والدهور عدم ثقة ومصداقية بالأخبار الرسمية وللأسف الشديد!!.

هذا فقط هو المبرر الذي قد أجده لعدم الاكتراث بهذا المشروع في مجتمعي المحلي الذي يعنيه الأمر قبل غيره، ولهؤلاء وغيرهم أقول إن مستشفى حائل الجامعي- الذي وعد معالي مدير جامعة حائل في تصريحه أول الأسبوع بأنه سيخضع لمتابعته الشخصية ولن يرضى بوجود أي معوق يؤخر استلامه في وقته المحدد - يعد بحق مفردة متميزة ضمن منظومة صحية متكاملة تحتضنها الجامعة، هدفها في النهاية بناء مجتمع يتمتع بالصحة الجسدية بإذن الله، إذ سبق توقيع هذا المشروع يوم الثلاثاء قبل الماضي من قبل معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور / خالد بن محمد العنقري ميلاد كلية الطب منذ أكثر من عامين تقريباً بعد مرحلة مخاض لها قصة طويلة ذات فصول متعددة، لا يهم، المهم أن الحلم أصبح حقيقة وبدأ أبناء وبنات حائل المنطقة يدرسون أدق التخصصات وهم عند أهلهم وفي وسط أترابهم، ثم كانت كلية العلوم الطبية وفي العام القادم بإذن الله الصيدلة وطب الأسنان كما أعلن ذلك صاحب السمو الملكي أمير المنطقة في ثنايا كلمته إبان رعايته لحفل التخرج هذا العام، إضافة إلى ما كان من قبل «كلية العلوم الصحية» والتي صارت تمنح درجة البكالوريوس في التمريض، والإدارة الصحية، والمعلوماتية الصحية، وصحة البيئة، وهؤلاء الخريجون سيكونون النواة الأولى لتشغيل هذه المستشفى بإذن الله.

وحرصاً على التميز ورغبة في البدء من حيث انتهى من سبق من الجامعات الداخلية ذات الباع الطويل في تدريس هذه التخصصات الدقيقة تم إبرام اتفاقية مع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة للإشراف المباشر على العملية الأكاديمية والإدارية والمعملية في هذه الكليات الطبية بجامعة حائل الناشئة، كما تم إبرام عدد من الاتفاقيات الدولية مع جامعات عالمية مرموقة للتدريس والتدريب، منها (جامعة روان) أشهر الجامعات الفرنسية في هذا التخصص، إذ يحاضر عدد من أعضاء هيئة التدريس فيها بكلية الطب وكذا العلوم الطبية في جامعة حائل، كما أن مجموعة من طلاب هاتين الكليتين كانوا هناك قبل أيام ولمدة شهر يتدربون في مستشفى الجامعة الفرنسية وعلى يد أبرع الأطباء وكبار الاستشاريين وبإشراف إدارة الجامعة ممثلة بعمادتي الكليتين وشؤون الطلاب.

هذا مؤشر قوي من مؤشرات التفاؤل بهذا المشروع الحيوي الواعد (وجود أطباء وطبيبات من أميز أبناء المنطقة وبناتها مؤهلين ومدربين في أرقى الجامعات وعلى يد المبرزين في جميع التخصصات وبأحدث الأجهزة والتقنيات)، ومن المؤشرات أيضا التجهيزات والتقنيات التي حرصت إدارة الجامعات على توفيرها في معامل الكليات الطبية المتخصصة منذ لحظة التأسيس، وكذا استقطاب أعضاء هيئة التدريس المتميزين من جميع بلادنا العالم للإشراق والتدريس، يضاف إلى ما سبق من مؤشرات نجاح قافلة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز والتي انبرى لها منسوبي الكليات ذات الاختصاص (الطب، العلوم الطبية، العلوم الصحية، إضافة إلى كرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الكلي في منطقة حائل) وشارك فيها الطلاب والطالبات، ونالت شرف رعاية واهتمام ومتابعة أمير المنطقة، وكانت نتائجها العلمية والتوعوية الإرشادية والوقائية والعلاجية نتائج مبهرة كما يقول تقرير اللجنة الإشرافية عليها، والذي نشرت طرفاً منه «الجزيرة» في صفحاتها من قبل، فهذه الحملات العلمية الواسعة تعطي الطالب فرصة لمعرفة الأمراض المستوطنة ويكون على دراية واطلاع ميداني بواقع المنطقة الصحي منذ بداية عمره التخصصي في هذا العلم الدقيق.

علاوة على ذلك فإن أمانة الكراسي العلمية في الجامعة سعت مع عمادات الكليات ا لثلاث في حصر أهم الإشكاليات الصحية في المنطقة وحرصت على تأسيس كراسي علمية لبحث ودراسة هذه القضايا دراسة علمية شاملة وبناء جسور التواصل مع المجتمع المحلي للتوعية والوقاية قبل مرحلة العلاج والدواء ولعل من أهم الكراسي التي تحتضنها الجامعة اليوم كرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الكلى والذي سأرجئ الحديث عنه في وقت قادم بإذن الله.

هذه هي الأرضية التي تشيد عليها مستشفى جامعة حائل وما سقته بين أيديكم في ثنايا هذا المقال من أقوى الأسباب التي تجعلني متفائلا بهذا المشروع الحيوي الهام ومستبشراً به مثله مثل بقية المشاريع الجامعية التي تشرف عليها وتتابعها وزارة التعليم العالي داخل حرم جامعة حائل وغيره من المدن الجامعية في جميع مناطق المملكة ويسأل عنها ويهتم به ولي الأمر بل يحث على إكمالها وسرعة إنجازها خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز بنفسه وفي كل مناسبة ذات صلة بالتعليم العالي أو بإنسان المنطقة الغالي وأتمنى من الله ثم من القائمين على هذا المشروع الهام بل على جميع مرافق وكليات المدينة الجامعية ألا يخيبوا الأمل ويقصموا ظهر التفاؤل إلى الأبد.

وإلى لقاء والسلام



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد