Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 

إذا سلمت فكل الناس قد سلموا
إبراهيم بن عبدالله الشثري

 

استبشر مواطنو المملكة بخبر نجاح العملية الجراحية التي أجريت لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وردد أبناء الوطن جميعًا: لا بأس طهور إن شاء الله يا أمير الخير والبر، فقد كان لهذا العارض الصحي الذي ألم بسموه الكريم أكبر الألم في صدورهم لكنه القدر الذي يتقبلونه بالصبر والتسليم ويرجون أن يكون طهورًا ورفعةً في درجات سموه وأن يجمع له بين أجر الصبر والعافية..

.. وكيف لا يفرحون بسلامة سموه وهو الرجل الذي تجذّرت مشاعر حبه في القلوب واستدعتها مواقف ما فتر اللسان عن ذكرها وترديدها، ولا عجب في ذلك فقد أجمع الناس على حبه وتقديره واحترامه، أحبوا فيه نبل أخلاقه ولطف تعامله وجميل إنسانيته وتواضعه وتقديره للكبير ورحمته بالصغير والمحتاج، أحبوا فيه أياديه البيضاء ورؤاه الصادقة، وروحه المتسامحة، أحبوا فيه مجلسه المفتوح لكل أحد يستمع لشكوى الضعيف ويقبل حديث الناصح الصادق ويحاور العالم ويطارحه دقائق المسائل ويسامر الأديب ويبادله الأخبار ونوادر الأدب.. في تميز من يجيد العزف بالكلمات في سيطرة طاغية تدهش المستمع خصوبتها وتفردها، لا يسع من يلقاه إلا أن يجلّه ولا يملك من يعرفه إلا أن يحبه.

لسلمان بن عبد العزيز في قلوب ووجدانات كل السعوديين منزل ومحل، فقد عرفوه الحاكم العادل والوجيه المحترم المقدر، وتميزه وتفرده من التميز الذي يوهب مع الفطرة ويولد مع النفس، يبهر جلساءه بذكائه الذي يشيع في مراميه، ويسيل شعوره على ألفاظه، لا يتكلم إلا عن العمل ولا يناقش إلا في الواقع ولا يرمي إلا إلى غرض طموح النفس، فلا يحصر أفقه يأس ولا يحد غايته مطلب بعيد الهمة، لا يضله شارد الخيال ولا يغمره خادع الأمل، لا يهب الناس إلا عمار قلب وصدق عاطفة ونبل هدف وسمو مقصد، عاش معه أهل الرياض وهم ينشدون مع الشاعر:

خمسون عامًا والذراع طويلة

في البِر والمعروف والإحسان

بنى عاصمة المملكة لبنة لبنة التي هي العلامة الأبرز في الحيوية والتطور في مسيرة بلادنا التي هي إحدى وثبات هذا الكيان، اجتمع كل عارفيه على حبه لأن الرجل الذي استطاع أن يكسب هذه القلوب وأن يسيطر عليها وحيثما اتجهت وجدته كقطرة مطر عذبة يردد الناس اسمه ويلهجون بالثناء عليه والدعاء له ولا يجتمع الناس على حب امرئ إلا كان الله يحبه.

وعندما نعود بالذاكرة لسنوات خلت ونستذكر ما قدمه - حفظه الله- وما يزال يقدمه من أعمال ليس لي في هذا المقال أن أحصرها، نشاهد بأعيننا مساحات الحب والوفاء التي عكست المكانة التي وصل إليها وتربع على قمتها، فمساهماته الخيرية داخل المملكة وخارجها والحب الكبير الذي يكنّه - حفظه الله- لمواطني ومقيمي المملكة العربية السعودية ولأمته العربية والإسلامية كانت نبراسًا لدفع عجلة العمل الخيري في وطن الإنسانية، حيث تجد لسلمان بن عبد العزيز في كل مؤسسة خيرية شاهدًا على صدق العطاء ونبل المقاصد وأريحية البذل، بدءًا من جمعية البر ثم جمعية تحفيظ القرآن الكريم ثم جمعية الأطفال المعاقين وجمعية الإسكان الخيري وغيرها من مؤسسات الخير في بلادنا الكريمة، بل في كل أقطار العالم الإسلامي في باكستان وأفغانستان وفلسطين والبوسنة والهرسك.

الوطن كلّه يتوشح برداء الفرح والسرور بشفاء الأمير المحبوب صاحب البصمات المميزة في المسيرة التنموية للبلاد وصاحب التأثير الإيجابي في معظم أوجه الحياة في النهضة التي تعيشها عاصمة بلادنا المميزة الرياض، الذي يظل حاضرًا دائمًا في وجدان سموه حتى ولو كان غائبًا. ولا يمكن أن يغيب عن الذاكرة ولا يمكن لأحد أن ينسى لوحة الوفاء التي رسمها سموه قبل عامين بملازمته لأخيه صاحب السمو الملكي ولي العهد في رحلته العلاجية في صورة زاهية من صور الإخوة الصادقة، والوفاء، وصلة الرحم، لقد ظل سموه الكريم الأخ الوفي والصديق والمواسي مضحيًا بوقته من أجل أخيه، وهو وفاء لا يُستغرب من شخص بحجمه وروحه وإنسانيته، ومع ذلك ظل رجل المهمات الصعبة في متابعة كل ما يجري في بلده وخارجه، إذ لم ينفصل عن الأحداث ودوراتها المتسارعة، إضافة إلى أعماله اليومية التي نعرف أنها جزء منه في خدمة الناس ومتابعة أحوالهم.

وفي انتظار عودتك يا سيدي محفوفًا بلطف الله ورعايته مكللاً بدعاء المخلصين وابتهالهم إلى الله بسلامتك وعافيتك، مجزيًا بمثل ما فعلت من صنائع المعروف التي احتسبتها عند الله، فأنعم عليك برحمته وجزاك بها رفعة في الدرجات وتكفيرًا للسيئات ومضاعفة للحسنات.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد