Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 
الوزير.. غازي الغزير
سلطان بن عبدالرحمن العثيم

 

هو كذلك ولاشك.. الغزير بكل معاني الحياة والشامل لكل تجلياتها.. الغزير بالوطنية.. الغزير بالعلم.. والغزير بالإخلاص.. والغزير بالأمانة.. والغزير بحب الناس والمجتمع والأمة.

إنه النهر الرقراق.. سيرته ملأت الآفاق.. وأصبح قدوة للملايين بذكائه وفطنته.. وطموحه وصبره.. وتحمله وسعة صدره.. بكفاحه وتدرجه.. بحبه الذي لا يوصف للوطن والمواطن.. وبني الإنسان أينما حل به المكان والزمان.

إنه منطلق الأدب وعقل السياسية وروح الإدارة ورحيق التفاني في خدمة الناس بكافة أطيافهم بغض النظر عن المعرفة أو القرابة أو العلاقة.

إنه النموذج الرائع الذي لطالما أعتز بقيمه ومنطلقاته ودينه وأمته وأفنى حياتك متنقلاً بين منصات العمل الإداري والسياسي والفكري والأدبي والاجتماعي بتمثيل متناغم ورقي بالغ وتوازن كبير.

لم تزيد مغريات الحياة من المناصب والأموال والنفوذ والعلاقات والشهرة وتعدد المواهب التي يملكها غازي ذلك الرجل الحالم إلا تواضعاً ورحمة ونزولاً إلى الناس سواء بعقولهم أو بأوضاعهم أو باحتياجاتهم.

لا يزال المواطنون يتندرون بقصصه الجملية إبان كان وزير للصحة وتقمصه لدور المريض ودخوله على الأطباء في زيارات مفاجئة؛ اكتشف من خلالها الكثير من التجاوزات وارتقى بالخدمة إلى أفضل أحوالها بشهادة الجميع حتى أصبح الطبيب يهش ويبش في وجه المواطن خوفاً من أن يفاجأ بغازي ضيفاً عليه بلا مقدمات.

لا يزال المواطن البسيط يتذكر أول وزير سعودي أوصل الكهرباء إلى القرى والهجر النائية وساوى بينهم وبين أكبر المدن في الخدمة حتى أن المزارع البسيط وأبناء القرية كانوا يدعون له بلا توقف حيث أضاء لهم الحياة وقدم لهم الحضارة على طبق من ذهب.

لا يزال الطلاب في بريطانيا يتذكرون أبوته الحانية عليهم وذوبانه معهم كأخ أكبر وهو يبادلهم الابتسامة والمجالسة والمؤانسة ويقدم لهم النصح والمشورة بلا كلل أو ملل.

لا يزال المواطن السعودي يتذكر مشهده الشهير حينما شمر عن ساعديه ولبس الطاقية البيضاء وباع الجبن والزيتون للزبائن في السوق بكل ابتسامة وعبرها أرسل رسالة أن العمل أين كان فخر وعزة وسمو وأن الكسل والتمني والتشكي لا تزيد صاحبها إلا خبالاً.

لايزال الفلسطينيون والعرب أجمع يتذكرون قصائده الرنانة في دعم القضية ومؤازرتها حتى أن الغرب اشتط غضباً منه على قصائده النارية الداعمة لقضية العرب والمسلمين المركزية عندما كان سفيراً للمملكة في لندن.

خرج من المنصب كما دخله بلا ثراء فاحش أو استغلال للسلطة، وهنا يكمن سر تمكينه في الأرض وذكره الطيب الذي ملأ السماء والأرض ومحبة الناس له التي هي بإذن الله دلاله على حب رب الناس سبحانه وهي والله لأعظم بشرى.

هو بلا أدنى شك أضاف إلى الكرسي ولم يضف إليه, وضع الدنيا بين يديه ولم يضعها في قلبه فتمكن منها ولم تتمكن منه.

هنيئاً لك دعاء الفقراء الذين كنت تطعمهم من راتبك الشخصي, هنيئاً لك دعوات المرضى الذين كنت تواسيهم وتعود إلى بيتك فتبكي على أحوالهم بكل شفافية وتجرد وإنسانية.. هنيئاً لك دعوات المواطنين الذين خاطبوك فساعدتهم في أعمال ليس من اختصاصك ولا تقع في نطاق مسؤولياتك.. هنيئاً لك وسام الإخلاص فلم تهمل خطاباً أو دعوى أو شكوى لمواطن فكانت تأخذ جل وقتك وأنت سعيد بذلك.. هنيئاً لك همتك العظيمة في الخير فكنت تسعى في توظيف مواطن ومواطنة وأنت على سرير الموت تحتضر!!.

إلى جنات الخلد يا غزير المكانة والقدر والتاريخ.. وليس بعد هذه الرحلة العظيمة إلا التتويج من ملك هو أرحم بنا من أنفسنا سبحانه.



sulan@alothaim.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد