Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 

ومات الرجل الصادق... أبو سهيل
د. إبراهيم بن عيسى بن علي العيسى

 

الحمد لله القائل في محكم كتابه {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الآية 57 سورة العنكبوت) فالموت حق لا محالة، فكل يموت عند حلول الأجل المحتوم، وإن للوعة والحزن بوفاة الإنسان الشاعر الأديب الدكتور غازي القصيبي من أهله وأصدقائه وعارفيه يُعد طبيعة بشرية مع إيمان بقضاء الله وقدره، وأنا أقرأ .....

.....الرثاء والنعي ممن كتبوا في اليوم الثاني لوفاته، وجدت أنها مؤثرة وتردد مآثره وأخلاقه وإنسانيته، فتأثرت وأخذت القلم لأسطر مشاعري وأحاسيسي نحو الفقيد غفر الله له، فقد تفاجأت بخبر وفاته لأن آخر ما عرفته أنه قد وصل إلى البحرين من أمريكا متماثلا للشفاء من مرضه، فاستبشرت خيراً، وقد سألت الصديق حمد القاضي بعد سماع الخبر عن وقت وصوله إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي، فقال لي إن الدكتور غازي حالته الصحية ساءت فنقل بالإخلاء الطبي إلى المستشفى منذ مدة حتى وافاه الأجل، وعزاؤنا لأبنائه وبنته وزوجته وأفراد أسرته، ولنا جميعاً لما عرفنا عنه من رجولة فذة شجاعة، وما يتحلى به من أخلاق ومثل عالية، فهو الإنسان بإنسانية الحقة، والقيادي الإداري الناجح المبدع المخلص في الوفاء بواجباته والتزاماته في كل موقع شغله، فهو شجاع في قراراته، مثالياً في تصرفاته، همه مصلحة الوطن والمواطن، يجسد مهامه وإدارته بأعمال، وممارسات فعلية يوم أن كان وزيراً للصحة، وعندما كان سفيراً في البحرين ولندن، والأكثر تفانياً وعملاً مضنياً بعد أن أصبح وزيراً للعمل، إذ كان يحث الشباب السعودي على التدريب والعمل في كل المهن بغية توطين العمل (تحقيق السعودة)، فقد جال وصال في معاهد، ومراكز التدريب، ومواقع بعض الأعمال مرتدياً اللباس (الزي) الخاص بالعاملين ليقنع الشباب بأن لا عيب في العمل، وأن المهم عدم التعطل عن الكسب الحلال، وتفشي البطالة الزائفة بسبب ترك كثير من الأعمال ليشغلها غير السعوديين، وإشعارهم أن فرص العمل كثيرة ومتنوعة، وقد كان - يرحمه الله - يتحلى بالصدق والأمانة والنزاهة والشجاعة في كل عمل يتولاه، فكان محل تقدير من القيادة العليا، ومحبوبا من كل المواطنين الذين يقدرون من يعمل بإخلاص وصدق وأمانة، ولا يخشى لومة لائم متى كان يعرف أن قراره الذي اتخذه في مصلحة الوطن والمواطن.

إن الكلام من أعمال ومنجزات الدكتور غازي القصيبي تحتاج إلى مُؤلف مطول، وقد كتب عنه الكثير باعتباره رجلاً وصف بأنه (استثناء) في المجلة الثقافية التي تصدر عن صحيفة الجزيرة في الخميس 8-3-1430هـ الموافق 5-3-2009م، ثم بعد ذلك صدر كتاب فيما يزيد على (600) صفحة، ولا شك أن هذا ذكر طيب له، والذكر له بعد وفاته يُعد عمراً ثانياً للفقيد سيبقى مدى الحياة.

ما تقدم مختصر لمشاعري نحو الفقيد أسكنه الله فسيح جناته، وإن كنت أنعاه وأرثيه بهذه السطور المختصرة، وينعاه ويرثيه غيري من أهله وأصدقائه ومحبيه وهم كثر، فإن الفقيد بشعره الرقيق وشاعريته وشعوره وإحساسه بدنو الأجل قد نعى نفسه في قصيدة مؤثرة منذ خمس سنوات تقريباً، أكتفي بذكر الأبيات التالية:

خمس وستون في أجفان إعصاري

أما سئمت ارتحالاً أيها الساري؟

هذي حديقة عمري في الغروب كما

رأيت مرعى خريف جائع ضار

يا عالم الغيب ذنبي أنت تعرفه

وأنت تعلم إعلاني وإسراري

أحببت لقياك حسن الظن يشفع لي

أَيُرتجى العفو إلا عند غفار

ومنذ أشهر قال قصيدة أخرى يخاطب السبعين عاماً وهي مؤثرة - أيضاً - كتب بعض الكتاب بأنها نعي لنفسه - غفر الله له وأسكنه فسيح جناته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محام ومستشار قانوني - عضو مجلس الشورى سابقاً

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد