Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 
في وداعه الأخير
بقلم: خالد المالك

 

تبكيك القوافي، مثلما تبكيك المنابر، فأنت يا غازي الصوت الشجي الذي لا يغيب، المطلوب دائماً وفي كل المناسبات الفاعلة، من إذا غاب عن المشاركة تساءل الناس عنه، وأيقنوا أنهم بدونه لا تستجيب ولا تتجاوب بل تستعصي حالة الانبهار التي عودتهم عليها!

***

هكذا تكون مكانة المبدع، وقيمته في ساحات العطاء كما هو أنت، وبهذا يتكاثر حوله مريدوه ومحبوه، فيكون تأثير هذه الأجواء كبيراً في المبدع الأصيل نحو تقديم المزيد من الأعمال الإبداعية غير المتكررة وغير المسبوق إليها.

***

هل فهم المصدوم بوفاة غازي القصيبي كيف تتحول الأفكار إلى إنجازات حين يوظفها صاحبها توظيفاً حسناً، ويعطيها من دفق إخلاصه وصدقه كل ما تستحقه من وقت وجهد، ويظل هكذا يعمل بدأب على تنميتها وتطويرها ووضع لمسات تقرب الناس منه، وتجسر التواصل بينه وبينهم كما كان يفعل الدكتور القصيبي.

***

وبهذا المنحى - كما أتصور- كان غازي القصيبي يمارس حياته ويستثمر مواهبه، ويبني خطط تفاعله مع المستجدات، وهو على يقين بأنه ككل الناس يعيش في عالم يضج بالمتناقضات وتباين المواقف، بينما لا حيلة للتعايش معها من دون أن تخسر المبادئ التي تؤمن بها إلا لمن كان يتمتع بمهارة مفكر مبدع كغازي القصيبي.

***

هل لنا إذاً أن نستنسخ تجربة القصيبي، إدارياً وثقافياً، بأن يقدم أكثر من مواطن صورة جميلة عن نفسه ووطنه وأمته على النحو الذي كان عليه هذا الرمز الذي نريد أن نسمع شيئاً عن تكريمه والاحتفاء - ولو متأخراً - بإنجازاته، حتى لا تغرق وفاة القصيبي بهذا الزخم من العواطف الصادقة فننسى عندئذ أن عملاً كبيراً يليق باسمه وبإنجازاته يجب أن يتم تحقيقه لتذكير الأجيال بأن مبدعاً سعودياً ولد هنا ومرض هنا ومات هنا، وأن هذا الوطن برموزه ليس من طبعه ولا من شيمه أن ينسى نجومه، لا في الماضي ولا في الحاضر والمستقبل.

***

تحية للدكتور غازي القصيبي، الذي ألّف القلوب في مرضه، وجمع الناس حوله عند وفاته تقديراً لسيرته ومسيرته وسنوات من الإخلاص في عمله، فجعلهم في شهور محنته يتابعون حالته الصحية بألم، ويبكونه ميتاً، ويتذكرون باعتزاز كل أعماله الخلاَّقة التي قدمها هدية للوطن والأمة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد