Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/08/2010 G Issue 13841
السبت 11 رمضان 1431   العدد  13841
 
«كِلانا» لا كل رسالة تفرق 5060
فضل بن سعد البوعينين

 

اعتقدت أن الانتهاء من عملية الغسيل الدموي قد أزال الحمل عن تلك الأرملة المسنة، حتى فاجأتني بما هو أعظم عليها من الغسيل، الوصول إلى الشقة المستأجرة، تجهيز الغداء لها ولابنها العاطل عن العمل، ومراجعة هموم الحياة والتزاماتها التي لا تنتهي أبدًا.

حَمَلَت جسدها المثقل بالسنين والهموم، ولسانها لم ينقطع عن ذكر الله، واسجاء الدعوات لكل من قابلها أو تعامل معها، رضًا لا أجده عند كثير من الموسرين، فقدت الدنيا وما فيها، واحتملت الديون والهموم، ورضت بما قسمه الله لها.

مخالطة مرضى الكلى، والتواصل معهم تكشف للإنسان الصحيح نعم الله التي أنعمها عليه، فنسيها بجبروته، أو انشغاله عنها بدنياه.

يتذمر الغني لفقده صفقة مهمة، تضاعف أرصدته المتخمة، ويكابد الفقير المريض للحصول على وجبة غداء فيحمد الله أن وجدها أو حُرِمَ منها. أي إيمان يجده هؤلاء في قلوبهم، وأية قسوة يمارسها المنشغلون عن مد يد العون لهم.

انشغل المجتمع بالدنيا، فنسي إخوانه وأخواته المحتاجين، إلا من رحم ربي، ووفقه لفعل الخيرات. قد يسهو المرء عن تقديم الصدقة، أو ربما احتجب عن مشاهدة مستحقيها فأعتقد الا فقر على الأرض، فإن يسر الله له من يدله على الخير، ويعينه على إيصال صدقته لمستحقيها، وجبت عليه المساهمة.

جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية الفشل الكلوي (كِلانا) من الجمعيات المباركة التي اهتمت بجانب انشغل عنه الناس أو نسوه.

مرضى الفشل الكلوي هم المستهدفون لديها، إلا أن المجتمع بأسره هو المعني والمستفيد من خدمات الجمعية التي مهدت لأفراده طريق الخير، ودلتهم عليه، وتحملت مسؤولية تحويل صدقاتهم البسيطة إلى نهر من العطاء المتدفق لخدمة مرضى الكلى، طبيًا واجتماعيًا.

خدمات جليلة تقدمها الجمعية لمرضى الكلى المحتاجين، من السعوديين وغير السعوديين ممن أصيبوا بالمرض في السعودية، يمكن أن نطلق عليها (الخدمات الشاملة)، وتتضمن تأمين الخدمات الطبية والخدمات المساندة كخدمة الغسيل، توفير الأدوية، وتأمين خدمات النقل، والرعاية الطبية الطارئة، والمساعدة الاجتماعية.

كثير من المرضى غير المستحقين لمجانية العلاج لا يستطيعون توفير الدواء، فكيف بعمليات الغسيل شبه اليومية التي ربما كلفت جلستها الواحدة في حدود 1200 ريال.

يشير الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، المشرف على جمعية «كِلانا» إلى أن معدل تكلفة علاج المريض الواحد يصل إلى 115 ألف ريال سنويًا.

لم تدخر الحكومة - وفقها الله- جهدًا في توفير وحدات غسل الكلى في المستشفيات الحكومية ضمن خدمات الرعاية الصحية المجانية، إلا أن الحاجة في ازدياد، خاصة مع نمو عدد المصابين بالمرض، والتزاحم على مراكز الغسيل الحكومية ما يستدعي إيجاد مراكز جديدة، أو عقد شراكات مع مستشفيات خاصة لتوفير العلاج للمحتاجين، وهو ما تقوم به الجمعية حاليًا.

ما زالت الحاجة ملحة لبناء مزيد من مراكز الغسيل وتوفير أموال الدعم للإنفاق على المراكز الحالية، والمحتاجين من مرضى الكلى.

رعاية أكثر من 700 مريض، مرشحة للزيادة المطردة، ليس بالأمر الهين على جمعية «كِلانا» وهو ما يحتاج منهم إلى توفير الموارد المالية المستدامة التي تضمن لهم الاستمرارية في تقديم الرعاية، والتوسع في خدمة مزيد من مرضى الكلى المحتاجين.

المجتمع بمكوناته المختلفة مسؤول أمام الله عن مد يد العون للمرضى المحتاجين، وتقديم الدعم المستمر لجمعية «كِلانا» لتتمكن من خدمة المرضى في جميع المناطق.

رجال المال والأعمال مطالبون بتخصيص جزء من أرباح شركاتهم للمسؤولية الاجتماعية ومنها دعم الجمعيات المتخصصة، أما المواطنون فقد توفرت لهم سبل التبرعات الإلكترونية الآمنة، والجمعية المتخصصة التي تعمل وفق معايير الخدمة الاجتماعية والرعاية الطبية العالمية.

رسالة واحدة بعشرة ريالات إلى الرقم 5060 أو اشتراك شهري بمبلغ 12 ريالاً لن يُغير شيئًا يذكر في فاتورة الجوال المثقلة بمكالمات غير ضرورية، إلا أنها ستفتح أبواب الخير والبركة لمرسليها الذين سينسونها؛ ولن يشعروا بوجودها في فاتورتهم الشهرية؛ وسيذكرها الله وينميها، ولعلها تكون سببًا في وقايتهم من النار.

أسهمت تبرعات الرسائل لجمعية «كِلنا» في إجراء أكثر من 200 ألف جلسة غسيل دموي خلال العامين الماضيين، وهو خير فضيل مَنَّ الله به على المتبرعين قبل المستفيدين.

روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة، فبكلمة طيبة».

عشرة ريالات بالرغم من قلتها، قد تسبق في بركتها مئات الألوف، وهي باب خير لقليلي الدخل، أو حتى من لا يجد ما ينفقه على المحتاجين.

جاء في الحديث الشريف: «سبق درهم مائة ألف. قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير، فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق بها».

رسالة واحدة قد تدفع عن مرسلها البلاء، وتفتح له أبواب الرزق، والخير والبركة، في الدنيا والآخرة. قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.. طهور إن شاء الله.

روي عن الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، قوله: (ما من مسلم يصيبه أذى، مرض فما سواه، إلا حط الله له سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها).

نحمد الله على سلامة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، ونسأله تعالى أن يمنّ عليه بالشفاء العاجل وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية، وأن يُعجل في عودته سالمًا معافى إلى أرض الوطن، إنه سميع مجيب.



f.albuainain@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد