Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/08/2010 G Issue 13841
السبت 11 رمضان 1431   العدد  13841
 

المشهد الثقافي والأدبي عن رحيل القصيبي: فقدنا وزيراً وإدارياً وأديباً استثنائياً

 

الجزيرة - صالح الخزمري:

عبر عدد من المثقفين والإعلاميين والشعراء والمفكرين عن حزنهم العميق لوفاة معالي الدكتور غازي القصيبي الذي انتقل على جوار ربه عن عمر يناهز السبعين عاما بعد صراع مع المرض.

وقد نوَّه الجميع بمواهب الراحل المتعددة فهو إضافة إلى كونه رجل دولة من الطراز الفريد فهو أديب وشاعر وروائي وفوق هذا وذاك وطنيته التي لا حدود لها والتي تجلّت في إبداعاته في كل المواقع التي أسندها ولاة الأمر إليه:

بداية يعبر د. عبدالله با شراحيل - الشاعر المعروف - عن حزنه لهذا المصاب ويقول:

إن المصيبة كبيرة والفقد عظيم فالدكتور غازي القصيبي أحد أعمدة الشعر والأدب والسياسة في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية وعلى المستوى الدولي وإن هذا الفقد ترك آثاره الجمة علينا وترك فراغا سيضل أبد الدهر لأحد الرواد الذين نذروا أنفسهم للشعر والأدب ذائدين بما آتاهم الله من سعة الإلهام عن حياض اللغة ومقدمين إبداعا سوف يظل أبد الدهر شاهدا لهم لا عليهم.

رحم الله الأديب الشاعر غازي القصيبي وأسكنه فسيح جناته وعوض الأدب والأدباء والشعراء خيرا (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

- ويشاطره في الحديث عن الراحل الإعلامي الكبير د. بدر كريم ويقول:

كنت مع «الوزير المرافق»

فرغت من كتابة هذا المقال، قبل ساعات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة من علمي بوفاة شاعر وراوٍ سعودي عملاق هو: غازي عبدالرحمن القصيبي، وحينما رغبت نشره، آثرت أن يكون كما هو، سائلا الله له الرحمة، والمغفرة. وهذا نص ما كتبت:

إذا كان غازي القصيبي (الوزير المرافق) فقد كنت مرافقا ل»الوزير المرافق» أقرأ موهبته المبكرة، في ذاته الحاضرة، وحضوره المختلف عليه، واختلاف الحضور حوله، وهو حضور وجداني، وعقلي، هما بمثابة تتويج لتفكيره الذاتي.

أسوق هذه المقدمة، وقد فرغت لتوي من قراءة كتابه (الوزير المرافق) تلقيته إهداء من الابن «فيصل بن عبدالرحمن الشثري» فعكفت على قراءته، في مقاربة لمنهج مؤلفه، وأنا أتساءل: هل عالج الرجل مرافقته لبعض الشخصيات العالمية، من منظور البنيوية، التاريخية، والأيديولوجية؟ أم استبعدها، وجعل منها قضايا نظرية، متداخلة، ومتشابكة؟

من هذا المنظور أقدمتُ على قراءة الكتاب، غير متخلٍ عن استكناه البعد السيكولوجي (النفسي) للرجل، وقد شعرت أنه تعامل معه بوصفه بعدا مستقلا، ولحظة متميزة من لحظات التحليل، التي ميزته وهو يعالج في كتابه ثلاثة قضايا: بنيوية، وتحليل تاريخي، وطرح أيديولوجي. أعني ذلك

التراث الإنساني، الذي لا يمكن التوصل إلى النموذج المناسب له، إلا من خلال حوار حميم، وعلاقة عميقة، ونزيهة، وهو ما نبه إليه المفكر العربي الكبير (محمد عابد الجابري رحمه الله) في كتابه «نحن والتراث».

جمع «غازي القصيبي» بين دفتي كتابه (الوزير المرافق) ما يجعل القارئ ينصت لمواقف جمة، يراجعها بالبحث في مرجعياتها المعرفية، لأن الأمر أولا وأخيرا يتعلق بزعماء لهم مواقفهم الأيديولوجية، يُنْصت الناس لهم أحيانا، ويُحجمون عن الإنصات لهم أحيانا أخرى، والناس الفطنون يميزون عادة بين الزبد الذي يذهب «جفاء» وبين «ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» وفي كلتا الحالتين فإن «غازي» رصد مواقف، وحللها، وربطها بمتغيرات محلية ودولية، وحدد مفاهيمها، في بنية معرفية خاصة، وقدم هذه المواقف بصورة توحي بأن مفهوم الزعامة، يعود إلى أصله أحيانا، ولا يتجاوز الزعيم أحيانا أخرى، وليس هناك ما هو أكثر إثارة لسوء التفاهم، وظهور المشكلات، من عدم تحديد المفاهيم.

من يقرأ كتاب غازي القصيبي (الوزير المرافق) يدرك أن هناك اختلافا، في مفاهيم من رافقهم بوصفه مفكرا سعوديا، له مرجعية لغوية معرفية واحدة، لا تحتاج لأن تعيد النظر فيها، أو تعيد التفكير في مضامينها.

- وتحت عنوان: (القصيبي زهرة الشعر الأجمل) يعبر جمعان بن علي الكرت نائب رئيس نادي الباحة الأدبي عن مكانة الراحل بقوله:

ها هي الأيام تقطف زهرة الشعر الأجمل، تُغيب أحد أبرز الشعراء المجيدين الحاليين وهو الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي صاحب الوزارة والإدارة، السياسة والرواية والقانون. إن كتب شعرا فتأسرك جماليات قصائده، رقة في الكلمات، وقوة في المعاني، وجودة في البلاغة، وإن كتب نثرا تصبح الكلمات لديه لدنة مطواعة، يحيلها بمهارة الصائغ وحذاقة الفنان إلى عقود من اللؤلؤ، تبهر البصر، وتتغلغل في الوجدان، الناس أحبوه وزيرا وشاعرا، والأدباء أحبوه روائيا متميزا، والقراء أحبوه كاتبا متألقا، تتماهى قصائده بين طيفين أو حالتين إحداهما تأتي وكأنها حد الموس، فقصيدة الشهيد كانت بمثابة طلقة المدفع، إذ زعزع النفوس السادرة في الظلم، المتبلدة الإحساس في المشاعر، أما دواوينه كأنها عرائس من الورود تضمخ الأنوف بأريج العطر، يشتمّها القارئ من خلال التعمق في معرفة القوة البيانية، لتنطبع كأحلى القصائد في الذاكرة، ولرواياته السردية الذيوع والشهرة خصوصا (العصفورية وشقة الحرية)، إذ تنم عن عبقرية فذة وموهبة نادرة، قلما تتوفر في غيره، يتلمس الحالات الاجتماعية ويحيلها إلى أعمال إبداعية، عشنا أياما في إحدى الرمضانات نطالع (أبو شلاخ البرمائي) وكانت الحلقات تلامس الجانب الحسي لدى المشاهد العربي، يسعى القصيبي من خلال رؤيته التحرر من أغلال التخلف وقيود الجمود إلى رحابة العلم وآفاق المعرفة.

تأسرني مقالاته خصوصا تلك السلسلة التي عنونها (بعين الصحراء) كتبها بحبر قلبه في صفحات الشرق الأوسط أثناء حرب الخليج الثانية، ويثبت أن للقلم مكانة قوية تشابه المدفعية أو الطائرة تصيب الأعداء.

القصيبي صاحب المواهب المتعددة رحل من الدنيا.. ندعو الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

- في حين يعبر عن هذا الفقد وبأسلوب أدبي يلائم مكانة الراحل الأستاذ: محمد علي قدس - القاص المعروف وأمين سر نادي جدة الأدبي السابق:

حين يسترسل الموت في وريد القصيدة

أحس بالرعشة تعتريني

والموت يسترسل في وتيني

وموجة الإغماء تحتويني

فقربي مني ولامسيني

وقبل أن أرقد حدثيني

وهكذا يرقد في نومته الأخيرة الشاعر الذي ملأ الدنيا بصوت قصائده، وكأنه بهذه الأبيات التي كتبها في سنوات عطائه الإبداعي الأولى، وما ظننا أنها تصلح لتعبر عن خاتمة هذه المسيرة المضنية في كفاحه مع الكلمة ووهجه الفكري وإشراقاته ومفازاته الإبداعية.

غازي القصيبي، اسم له رونقه وتألقه في تاريخنا الفكري والثقافي والوطني، نحتار ونحن نشرع في بري أقلامنا للكتابة عنه، أو الحديث عن تاريخ عطائه الفكري والإبداعي، ومن أي وجه تناولنا، وبأي خيط من خيوط نسيجه أخذنا، نجد ما يثرينا في الحديث عنه، وهناك وجوه متعددة في شخصية غازي القصيبي، كل وجه يغنيك ويغريك للكتابة عنه بإسهاب، فهو الشاعر المبدع والروائي المجازف، بحيث ترك بصمته المتميزة، لمرحلة متطورة في إبداعتنا السردية، والأكاديمي الواعي المنفتح، والإداري المجدد والذي يصنع التغيير من أجل الإصلاح، ومسؤول في وزارته وسفارته كغازي القصيبي، يندر في أيامنا هذه أن نجد من يحل مكانه ويأخذ مقعده. ظهر اسمه مؤخرا - وهو الاسم الذي لا يغيب عن بالنا - بعد صدور قرار وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة برفع الحظر عن إنتاجه وإبداعه، القرار المنصف، لمبدع ومفكر كالقصيبي، اتخذه عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، وقلت إنه قرار الشاعر المبدع الدكتور الخوجة؛ حيث وجد أنه من الظلم أن يتم حظر إبداع له حضوره القوي ويمثل مرحلة من أهم مراحل عطائنا الفكر:

سأصب في سمع الرياح قصائدي

لا أرتجي غنما ولا أتكسب

وأصوغ في شفة السراب ملاحمي

إن السراب مع الكرامة يشرب

للدكتور غازي القصيبي رحمه الله دواوين شعرية، بدأها بمعركة شعرية خاضها بلا راية ثم بأشعار من جزيرة اللؤلؤ في حديقة الغروب، قصائد وأشعار القصيبي تمثل حقبة متميزة في الأدب السعودي وإبداعه الشعري، أما رواياته وإبداعاته السردية، فقد فتح بجرأة شقة الحرية، وفي متاهات العصفورية، وختمها بأبو شلاخ البرمائي وسعادة السفير، وقد أحدثت تلك الأعمال ضجة فور صدورها، اختلف القراء والنقاد حولها من حيث جرأتها وشفافيتها، وكانت للرقيب نظرته القاصرة، فتم حظر توزيع أعمال القصيبي السردية في مكتبات المملكة، وهي بحق أعمال إذا قيست من حيث الجرأة وكشف المستور، بروايات أخرى ظهرت فيما بعد لا يمكن أن تكون في نفس المستوى، فهي لم تكن بنفس الجرأة المكروهة التي تثير اشمئزاز الكثير من النقاد والقراء. ومن الخطأ أن تعتبر كغيرها من بعض الأعمال، التي بنت إبداعها وفنياتها على تجاوز الخطوط الحمراء والبوح الصريح والجرئ، وما كان لها أن تنشأ إلا خارج الحدود، ولا يحبذ البعض تطبيق نفس القرار بشأن رفع الحظر عنها مساواة بأعمال القصيبي، رغم قناعتهم بعدم جدوى الحظر والوصاية على الإبداع، فللقصيبي معاييره الأخلاقية والأدبية، ما يسمو بإبداعه شعرا كان أو نثرا.

- الشاعر وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى د. صالح الزهراني يعتبر أنالحديث عن غازي القصيبي حديث مفعم بالدهشة، ومثير للشفقة في آن واحد. فغازي القصيبي لو كان في مجتمع يحتفي بالمبدعين وصناع الحياة لكان له وضع آخر. فهو رجل استثنائي بكل معاني الكلمة. فارس في زمن الهزائم، تكلم حين صمت الناس، وشارك في بناء منجزات وطنية خالدة وأهمها الكهرباء التي وصلت في وزارته كل قرية في جهات الوطن. وجهاده لنصرة الشباب السعودي الذي يعاني من البطالة في وزارة العمل، وصراحته على مجابهة الظلم والاستكبار العالمي حين كان سفيرا بمواقفه وقصيدته الشهيرة في شهداء غزة. وقدرته على استشعار ما يحدث اليوم من انقلاب على ثقافة التدين، وتحذيره من تجاوزات بعض شباب الصحوة الذين أصبحوا طعاما لتجار الحروب وطعما للإرهاب.

الدهشة تتملكني من جلد هذا الرجل على الإبداع، فهو أستاذ جامعي وسفير ووزير ومع هذا شاعر وروائي مبدع، وكاتب يملك القدرة على التحليل والتحليق بدقة العالم وخيال الفنان. والشفقة تتلبسني من حال المبدع في بلادنا الذي كتب عليه أن يظل وحيدا خارج السرب، فكثير من كتب غازي لم يسمح لها بدخول البلد إلا بعد أن استعد للرحيل، وكأن قدره ألا يجتمع مع إبداعه في وطن واحد.

لقد كانت قصيدة رحلة الغروب سيمفونية الصحراء بامتياز، فكلما قرأت هذه القصيدة دمعت عيني، وتذكرت قدر سفر من العطاء، وعاما من الجهاد وحوار النار والكبريت.

خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ

أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟

أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت

إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟

أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا

يحاورونك بالكبريتِ والنارِ

القصيبي إن رحل فإنه مقيم في قلوبنا لأن الذين عاشوا للناس سيبقون في ذاكرة الناس، لقد كان شمسا مضيئة في سمائنا، وستبقى أشعتها تغمرنا صباح مساء، ولذلك لن نرثيه، فقد قال الجواهري يوما ما: ما للشموس النيرات رثاء.

رحمك الله يا أبا يارا، وأسكنك فسيح جناته، وأبدلك دارا خيرا من دارك، وأهلا خيرا من أهلك، لقد كنت الفارس في زمن الهزائم، والمبدع الأصيل في زمن ثقافة إعادة التعليب، ويكفي أنك كنت كنخيل الوطن تموت وهي واقفة.

ألم تقل:

أجل نحن الحجاز ونحن نجد

هنا مجد لنا وهناك مجد

ونحن جزيرة العرب افتداها

ويفديها غطارفة وأسد

جزيرة العرب ستقول لأبنائها وبناتها، غازي مواطن سعودي لم يكن رجلا عابرا في مكان عابر، كان صوت الناس، وإرادة المبدع، وجمال الإنسان، ورحيق الصحراء، لقد علمتها حين يسألها الناس عنك أن تقول:

إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني

بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار

وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه

وكان يحمل في أضلاعهِ داري

وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً

لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ

د. زيد الفضيل الكاتب والباحث المعروف:

قال إن معالي الدكتور غازي القصيبي يمثل أحد ركائز المجتمع السياسي خلال الفترة المعاصرة، فهو الأديب الشاعر، والإداري المميز، والسياسي البارع، والوزير الفذ، يمكن القول إجمالا أنه كان أشخاصا متعددة متنوعة في شخص واحد، وهذه نعمة يصعب تحققها خلال الوقت الراهن، ولهذا فقد مثل بوفاته خسارة فادحة، كما مثل بحياته مكسبا كبيرا لمجتمعنا بوجه عام. رحمك الله أيها الإنسان الفريد في حياتك، فقد كنت ماهرا في صنع الأشياء، وعظيما في بث روح التفاعل الإيجابي بين أهلك ومواطنيك، ومثلت بشفافيتك وتفانيك وإخلاصك النموذج الذي يتم الاقتداء به، ويتحدث عنه السيارة حين يتذكرون مسيرة حياتهم. لقد شكل الوزير الأديب لبنة أساسية في ذهنية المجتمع السعودي خلال مشواره الحياتي، فهو الأديب الروائي المتميز، وهو الشاعر المبدع، وهو الوزير الناجح، وهو السياسي البارع، وهو أحد أعمدة التطوير والإصلاح في حركة بناء الدولة خلال مختلف العهود الكريمة، لهذا كان جزءا من ذاكرة أمة عشقت ترديد حكاياته ورواياته وقصائده، لكونه كان شفافا معها في أحاديثه، واضحا أمامها في تحقيق غاياته، بسيطا في أداء وظيفته، إذ لم يحتج إلى اصطناع المعاذير والتمترس خلف لائحة من الحجج الواهية، حين أدائه الوظيفي بوجه عام، وهو ما نحن بأمس الحاجة إليه حتى نصنع مجتمعنا الذي نتمناه ونأمله، وحتى نكون في مصاف الدول المتقدمة بإذن الله. ولم يقتصر جهده على ذلك وحسب، بل كان له الدور الكبير في تأجيج التفاعل الوطني الإيجابي بين ربوع المواطنين حين تعرض الوطن في لحظة ماضية إلى حالة من الهجوم الغير مبرر، فكانت كلماته خير مدافع، وكانت آرائه وأقواله أقوى حجة في مواجهة كل الأباطيل التي كانت تردد، ولن ينسى أهله تلك الكلمات الخالدة التي صدح بها الصغير قبل الكبير، والمرأة مع الرجل، والفرد مع الجماعة، قائلين بأعلى صوتهم لكل من رام بلادنا سوءا «أجل نحن الحجاز ونحن نجد، هنا مجد لنا وهناك مجد»، فرحمة الله تغشاك أيها الإنسان الأديب والوزير الأريب، وعزاؤنا أن ذكرك باق بيننا ما دامت صحائفك تترى بين أيدينا، والحمد لله رب العالمين.

- في حين يعبر الكاتب فاروق با سلامة بمشاعره الصادقة مشيدا بما قدم الراحل يقول عنه:

هذا الأديب والشاعر المفكر د. غازي القصيبي الذي رحل عنا بعد كفاح في العمل السياسي والعملي والاجتماعي والصناعي فقد جمع رحمه الله عناصر كثيرة ورموزا أخرى في العمل الحياتي.

فهو في السياسة رجل مكافح وفي الأدب والشعر والقصة مثقف كبير بهذه وسواها من الصفات التي تحلى بها رحمه الله حتى أصبح ملء العين والبصر ليس في المملكة فحسب بل حتى خارجها كذلك فقد عمل في الوزارات المختلفة والسفارات المتعددة خارج المملكة، وكان قاب قوسين من أن يصبح أمينا عاما لليونسكو في باريس ولكن للأسف الشديد لم يحظ بذلك ليس لنقص في العمل والثقافة ولكن هي إرادة الله وإلا لو عمل في هذا المنصب لأبدع كثيرا كما أبدع في سواها من الأمور الثقافية والأدبية فقد كان هو الرجل الذي يقول ها أنذا.

خدم بلاده كثيرا في الصحة والصناعة والكهرباء وهي أمور ليست بهينة فهي إنجازات قام بها رحمه الله، وإذا قلنا في عالم الشعر فهو ذلك المبرز وفي الرواية فهو الروائي الكبير والشاعر الأكبر وفي عالم السياسة كذلك هذا الرجل العظيم فقد فقدنا برحيله سياسيا ومفكرا وأديبا.

- الأديب والناقد حسين با فقيه يعتبر أن غازي القصيبي حدث مهم في الحياة السعودية سواء تحدثنا عن الرجل بصفته وزيرا ورجل دولة فكل الأعمال التي نهض بها منذ أن حصل على الدكتوراه وعمل في مواقع مختلفة وكان منذ شبابه المبكر مفاوضا في الأحداث بين المملكة واليمن وحينما أصبح رئيسا لسكة الحديد وعميدا لكلية التجارة أصبح من أشهر الوزراء في الوزارة التي لا تنسى وهي وزارة الدكاتره وكان رحمه الله في الخامسة والثلاثين من عمره فكان في ريعان الشباب وزيرا للصناعة والكهرباء وأدى خدمات جليلة للبلد نحصد ثمارها الآن.

لقد خطط لكي تصل الكهرباء إلى منزل كل سعودي وكانت المهمة التي نهض بها صعبة. بلا شك أن نجوميته قد تحولت إلى أسطورة فكل الناس كانوا يعرفونه ورويت عنه حكايات حقيقية تعبر عن الأثر الذي تركه في حياة كثير من الناس وكانوا يتحدثون عن ذلك الرجل الذي يدخل خفية إلى المستوصفات والمستشفيات لكي يراقب أحوال تلك المنشأة، وحتى في وزارة العمل كان كذلك.

د. غازي أحدث هزة غير عادية في العمل الإداري وأصبح أنموذجا وخاصة بعد أن أصدر كتابه في الإدارة الذي يمكن أن نقرأه بروح أدبية أو بصفته أنموذجا فذاً للمسئول أو للوزير الذي يقدم عصارة فكره لكل من يرغب أن يكون عمله مميزا.

كان الأمر كذلك متميزا حتى في عمله الدبلوماسي فقد كان سفيرا مختلفا وقد حول ديون السفارة سواء في البحرين أو في بريطانيا إلى ملتقى سعودي وعربي وعالمي لكي يلتقوا بالأدباء والمثقفين. وكان في كل أطوار حياته مبدعا، استمر مدة إقامته في بريطانيا فكان يخرج لنا روايات وعندما أخرج كانت حدثا بما فيها من جرأة واستطاع أن يخرج من عباءته كل الروائيين من بعده.

وكذلك في مسيرته الشعرية استطاع أن يكسب كل الأطياف وقد أرضى كل الأطياف. وقد كان في يوم من الأيام من الذين واجهوا حملات شديدة من التيار المحافظ ولم يركن لهم وإنما واجه الفكرة بالفكرة وأصدر كتابه «حتى لا تكون فتنة» فهو منذ فترة مبكرة جرب الوسائل لمحاجة التيار المحافظ وكان كتابه آنف الذكر في غاية الأهمية.

د. غازي رزق في أدبه وكتبه الذيوع والرضا والقبول وهذا أقل ما تحقق ولا يقول أحد أن السبب في ذلك كونه وزيرا فما أكثر الوزراء لكنهم لم يحظوا بما حظي به.

ويمكننا التامل في كل ما كتبه مثلا: كلفورنيا، نجد أنه يعيدنا لشبابه وكتابه: المواسم، يشعرك بحزنه.

د. غازي عالم كبير من الأفكار ومن التناقضات وكان معنا في كل مرحلة: سعوديا حينما يكتب عن آمالنا ثم تحول لكي يكون عربيا فكتب ما لم يستطع غيره كتابته فنحن نعرف ما الذي أحدثته قصائده وقد كان سفيرا لبلاده في بريطانيا وقد انتمى إلى الجماهير فاستطاع أن يحوز ليس رضا السعوديين فحسب وإنما رضا القراء العرب الذين وجدوا لذة في قراءة قصائده حتى وكأنه نزار آخر ولا غرابة فهو تلميذه.

إنه حياة ضخمة وحياته كبيرة أدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يبارك لنا في أدبه وفكره وإبداعه.

- أما الأستاذ أحمد عايل فقيهي - مدير التحرير بجريدة عكاظ والكاتب والشاعر - فإنه يعزينا بأن القصيبي لم يزل معنا من خلال عطاءاته ويقول عنه:

غازي القصيبي رجل لا ينطفئ بالنور يزداد حضوره كل يوم والاسم المضيء وكل مضيء لا ينطفئ.

إنه تاريخ من العمل الوطني والتنموي وهو أحد رموز الوطن الكبار أحد بناة التنمية وأحد أعلامها وعلاماتها وتجده الأول دائما في ما يعمل وما يقول وأحد الكفاءات والقدرات الوطنية النادرة والاستثنائية، مثقف من الطراز الرفيع وإداري ناجح ومبدع خلاق، أحد المجددين في القصيدة على مستوى الخليج والجزيرة العربية بدءا من دواوينه: أشعار من جزر اللؤلؤ ومعركة بلا راية وصولا إلى: أنت الرياض، والحمى، والعودة إلى الأماكن القديمة وتكمن أهمية الراحل في تدشينه للعمل الروائي الجميل: شقة الحرية، وهي الرواية التي شكلت فاتحة الرواية السعودية الجديدة.

غازي شكل نموذجا للرجل الناجح الذي ينبغي أن يكون قدوة ومثالا لكل من يريد أن يكون ناجحا في حياته وليعلم الآخرون كيف يمكن أن يكون الإنسان في المقدمة دائما.

غازي هو القمة والقامة والقدوة اسم عصي على النسيان، يغيب جسدا في ما يزداد حضوره فكرا وثقافة وإبداعا ووطنية بما عمل لوطنه وأمته وبما كتب وأبدع وأجاد، إنه أحد المخلصين الكبار بوطنية عالية وأحد المبدعين الكبار بموهبة رفيعة وعميقة أيضا رحمه الله وعزائي لأسرته وللوطن أجمع

- في حين يعتبر الأستاذ أحمد الشدوي، الأديب والقاص، د. غازي يرحمه الله واحدا من رموز هذا الوطن صاحب نظرة ثاقبة وشجاعة نادرة سخر قلمه وشعره في خدمة وطنه وهو بطل الكلمة في حرب الخليج الأولى لم ولن ننسى في وجه العاصفة لن ننسى: «نعم نحن الحجاز ونحن نجد لنا مجد هنا وهناك مجد»، وقف في وجه الإرهاب وقد وصفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله بالشجاع وهو رائد في الإدارة وفي الدبلوماسية وقد كان واحدا من رواد التنمية في مراحلها الأولى وكتب فيها، وقد خاض معركة الكهرباء عندما قررت الدولة حفظها الله أن تخوضها ونجح فيها.

كتب في الرواية ففتح الباب للرواية السعودية وهو أول من تنبأ بمستقبل الروائي عبده خال نجد ذلك في ما كتبه على غلاف رواية: الموت يمر من هنا، أول عمل روائي لعبده خال وهو صاحب القصيدة المشهورة التي ألقاها أمام الملك فهد رحمه الله أثناء افتتاح جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين:

ما جئت من بلد ناء إلى بلد

بل جئت من كبد حرى على كبد

رحمه الله رحمة واسعة وشكرا لمعالي وزير الثقافة والإعلام على الفسح لكتبه.

- وبأسلوبه الرائع كروعة من فقدناه يعبر سعد البواردي عن شعوره لهذه الفجيعة بقوله:

غازي القصيبي ودعنا واستودعنا كل ما أعطاه لنا من قيمة ومن عطاء عملي وعلمي، هو بلا شك حصيلة حياة متكاملة وقد استطاع بقدرته أن يخترق الروتين وأن يطور حركة العمل وكان السفير الذي استطاع بحسه وبدبلوماسيته أن يعطي مدارك المسؤولية التي تتعامل مع الموقف بجدارة واقتدار. وكان أيضاً الشاعر المحلق الذي يختزل الصورة بأجمل ما تكون ويجسدها كحركة شعورية تختزل في وعائها كل ما يمكن أن يمنحها طاقة الحركة والحياة.

إن في إبداعاته الشعرية ما يمكن للقارئ أن يرى كيف جادت النقلة المبكرة من بداياته التي انبعثت من جزيرة اللؤلؤ (البحرين) وتحركت في فضاء واسع عبر دواوين عدة خاطب فيها العقل فأثرت وأثرت بما تمنحه من أبجديات ذات مضامين متعددة.

وكان الروائي الذي أمكن له بقدرة واقتدار أن يصوغ لنا رؤى حياته بشخوصها تتحدث عن واقع وعن وقائع هي مصدر كل واحد منا لخطئه وصوابه بأمله وألمه بطموحه وجنوحه.

هكذا أعطى لنا الحياة كما نعيشها وكما نحركها وأعطانا أيضا القدرة في أن نخاطب أنفسنا من خلال حواراته الروائية.

إننا بفقده نودع معلومة متكاملة هي بالنسبة إلينا فقد لشيء غال ونفيس أمكن بعطائه أن يملأ فراغنا حسيا ونفسيا ولكنه ودع، والعظماء العاملون الفاعلون لا يموتون وإنما يودعون، رحمه الله رحمة واسعة.

- أما الأستاذ سامي خميس - رئيس تحرير مجلة جدة - فإنه يعد القصيبي رحمه الله من الوزراء المميزين في مسيرة المملكة، ويقول: عرفته في منتصف الستينات الميلادية من خلال كلية التجارة في جامعة الرياض (الملك سعود حالياً) وأحببت هذا الرجل من خلال ما كان ينقل لي عنه حيث كنت في كلية الآداب قسم لغة إنجليزية.

تدرج في وظائف كثيرة وأبلى بلاء حسنا وكان من ضمن الذين أنتجوا في الوزارات والشواهد كثيرة.

كان رجل دولة بمعنى الكلمة ترك بصمات لا أحد يستطيع إنكارها هذا من الناحية العملية وهو شاعر وشاعر وشاعر وبخاصة في الوطنيات ومن أجمل ما كتب:

أجل نحن الحجاز ونحن نجد

هنا مجد لنا وهناك مجد

وعندما نتكلم عنه كإنسان، فقد كان سفيرا في بريطانيا وكان حريصا على قضاء حوائج السعوديين وبخاصة من يحتاج للعلاج فكان لا يتردد في مساعدتهم فالرجل يتمتع بحزمة إيجابيات، وكتابه: حياة في الإدارة يكفي وكلما أرى إنسان مبتدئ في حياته العملية أصر على إهدائه له.

ويشاء الله أن ينتقل إلى رحمة الله ونقرأ له كتاب: «الوزير المرافق» وفي الكتاب مواقف من خلال مرافقته لعدد من الزعماء.

ومما لا شك أننا افتقدنا رجلا ساهم بالكثير من جهده وعلمه في تنمية المملكة.

- الشاعر عبدالله الخشرمي يصف مكانة الراحل في نفوسنا بقوله:

تقاس معالم الفقد لأي إنسان بمقدار أثره الإيجابي في نفوس الناس وفي بصماته وأثره البناء على الوطن والقصيبي حقيقة هو نسيج وحدة وعلامة استثنائية في ضمير الوطن.

لم يكن فقط شخصية اجتماعية يرتاد المناسبات ويتلهف لحضورها وإنما سخر جهده لأدبه وإبداعه الذي يخدم قضية وطنه ثم سخر عقله الإداري النابه -رحمه الله- كاملا لخدمة هذا الكيان الكبير، ودائما أردد لو اختلفنا مع القصيبي على مستوى قامته الشعرية بين الجيدة والممتازة فلن نختلف قط على أنه الوطني بدرجة امتياز، وأكاد أجزم أن القصيبي لو أتيح في الماضي أن يكون للشعراء والمثقفين منبرا أو هيئة تجمعهم فإن القصيبي سيحتل المرتبة الأولى في عقل ووجدان هؤلاء وسيكون خير سفير ووزير وممثل لهم لدى قادة هذا البلد ولدى أروقة الحكومة لأنه الأنموذج الذي وإن تصارعت حوله الآراء إلا أنها لن تتصارع قط حول انتمائه وإخلاصه لوطنه ورسالته المستنيرة في بناء الإنسان بدءا من انتفاضته الصناعية الكبرى مرورا بتطهير الأورام التي كانت متفشية في وزارة الصحة وانتهاء بدخوله محرقة العمل والسعودة التي لا يستطيع أي فرد مهما بلغت درايته أن يخرج منها بسلام لكنه خرج منها إلى هذه الدنيا الفانية ومئات الألوف من الشباب السعوديين يحملون شارة النصر وهم يحتلون مواقعهم في القطاع الخاص ويقولون: هل من قصيبي جديد.

فله ما بقي من أعمارنا نذكره نموذجا فذاً أقال واستقال بالشعر وبنى وابتنى مجدا بالشعر وبالإدارة حصنا منيعا ومضيئا في وجداننا وعقلنا.

- أما الأديب والباحث: محمد القشعمي فقد كانت ذكرياته عن الراحل وحديثه عنه بحاجة إلى عدد مستقل ولولا ضيق الوقت لعرضنا كل ما يدور بخلده يقول القشعمي:

لا شك أن وفاة د. غازي القصيبي خسارة فادحة على الوطن الكبير وكنا نتابع حالته الصحية وتنقله للعلاج ما بين المملكة وأمريكا. ويقدر لجريدة «الجزيرة» طبع كتاب: الاستثناء فهو يعتبر وسام

للقصيبي مكانة في قلوب الجميع، لم نتقابل إلا في المناسبات الرسمية وكان أول لقاء في عام 1402هـ في الرياض في اجتماع جائزة الدولة التقديرية للأدب برئاسة سمو الأمير فيصل بن فهد رحمه الله وقابلته مرة أخرى عند افتتاح جسر الملك فهد وكان معي مما أذكر حمد القاضي ومحمد رضا نصر الله.

الراحل كان مهتما بجمعية المعاقين وكان يتابع بشغف ويسأل عن التفاصيل، ولا أنسى مواقفه الإنسانية فقد كان لي صديق يرغب في الدراسة في لندن فكتب له الأستاذ عبدالكريم الجهيمان توصية للوقوف بجانبه فجاءت رسالة رد من معاليه تؤكد وقوفه بجانب هذا الشخص.

كتبت له قبل سنتين أطلب منه معلومات عن والده فأرسل لي رسالة كلها ود واحترام ووعدني بالتجاوب وقبل فترة وجيزة كنت أسأل شقيقه إبراهيم عن صحته فكان يطمئننا وبعدها أرسل لي رحمه الله كتابه: «المواسم».

عن فقد القصيبي خسارة فادحة على الوطن بأكمله.

- الأستاذ محمد سعيد طيب والعبرة تخنقه لفقد الراحل يصفه بأنه كان متعدد المواهب ولم يكن شخصا عابرا في حياتنا ولا في دفتر الوطن ويضيف أتذكر يوم كان وزيرا للصحة طلبني في مكتبه وقال لي الكتاب مهم للمريض وهذه مستشفيات الوزارة بين يديك أسسوا مراكز لتوزيع الكتاب وفعلا شرعنا ولما رآنا جادين أسس مركزا للتوزيع في مستشفى الملك فهد بجدة وقال هذا مليون ريال اشتر كتبا ووزعها على المرضى هو رحمه الله السياسي والوزير والأديب والمفكر فهو خلطة رائعة، هو رجل ليس لديه مسودة فإذا أمسك القلم كتب مباشرة.

- ويصف الأستاذ: هشام كعكي - رئيس تحرير جريدة الندوة السابق - أعمال الراحل بقوله:

نجد أنه في كل الأعمال التي قام بها بجد طابع الإحسان والجودة وهذه المعايير لو طبقناها لوصلنا للقمة، قدم نموذجا مشرفا للمواطن السعودي وقدم ما يشرف للوطن. وتمنى أن ياخذ ما يستحقه من التكريم ويكون نموذجا للأجيال القادمة ولا بد للشباب أن يعلموا من هو هذا الرجل أي لا بد أن يخلد اسمه لجائزة كبرى أو أي شيء آخر فلا بد أن يعطى ما يستحق من التكريم بعد وفاته ولا بد أن نستخلص ما كان يقدم من أفكار للوطن ولا بد أن نستفيد منه بعد وفاته.

أما كتبه فهي من الشهرة بمكان ومنها: كتاب: حتى لا تكون فتنة وقد تحدث فيه عن مسألة التكفير وقدم نموذجا فكريا لا يستهان به، وكتاب: حياة في الإدارة فهو عالمي لو كتب باللغة الإنجليزية لكان له مكانة عالمية.

فهو نموذج غير عادي ومواطن مضيء عالمي الكفاءة ولا بد من استشراف رؤيته ووضعها أمام الشباب حتى يتحقق ما كان يتمنى أن يكون لدينا وطن مضيء بسواعد أبنائه ولا بد من تخليد ذكراه في مسابقة أو معلم لأنه خدم الوطن على مدى أربعين عاما.

- أما الشاعر د. بهاء عزي فيشيد بمواهب القصيبي المتعددة ويقول:

رحم الله غازي القصيبي فقد كان إداريا ناجحا وأديبا فذا وشاعرا جليلا وله مساهمات كثيرة سواء في الإدارة أو الشعر أو الأدب وفقده جلل علينا والرجل بيني وبينه معرفة أعرفه ويعرفني رحمه الله رحمة واسعة وألهم أهله الصبر والسلوان.

- ويعتبر الكاتب عبدالله فراج الشريف أن غازي القصيبي رحل جسدا عنا وسيبقى في ضمائرنا، ويضيف كما أن أثره باق في ما أنتجه في الإدارة وكل ما تولاه كان ناجحا فيها كلها وفي كل الوزارات يشهد له الناس بإخلاصه.

وكرجل مثقف تعددت مواهبه ما بين الشعر والرواية والقصة وما زلنا نذكر له في أزمة الخليج كلماته الجميلة.

لقد مضى ولن ننساه أبدا ونسأل الله له الرحمة وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان.

سيظل رمزا من رموز الوطن ولن يغيب عنا ساعة كل ما تلفتنا سنجده أمامنا في كل لحظة ولا أظن أن الوطن سينساه وستذكره الأجيال لأنه رجل مخلص لوطنه كان ينجز كل يوم عملا حتى في ساعات مرضه.

- ويسهب د. أيمن حبيب - مدير عام شركة المستقبل الإعلامية ومدير التحرير السابق بجريدة عكاظ - يسهب الحديث عن الراحل ويشيد بوقفات جريدة «الجزيرة» مع القصيبي حيا وميتا وقال: د. غازي شخصية لها علاقة بذاكرة كل إنسان سعودي. غازي القصيبي مجرد من كل الألقاب والصفات هو الآن بين يدي الله تعالى بين يدي خالقه يستحق منا أن نترحم عليه ونستغفر له خاصة وأن ميتته جاءت في هذا الشهر الفضيل وهي علامة خير إن شاء الله وقد تكون نتاج حبه لوطنه أو نتاج حبه لمجتمعه ولعمله أو نتاج حبه للكلمة والفكر والإبداع.

غازي منذ أن عرفته وهو عاشق متمسك بمحراب الكلمة وكانت له إضاءاته الثرية منذ أن كان طالبا. صحيح أنني لم أعاصره في هذه الحقبة ولكن أغلب معاصريه شهدوا بتميزه عندما كان طالبا في الولايات المتحدة الأمريكية وعندما عاد إلى الوطن في أروقة الجامعة كان أستاذا متميزا خدم في هذا المحراب الأكاديمي أفضل سنوات عمره عطاء ومشاركة متميزة وكانت له العديد من الإصدارات المهمة لكن يبقى لكل مرحلة اهتمام جديد يفاجئ أبناء مجتمعه فهو الذي تقلد وزارة الصناعة في حقبة مهمة كان توجهها لمضاهات التوجهات العالمية الحديثة فاستطاع أن يضع المملكة على خارطة الإنجاز الصناعي والدولة النفطية غير المعتمدة كليا على ثرواتها البترولية في تكريس تحالفات رائعة مع المستقبل تشيد صمام أمان عبر منجزاتنا الصناعية في الجبيل وينبع ومدن المملكة الصناعية الأخرى وتشأ الظروف أن يرتقي غازي ثقة أكبر لدى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله فيمنحه وساما آخر من المسؤولية عندما قلده وزارة الصحة على جانب وزارة الصناعة وأصبح الوزير الوحيد الذي يطلق عليه ذو الوزارتين.

ولم يكتفِ الملك فهد بهذا التقدير، بل قالها في محفل عام مشيدا به وبما قدم. رجل يحظى بهذا التقدير من قائد تاريخي لا شك أنه محل ثقة وتقدير واهتمام كبيرين ولا شك أنه يملك مقومات متميزة أهلته لكثير من أوجه التقدير فهو تارة يبدع في الإدارة وتارة يبدع في الدبلوماسية والسياسة وكنت أشهد عن كثب اهتماماته السياسية لدى حضوره مؤتمرات القمم العربية ضمن الوفود الرسمية المصاحبة لمليك البلاد وكان له بصمات مبدعة حتى عندما يعبر عن رأيه الشخصي فكان يرسم أو يكتب قصيدة يبدي فيها وجهة نظره فهذا هو غازي القصيبي الذي أنتج لنا إبداعا شعريا وروائيا ونثريا استطاع أن يزعزع به أعتى هجوم شنَّه الإعلام العراقي على المملكة في فترة أزمة الخليج وأخذ يحيك بقلمه وينسج أجمل الصور والعبارات وكان في تلك الفترة يشغل مقعدا دبلوماسياً في بريطانيا.

لا تستطيع الكلمات أن تفي هذا المفكر المبدع المسؤول والإداري حقه فهو بحاجة إلى أكثر من دراسة ودراسة معمقة لحالته الاستثنائية في مجتمع له منطلقاته وتوجهاته وله محدداته القيمية التي تعامل معها بذكاء واحترافية.

رحم الله معاليه الذي شكل شخصيته من نسيج وأنموذج وحدة هذا الوطن ليس فقط عبر أوبريت: أجل نحن الحجاز ونحن نجد، وإنما عبر تكوينه الأسري فهو من أعرق أسر المنطقة الشرقية وهو حجازي الأم وشرقي الأب ونجدي النشأة والعطاء.

- الأستاذة دلال عزيز ضياء - مديرة البرنامج الثاني بإذاعة جدة - تقول وبأسلوب راق:

غازي القصيبي ها قد وصل إلى الميناء الأخير، ها قد استقر البحار بعيدا عن عناء العواصف ومصارعة الأمواج، ومحاربة الوجوه ذات الأقنعة الملونة وملاحقة سراق الحلم من عيون البسطاء فلتسترح أيها الملاح أيها الفارس أيها العملاق أيها النبيل ووداعا لشراعك وهو ينزوي ملتاعا عليك وداعا لراياتك البيضاء اليوم وأصداف خليجك الأثير تبكيك.

نقول لك ستبقى نقطة ناصعة البياض في قلوبنا وذاكرتنا وداعا أبا سهيل.

- الأستاذ عبدالله خياط - الكاتب المعروف - يصف الراحل بأنه كان متفوقا في كل شيء في الأعمال الإدارية وفي الشعر والمقالة فمن يقرأ كتابه حياة في الإدارة يجد أن فيه نهجا لكل إداري ناجح إضافة إلى كونه قدمه بأسلوب أدبي راق، وأما شعره فيكفي ما قاله في الوطن فهو من الروعة بمكان ورواياته لا شك أنها هي الأخرى لقيت انتشارا بين القراء.

ويضيف القصيبي في كل المواقع التي عمل فيها سواء في الوزارات أو في السفارات كان ناجحا ومرد ذلك كله بعد توفيق الله وطنيته التي لا حدود لها فقد خدم وطنه وتفانى في خدمته وذلك شأن العظماء الذين تخلدهم أعماله ويكفى أنه نال ثقة ولاة الأمر في المملكة في أكثر من موقع.

كان شخصية غير عادية والمؤكد أن يعرفه ومن لا يعرفه قد حزن لفقده ورغم إيماننا بأن الموت حق ونؤكد بأن اسمه سيبقى خالدا.

- الإعلامي السابق جميل سمان يقول والحزن يكاد يكتم أنفاسه:

لقد ترك الراحل محبة كبيرة في نفوس الناس غير مكانته الأدبية ومكانته في الدولة وكان يملأ مركزه في كل الأماكن التي عمل فيها.

التقيت به في عام 1402هـ عندما كنت في الرياض وكان وقتها وزيراً للصحة بالإضافة إلى كونه وزيرا للصناعة والكهرباء ثم التقيت به عدة مرات في لقاءت إذاعية وتلفزيونية وكانت أياما لا تنسى وكنا نستفيد منه في أسلوبه في إدارة الأعمال في كلا الوزارتين وكنت أتابعه من خلال ما ينشر من قصائد وما يطبع له من كتب وأقتني ما لا يقل عن عشرين كتابا من كتبه.

إنه بحق رجل متعدد المواهب ورجل استثنائي وعبقري في كل مجالات الحياة والعمل، حقيقة كنت أستفيد كثيرا وخاصة من كتابه: حياة في الإدارة رحمه الله رحمة واسعة، سيبقى خالدا في أذهاننا لا ينسى وكتبه في ذاكرتنا وستبقى كتبه في أيدينا وبرأيي أنه يستحق على أعماله الرائعة جائزة نزبل للأدب.

- د. سحمي الهاجري - عضو النادي الأدبي بجدة يعتبر أن الراحل كان ظاهرة أدبية وثقافية وتنويرية وحضارية مثلت نهضة هذه البلاد وعبرت عن تطلعاتها المستقبلية وأنتجت خطابا قاعدته محلية بعد أن كان الواقع المحلي مجالا لنظر الآخرين.

- الشاعر د. حمزة الشريف تمنى أن يسعفه الوقت ليرثي القصيبي شعرا في القريب وقال:

فجعت الأوساط الأدبية والاجتماعية وثرى هذا الوطن بنبأ وفاة صاحب المعالي د. غازي القصيبي، هذا الرمز من رموز بلادنا الحبيبة فقد تقلد مناصب رحمه الله وزارية في الصحة والمياه والكهرباء والعمل والشؤون الاجتماعية وكانت له إسهامات أدبية مهمة إبان حرب الخليج مدافعا عن وطنه وقيادة وطنه ولا غرابة في ذلك فإن الرجل طراز نادر من الرجال.

كان للراحل رحمه الله بصمة واضحة في المجال الأدبي نثرا وشعرا وخطابة ولن تنسى هذه البلاد وقيادتها ومواطنوها شخصية د. غازي لمواقفه المشرفة في خدمة وطنه ومواطنيه وستبقى هذه الشخصية راسخة في ذاكرة الأيام.

رحم الله الأديب رجل السياسة والاجتماع معالي د. غازي القصيبي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

- أما الأديب والقاص: محمد المنصور الشقحاء فيقول:

لا شك أن للراحل أثره الثقافي وأثره السياسي وقد أضاف للمكتبة السعودية والمكتبة العربية كتبا في غاية الروعة فلا تكاد تذكر الإدارة إلا ويذكر كتابه الشهير: حياة في الإدارة.

الجميع بلا أدنى شك يشيد بما حققه الراحل للوطن في كل الحقول التي عمل فيها حيث كان الإخلاص ديدنه والوطن فوق كل اعتبار. لقد كسب الراحل محبة الناس وليس ذلك من فراغ وإنما مما حقق من إنجازات ستظل شاهده على وفائه لوطنه.

أما محبي الكلمة فقد عاشوا أياما جميلة مع شعره ونثره فهو بحق مبدع أينما حل نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء عما قدم لوطنه وأمته وأن يسكنه فسيح جناته.

- الأستاذ سعود الشيخي - مدير فرع وزارة الثقافة والإعلام بمنطقة مكة المكرمة - يصف معاليه بأنه علامة بارزة في سماء الوطن ونموذج مشرف للمواطن السعودي الناجح فهو الوزير المثقف الأديب السياسي المحنك وقد جمع المجد من أطرافه.

ويضيف الشيخي لقد كان للنجاحات التي حققها معاليه رحمه الله الأثر الطيب في نفوس الناس وتحديدا ما حققه في مجال الصحة والكهرباء حيث كان بحق أهلا للثقة.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد